"هدنة" حماس ..."الطول زمنا والعرض توقيتا"!
تاريخ النشر : 2019-12-12 08:56

كتب حسن عصفور/ تعيش حركة "حماس" حالة من العشوائية الإعلامية لم يسبق لها مثيلا، منذ أن بدأت تعمل على صياغة "تفاهمات" سياسية مع الكيان الإسرائيلي، عبر وسطاء، دون أن تكشف عن مضمونها، وتتحدث عنها بطرق مرتبكة، مشوشة، وأحيانا مضللة.

حماس، التي بدأت كل الشواهد تؤكد أنها ترسخ معالم "كيانها الخاص" في غزة، ضمن توافق مع صفقة ترامب لتنفيذ المشروع التهويدي في الضفة والقدس وفصل القطاع، وأخذت تروج لتلك الفكرة، من خلال عدد من إعلامييها وكادرها، دون أن تعلن ذلك رسميا، ليس رفضا بل خوفا وتحسبا في المرحلة الراهنة، من اثارة غضب شعبي وطني يجبرها ان تلجأ للقوة المسلحة لمواجهته، ما يضعها في اختبار القوة أو البقاء.

سواء نفت قيادة حماس، موافقتها أو رغبتها بالسعي لإقامة "دولة غزة"، او لم تنفها، فالشواهد الواقعية تسير قدما نحوها، وأبرز تلك الوقائع ما يسمى "هدنة – تهدئة"، التي تمثل مفاوضاتها بذاتها تجسيدا لشكل "استقلالي" عن "الرسمية الفلسطينية"، بعيدا عن ابتعاد سلطة رام الله "الذاتي"، لكن آلية المسار التفاوضي ذاته، تفرض الحالة الانفصالية الكيانية، وذلك بوعي إسرائيلي كامل، وجهل فلسطيني كامل.

انتشر مؤخرا، ان المفاوضات غير المباشرة بين حماس وإسرائيل حول التهدئة، دخلت مرحلة جديدة، تفتح الباب لامتيازات مضافة على ارسال الأموال الخاصة، التي تسمح للحركة أن تدير أمرها بعيدا عن "أزمة مالية"، كتلك التي تعيشها سلطة رام الله، بالحديث عن "الجزيرة الصناعية"، التي تمثل مدينة كاملة تعتبر توسيعا عمليا لـ "دولة غزة"، بدلا من التوسع شرقا نحو السبع أو جنوبا نحو سيناء، جزيرة تشكل بوابة وممرا من غزة الى الخارج، يسمح لها بتبادل تجاري – اقتصادي مع الدول بضوابط الدولة.

ومع الجزيرة (توسعة القطاع الجديدة)، بدأت إسرائيل بإنشاء 6 مناطق صناعية داخل بلدات مقابلة لقطاع غزة، بحيث تكون مناطق عمل مشترك، وفتح باب جديد للتبادل الاقتصادي الخاص بين "غزة وتل أبيب" دون علاقة مركزية.

لو تم تدقيق مزيدا من البحث في تفاصيل حركة "التنسيق اليومي"، خاصة الأمنية منها، سنجد كما من الشواهد التي تعكس حضورا "كيانيا مستقلا" يتبلور بأسرع من الكلام"، ولكن لنترك ذلك ونقف أمام قضية مركزية تعترف بها حماس، وهي مسألة التفاهمات وما سينتج عنها من "هدنة – تهدئة".

بعيدا، عن سرية تلك "التفاهمات"، التي لم تنشر حتى ساعته، رغم الحديث عن "الشفافية"، التي تدعيها حركة حماس وآخرهم نائب رئيس الحركة في القطاع خليل الحية، عندما قال أنهم "شفافون جدا"، فيما يمارسون، هل لحماس أن تحدد زمن تلك الهدنة – التهدئة، هل هي أسبوع، شهر، سنة أم سنوات.

مدة الهدنة – التهدئة، مسألة ضرورية يجب أن يتم إعلانها، دون ان نكرر خطورتها كونها تتم بين فصيل وليس الممثل الرسمي الفلسطيني، لكن تحديد الزمن ضرورة، لمعرفة حقيقة الهدف والمآل السياسي لها، وأيضا من هو الطرف الذي يملك حق الغاء الاتفاق – التفاهمات، وكيف يتم ذلك وعلى أي أساس يمكن اعتبارها منتهية.

المسألة لها مستخرجات متعددة، افتراضا أن إسرائيل التزمت كليا وحرفيا، قناعة لترسيخ الانفصال، أو "خوفا ورعبا" من ترسانة حماس المسلحة، وقدرتها على تدمير مواقع استراتيجية إسرائيلية، فهل ستدوم "التهدئة" بالتوازي مع ذلك، ام ستقدم حماس على كسرها، رفضا لأن تتحول الى "واقع سياسي"....

قبل نفي وجود اتفاق على هدنة طويلة الأمد، لتعلن حماس شروطها لتلك التهدئة، مضمونا وزمنا، فتلك هي القضية، كي يقتنع المواطن قبل السياسي، انها لا تسير ضمن المخطط التهويدي لفصل القطاع واعلانه "دولة خاصة"، وقيادة الحركة تعلم جيدا جدا أنه مشروع قديم عرض عليها في نهاية عام 2006 خلال مفاوضات أوربية معها.
النفي الكلامي لا قيمة له حتى وهو محمل بأغلظ الإيمان، خاصة وتجربة القسم أمام الكعبة لصيانة الوحدة لا تزال حاضرة، حيث الانقلاب بعدها بأشهر لا أكثر.

حماس عليها ان تجيب متى يمكن كسر التهدئة وكيف، قبل نفي عقدها قصيرة أم طويلة...بعيدا عن "النوايا الطيبة" التي تمتلئ بهم جهنم..فتلك هي المسألة!

ملاحظة: الحية القيادي بحماس تساءل ماذا تبقى من "دولة أوسلو" وخيبتها...لذاكرته المخرومة، في كمب ديفيد 2000 عرض على الخالد المؤسس أبو عمار دولة بحدود 96 %، رفضها بسبب محاولة تهويد البراق...اسأل يا أبو الخل عشان تتعلم قبل ما تحكي...نصيحة خاصة.

تنويه خاص: ترامب المصاب بهوس الدفاع عن الذات يحاول أن يثبت أنه يهودي أكثر من اليهود الأمريكان...من قوله "بحب إسرائيل" الى مرسوم اعتبار اليهودية "قومية"...هل يعاقب عربيا على ذلك أم يمر كما مر غيره!