في ذكرى رحيل قائدين مؤسِسين
تاريخ النشر : 2019-12-14 16:12

إذ نقف أمام سنوية رحيل قائدين مؤسِسين من قادة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين؛ عبد الغني هللو (أبو خلدون)، عضو مكتبها السياسي، واللواء خالد عبد الرحيم (أبو سامي)، أمين سر لجنتها المركزية، تعود بنا الذاكرة إلى عقود مضت، بمحطات فاصلة في مسيرة نضالية ممتدة، تفيض عن نصف قرن من النضال المثابر، بروح التفاؤل الثوري المتأصل، في إرادة لا تلين، وبقناعة راسخة بحتمية إنتصار القضية الوطنية، مهما تعاظمت الصعوبات التي تعترض طريقها. وفي هذا الإطار نشير إلى أن فقيدينا هما:
• من جيل إنخرط في العمل الوطني في مرحلة تقدم المشروع النهضوي العربي، لاستكمال مهام التحرر الوطني، في مرحلة المد القومي، تحت مظلة الوحدة العربية، وتحرير فلسطين، والإنفكاك من قيود التبعية والتخلف، لصالح التنمية الإقتصادية والتقدم الإجتماعي بأفق إشتراكي.
• وهما من جيل واكب الحركة الوطنية الفلسطينية منذ انطلاقتها وعلى امتداد عمرها المعاصر، بمختلف مراحلها، تقدماً وتراجعاً، وبمختلف حقول عملها، في العمل الفدائي، والحركة الأسيرة، وفي الدفاع عن الثورة وسلاحها، في العمل السياسي والتنظيمي والجماهيري والعسكري، قبل أن يترجلوا ويتركوا الساح، قبل رحيلٍ عزّ على أبناء الجبهة الديمقراطية ومناصريها، وعلى أوساط واسعة في الحركة الوطنية، ويسلموا الراية إلى من أتى بعدهم.
ولعلنا نفي شهيدينا الكبيرين بعضاً من حقهما، بتجديد التأكيد على مواصلة المسيرة، التي إفتتحناها معاً، وتدرجنا في دروبها الوعرة حتى ترتفع راية فلسطين فوق أسوار القدس، العاصمة المحررة لدولتنا المستقلة؛ وإلى جانب هذا، نؤكد إخلاصنا للرسالة التي وجهاها، قبل رحيلهما، أن حان الوقت، وآن الأوان، لكي تنتقل دفة القيادة في الحركة الفلسطينية بعمومها، إلى الأجيال الصاعدة، التي رأت النور بعد اندلاع الثورة المعاصرة.
■ تقلد فقيدانا العديد من المهام النضالية، وانطلقا من المواقع القاعدية، في صفوف المقاتلين، وفي صفوف الحركة الجماهيرية. وفي مثابرتهما على الإلتزام بالروح النضالية، شقا في صعوبات الطريق إلى الأمام، وجابها المخاطر وتخطيا العقبات، يتطلعان إلى المزيد من العطاء، يراود كل منهما حلم انتصار الثورة والمقاومة، وحلم اندحار الإحتلال، وتحرير الأرض، وقيام الدولة الفلسطينية. كما يراود كل منهما، حلم العودة إلى الديار والممتلكات ووضع حد لمأساة التشرد واللجوء، وتصويب المسار التاريخي، ورفع الظلم عن كاهل شعبهما، رائدهما في هذا، برنامج الجبهة الديمقراطية، وفكرها السياسي، وتجاربها الغنية، ونضالات أعضائها، وفي القلب من كل هذا، تضحيات شعبنا، وأصالته النضالية، وتمسكه بحقوقه الوطنية المشروعة غير القابلة للتصرف.
لقد خاضا النضال في الميادين كافة، ولعل أهمها، وفي مقدمها - إلى جانب الدفاع عن الحقوق الوطنية، وعن م.ت.ف، ممثلاً شرعياً ووحيداً لشعبنا، وعن كيانيته السياسية - بناء أجيال من المناضلين، في صفوف الحركة الشعبية، في المخيمات، وباقي مناطق اللجوء والشتات، وفي قواعد العمل الفدائي، في مرحلة الكفاح المسلح، في بلدان الطوق، في الأردن، ولبنان، وسوريا.
■ على أيدي القائدين الشهيدين، أبو خلدون وعبد الرحيم، تخرج مناضلون، أصبحوا الآن قادة في الصفوف الأمامية، يحملون عنهما أطيب الذكريات، ذكريات النضال المشترك، والمعاناة معاً، بما في ذلك معاناة الجوع، في بعض الأيام، ومعاناة درء مخاطر الإنقسام دفاعاً عن مصالح شعبنا وقضيته.
كانا وحدويين، بقدر ما كانا إبنين وفيين ومخلصين لجبهتهما. كانا يساريين وطنيين، فلسطينيين، بقدر ما كانا أبناء للعروبة ولحركة النضال الأممية ضد الإمبريالية، وإلى جانب الشعوب المكافحة من أجل حريتها وإستقلالها.
ونحن نستذكر هاتين القامتين، بكل شوق، ونستذكر تاريخهما، من المهم، لا بل من الضروري أن نؤكد لهما، أن البنيان الذي أمضيا العمر مساهمين في بنائه، سيبقى صامداً، وسيعلو يوماً وراء يوم، وأن المواقع التي أخلوها، تقدم إلى الأمام من يشغلها من الذين تدرجوا بقيادتهم، في مدرسة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين.