فقط تزرع ألغاماً!
تاريخ النشر : 2019-12-02 12:48

لغط كبير صاحب تناول بعض وسائل الاعلام العبرية لتسهيلات مزمع تقديمها الى قطاع غزة بغرض تحسين اوضاع السكان المعيشية, مقابل هدنة طويلة يتم التوافق عليها بين الاحتلال الصهيوني وحركة حماس, وتزامنت هذه الاخبار المتداولة, مع اللغط الكبير المثار حاليا حول المشفى الامريكي قيد الانشاء شمال قطاع غزة, فالحديث يدور عن ثلاثة مشاريع صناعية سيتم انشاؤها في القطاع للحد من نسبة الفقر والبطالة بين الغزيين والتي وصلت الى حدود كارثية, وتوفير فرص عمل لسكان قطاع غزة وتحسين الدخل, كما يجري الحديث عن مشروع رابع وهو محطة توليد الكهرباء التي ستوفر في الوقت نفسه الكهرباء للبلدات المحيطة بقطاع غزة، بالإضافة إلى مشروع محطة لتوليد الطاقة من النفايات، بحيث يتم نقل النفايات من غزة عبر حزام ناقل طويل إلى منشأة نفايات في «اسرائيل»، ويتم حرقها لتوليد الكهرباء وعودتها إلى قطاع غزة حسب ما يسوق الاعلام العبري, ولم يتوقف الحديث عند هذا, انما أعيد طرح موضوع الميناء العائم, وانشاء مطار جوي في قطاع غزة, وهذا كله في المجمل حقل ألغام تزرعه اسرائيل بيننا لإثارة المشكلات وتشتت الآراء.

لطالما تحدثت "اسرائيل" والعالم عن تحويل غزة الى «سنغافورة» وارتفاع متوسط الدخل للفرد الواحد الى حد كبير, وتوفير فرص عمل للفلسطينيين في الداخل والخارج اذا ما وقعوا على اتفاقية اوسلو, ووافقوا على معاهدة السلام مع هذا الكيان المجرم, واليوم وبعد مضي اكثر من خمسة وعشرين عاما على اتفاقية «السلام» المزعومة, فلننظر الى الحال الذي وصلنا اليه على المستوى الاقتصادي, فلدينا اكبر نسبة فقر وبطالة ربما في العالم كله, ولدينا بنية تحتية مهترئة , وقطاع غزة صنف من منظمات تعنى بالبيئة على انه لا يصلح للعيش, وان مياه القطاع غير صالحة للاستخدام الآدمي والحيواني, وقد حذرت الأمم المتحدة في تقرير سابق، من أن يصبح الشريط الساحلي الفلسطيني الضيق «غير صالح للحياة» بحلول عام 2020، وهذا بفضل مسيرة التسوية, والوعود الزائفة التي قدمها العالم للسلطة الفلسطينية لأجل اعترافها «بإسرائيل» وتقاسم الارض معها, وبهذا الاعتراف الرسمي للسلطة الفلسطينية خسرت كل شيء, فقد تنازلت عن حقوقها المشروعة وثوابت الشعب الفلسطيني, ولا تزال تعاني من ضنك العيش والفقر بفعل الاحتلال وتخلي العالم عنها.

«اسرائيل» مهمتها الآن زراعة الالغام, واستغلال حالة التناقض في الطرح السياسي بين السلطة والفصائل الفلسطينية, وهي تحاول اليوم اعادة الكرة وإغراءنا برغد العيش اذا ما وقعت حماس على اتفاق تهدئة طويل الامد, وهي تراهن على نسياننا لسياستها ووعودها الكاذبة, وتحرك الوسطاء للتدخل واقناع الفصائل بجدية الطرح الاسرائيلي, وكأن نضالنا على مدار السنوات كان من اجل تحسين الظروف الحياتية والمعيشية للفلسطينيين, وكأن كل هذه التضحيات التي قدمها شعبنا من اجل لقمة العيش فقط, وكأننا نسينا القدس وحيفا ويافا وعكا وصفد وتل الربيع وطبريا ورأس الناقورة وايلات وبنياس وغيرها من المدن الفلسطينية, لذلك يجب ان يدرك الاحتلال وبرسالة واضحة وصريحة من كل الفصائل الفلسطينية اننا نطالب بأرضنا ومقدساتنا وخيرات بلادنا, ولا نطالب بتحسين لقمة العيش, إن اصل نضالنا وتضحياتنا تحرير فلسطين من نهرها الى بحرها, ونحن على يقين ان غزة لن تهدأ طالما ان فيها «مقاومة» وصاروخ وقنبلة وطلقة رصاص, وسواعد رجال ابطال يصنعون المجد ويمتلكون سلاحهم بأيديهم, ويعرفون قيمة الوطن وقدره, وقيمة الوفاء للشهداء.