الأزمة في لبنان متواصلة
تاريخ النشر : 2019-10-22 15:26

إنتهت مساء يوم أمس (الإثنين الموافق 21 تشرين اول/ إكتوبر 2019) مهلة سعد الحريري، رئيس الحكومة اللبنانية ال72 ساعة لحلفائه في الحكومة، ولكن بعد ان إستقالت ريا الحسن، وزيرة الداخلية، ووزراء القوات اللبنانية الأربعة، وإنفراط خيط المسبحة الحكومية. ومع ذلك عقدت الحكومة إجتماعها الوزاري بمن حضر في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية، الجنرال ميشال عون. وفي أعقاب الإجتماع أعلن الحريري الإبن عن مجموع القرارات ال 17، التي تبنتها الحكومة، ولم تتضمن تلك النقاط أي تغيير في بنية الحكومة، ولم يتخلى الرئيس سعد عن اي من وزرائه بمن فيهم من تورط في فرض ضريبة الوتساب وشركائه. وهو ما يعني ان هناك تجاهل لأحد المطالب الأولى والأساسية للمتظاهرين اللبنانيين، الذين طالبوا بإقالة الحكومة كلها، وتشكيل حكومة مصغرة.

ويبدو ان الرئيس عون ورئيس حكومته ومعهم رئيس مجلس النواب، وحزب الله من خلف ستار إعتقدوا انهم من خلال الإعلان عن قراراتهم ال17 الشكلية يمكنهم ان يلتفوا على مطالب الشعب اللبناني. ولكنهم فوجئوا بموقف شعبي منظم وناضج وأكثر تبلورا، والذي تجلى برفض الجمهور اللبناني في ساحات بيروت (رياض الصلح والشهداء) وساحة النور في طرابلس، وفي ساحات وميادين صيدا وصور وبعلبك وجونية وذوق مكايل والجبل وحيثما وليت وجهك في لبنان لقرارات الحكومة، عندما رددت الجماهير بصوت واحد "رح نبقى .. رح نبقى"، و"ثورة .. ثورة" و"الشعب يريد إسقاط النظام"، وهو ما يشير إلى ان الوضع في الساحة اللبنانية إنتقل خطوة جديدة للإمام في مسار الصراع بين البنائين التحتي والفوقي، ولم يعد حتى اللحظة الراهنة، ووفق المؤشرات المعلنة من الميادين والساحات أن هناك إمكانية لردم الهوة بينهما، فالحاكم لا يستطيع الحكم، والمحكوم لا يقبل الحكم، ويطالب بتغييرات جدية، ورفع منسوب مطالباته إلى مستوى أبعد من لحظة إشتعال شرارة الحراك الشعبي قبل اربعة ايام خلت، ومنها:

اولا إستقالة الحكومة، وتعطيل مهام رئيس الجمهورية والبرلمان، وإجراء إنتخابات برلمانية مبكرة وفق قانون إنتخابي نسبي، قائم على نظام الدائرة الواحدة، ودون قيد طائفي. ثانيا تشكيل حكومة تكنوقراط  مؤقتة تتشكل من القضاة المشهود لهم بالنزاهة والكفاءة بعيدا عن النخبة السياسية الحالية. ثالثا تشكيل هيئة وطنية من قبل خبراء قانونيين لالغاء الطائفية السياسية في البلاد، وهو ما يعني عمليا صياغة مشروع دستور جديد. رابعا إخلاء كافة الأملاك البحرية والنهرية المنهوبة من قبل السياسيين فورا ومصادرتها . خامسا وقف دفع اية فوائد عن الدين العام للمصارف فورا، وإعلان إقتطاع 75% من ارباح المصارف إستثنائيا لمدة 3 سنوات لصالح خزينة الدولة للخروج من الأزمة. سادسا وقف رواتب النواب والوزراء والرساء الحاليين والسابقين.

سابعا إسقاط الأحكام عن كل الملاحقين بسبقب مشاركتهم.

ما تقدم يمثل برنامج سياسي لقيادة الحراك الشعبي، ويشير بشكل جلي، إلى ان الحراك بقدر ما كان عفويا، بقدر ما تمكنت بعض القوى المؤثرة والفاعلة من إلتقاط اللحظة السياسية، وشرعت بتنظيم الحراك الشعبي حتى لا يبقى اسير الإنفعالات العاطفية والإرتجالية، ونقلته خطوة متقدمة في قيادة معركة التصدي للفساد بشكل خاص ولبنية النظام السياسي الطائفي بشكل عام. وبالتالي الصراع في الساحة اللبنانية، الذي يتسم بالطابع السلمي، والشعارات السياسية الواقعية والجدية والجذرية، قد يصطدم بالقوى الطائفية والمذهبية وأمراء الحروب المتضرريين من المشهد، الذين سيحاولون خلال الساعات القادمة من تأجيج عوامل الفتنة في اوساط الجماهير من خلال مناصريهم، بعد ان فقدوا الأمل بإمكانية إسكات صوت الشعب، وإبقاء الحال على ما هو عليه لصالح اجنداتهم الخاصة.

وعليه فإن النخب السياسية والإجتماعية والثقافية والأكاديمية الإعلامية من مختلف الوان الطيف المشارك في الحراك الإنتباه لمخططات القوى المتضررة من حراكهم، والإستعداد لإية تطورات غير محمودة، ووضع السيناريوهات الواعية والهادفة للدفاع عن مصالح الشعب اللبناني العليا، وحماية المتظاهرين والمصالح العامة للدولة اللبنانية من الهدر والتخريب، وكذلك حماية المصالح الخاصة من المتربصين بمستقبل لبنان الحر والعنيد.