القدس كوبري لـ "شرعنة" انتخابات "غير شرعية"!
تاريخ النشر : 2019-12-14 07:16

كتب حسن عصفور/ من حيث الجوهر لم تشكل "تنازلات" حماس، أي تنازل حقيقي للشعب الفلسطيني، بل هي "تنازلات" مصلحية لتحقيق "غايتهم الخاصة"، لإقامة كيان منفصل يكون أول قاعدة إخوانية فوق أرض فلسطين، لذا فكل حديث عن مسلسل "التنازلات" الوهمية ليس سوى بكاء خادع.

حماس، ليست الفصيل الوحيد الذي يذهب الى الموافقة على "شروط الرئيس عباس"، التي وضعها لفرض منطقه الانتخابي بما يسمح له باستمرار الوضع الراهن دون أي تبديل جوهري، ونجح الرئيس في تكتيكه بأن يستبدل النقاش السياسي الوطني العام، بإجراءات تقنية للعملية الانتخابية، بما يقطع الطريق على منع السؤال حول مصير قرارات "فك الارتباط" بكل مظاهره عن دولة الكيان، من سحب الاعتراف المتبادل الى وقف التنسيق الأمني،  بما يمثل مشاركة عملية ممن وافق على شروط عباس بأن المرحلة القادمة هي ترسيخ "ديمقراطي" للفهم الإسرائيلي من "بقايا اتفاق أوسلو"، ليصبح كل مشارك فيها جزء من الانقلاب على قرارات "الشرعية الفلسطينية" منذ العام 2015.

ولأن "أعضاء الانقلاب السياسي الجديد"، باتوا فقراء لتبرير مشاركتهم في عملية تفتح الباب واسعا لتنفيذ القسم الرابع من الخطة الأمريكية، والدفع لانفصال قطاع غزة، حاولوا أن "يستخدموا" القدس بصفتها عروس القضية الوطنية وعاصمة دولتنا التاريخية، الغطاء الذي يحاولون منه الظهور بمظهر "الوطني الحريص" غير المتنازل، بأن صنعوا منها "ايقونة الحدث"، وبدأت لغة المناقصة الوطنية بأن لا انتخابات دون القدس.
والحقيقة التي يرفض مستخدمي القدس غطاءا لرذيلتهم السياسية توضيحها، هي الكشف عن شروط الانتخابات التي وافقوا عليها عام 2006، التي منحت إسرائيل "الحق" في تحديد طبيعة المشاركين ومكان التصويت، وافقت حماس كما فتح وكل مشاركي الانتخابات التشريعية على أن يتم التصويت خارج البلدة القديمة في ضواحي القدس، وهي الخطوة الهامة التي منحت حكومة الاحتلال اعترافا مبدئيا بـ"حق تهويد البلدة القديمة".

الاختباء وراء شعار لا انتخابات بدون القدس، هو الكذبة السياسية الأبرز، التي تلجأ لها فصائل انتخابات 2020، وهي تعلم يقينا أن دولة الكيان لن تقف عقبة ابدا أمام إعادة تصويت القدس بذات "شروط 2006"، ما دامت تنازلت الفصائل عن البلدة القديمة، وكل المناطق المقدسية المرشحة للتهويد.

الحديث عن لا انتخابات دون القدس، ليس سوى ضلال سياسي مكشوف، فتلك القوى وقفت متفرجة على القرار الأمريكي بالاعتراف بها عاصمة للكيان الإسرائيلي ونقل السفارة اليها، وفتح الطريف لبناء "هيكل جديد" على حساب البراق، غابت كل فعاليات كفاحية شعبية منذ ذلك الحين، في حين بدأت "صراخا سياسيا" حول المشاركة المقدسية في الانتخابات.

الحقيقة الأهم، هي أن دولة الكيان الإسرائيلي ستمنح موافقتها على الانتخابات في القدس بعد أن تصنع منها "تنازلا سياسيا كبيرا"، ولن تقف عقبة أمامها، ما دامت وفرت لها غطاءا رسميا بتكريس الخطوات التهويدية الجديدة، والاعتراف "غير المباشر" بالقرارات الأمريكية، ما سيفتح الباب أمام دول جديدة للاعتراف بها عاصمة للكيان.

لو حقا يراد حماية القدس ورفض التهويد، يجب أن تشترط "فصائل الانتخابات"، أن تكون البلدة القديمة وبلدات القدس الشرقية كافة مراكز انتخابية، وليس تصويتا بريديا أو في ضواحي لم تعد ضمن حدود بلدية "القدس المهودة"...

تلك هي المعركة الفعلية لو كان الموقف من القدس مرتبط بـ "المسألة الوطنية"، وليس تصعيدا كلاميا يسجل
"نصرا خادعا" بعد موافقة "تنازل" دولة الكيان على مشاركة المقدسيين في انتخابات 2020، وفقا لشروط سلطات الاحتلال.
ملاحظة: مظاهر حماس الاحتفالية بانطلاقتها تؤكد أنها خارج سياق "الوطنية الفلسطينية"، رايتها هي الغالبة على راية فلسطين...غزة حرمت من علم الوطن ليحتله علم الفصيل...مبروك يا قادة فتح اللاهثين لفصل القطاع!

تنويه خاص: رغم الهزائم السياسية المتلاحقة للديبلوماسية الرسمية الفلسطينية، اقرت الأمم المتحدة تفويضا جديدا لوكالة الأونروا، تفويض سياسي هام قبل أن يكون ماليا...!