ردا على "كيان غزة المستقل"...هل تنتفض "فتح"!؟
تاريخ النشر : 2020-01-13 08:40

كتب حسن عصفور/ ما قدمته جماهير قطاع غزة، في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة ورأس حربتها حركة فتح، شكل درسا خاصا لكل قيادات الفصائل التي أصابها "برد سياسي" طال أمده، درس اختصر كثيرا من شرح الكلام، ورفضا صريحا عمليا ضد المخطط الأمريكي – الإسرائيلي الذي بدأ يتشكل سريعا، لفصل القطاع عن بقايا الوطن.

خروج أهل قطاع غزة، عدا حماس وجمهورها، لم يكن احتفالية في ذكرى فصيل، أي كان ذلك الفصيل، بل رسالة غضب وتحذير لما يتم رسمه لمصير غزة، ذلك المخطط الذي بدأ تنفيذه عمليا، خطوة خطوة منذ نهاية 2005، يوم أن قرر رئيس حكومة العدو الإسرائيلي في حينه شارون الخروج من غزة، دون تنسيق مع السلطة، وبعدم توازي ذلك مع تنفيذ إعادة الانتشار في الضفة الغربية، وفقا لاتفاق أوسلو.

الخطة الشارونية ركزت على دفع غزة نحو مصير خاص، مقابل تعزيز الوجود الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس، على طريق اعلان "دولة اليهود"، وكانت قاطرة ذلك الانتخابات البرلمانية عام 2006، وحققت إسرائيل وأمريكا أكثر مما توقعا نتائج لها، بفوز حماس بأغلبية برلمانية، بعد أن "تشتت" شمل فتح القوة المركزية فلسطينيا، ما منح حماس فوزا غير مستحق، ساهم في وضع لبنة "الانفصال السياسي" مبكرا.

خلال سنوات "الانقلاب" الحمساوي ابتعدت حركة فتح، عن القيام بأي جهد عملي يمكن اعتباره "خطوات على طريق" وقف الانفصال السياسي، ومواجهة المشروع الاستيطاني، بل ان قيادتها وخاصة رئيسها محمود عباس، مارسوا كل ما هو ممكن لإنهاك الروح الكفاحية للشعب الفلسطيني عامة، ولشباب حركة فتح خاصة، عبر سلسلة إجراءات بدأت من زرع بذور "خلاف تنظيمي"، أضعف الحركة، وخطوات حصار لا سابق لها، وسكون مثير للريبة على سلوك حماس حتى عام 2017، عندما أطلت الخطة الأمريكية "صفقة ترامب" من جديد.

وبعيدا عن فتح ملف "الخذلان السياسي" و"التشتت" الذي يضرب حركة فتح بين مراكز قوى لم يعد وجودها سريا، وصراع على "وراثة" منصب لبعض من "ركام سلطة"، فالخطر الأكبر يكمن فيما بدأ يتشكل وأصبح "واقعا"، "كيان غزة المستقل"، برئاسة إسماعيل هنية، انطلقت حركته الرسمية خلال "لقاء ماليزيا"، عندما نسقت قطر وتركيا مع الولايات المتحدة لمشاركة "حماس" كممثل لـ "كيان" وليس كحركة حزبية، واستكملت الخطوة بغيرها، خاصة زيارة عُمان للتعزية في وفاة قابوس.

زيارة، كشفت ان حماس تتجاوز الحراك الحزبي، وبدأت السلوك السياسي كـ "كيان مستقل" وهنية هو الرئيس المسمى، وكان الاهتمام الإعلامي الحمساوي والقطري بزيارة عُمان، والتركيز على مقابلة السلطان الجديد لهنية، مؤشر سياسي على الرغبة الحمساوية، خاصة وأن حماس لم يكن لها أي صلة او علاقة مع عمان، بل أنها فتحت نيرانها ضدها بعد زيارة نتنياهو الى عمان، وتصريحات يوسف بن علوي عن حق إسرائيل في السلام، وفجأة تعلن حماس ان "قابوس" كان مدافعا عن القضية الفلسطينية.

بعيدا، عن البيان الكاذب بما تقوله عن رفض الفصل، فهي غارقة جدا به، وتنفيذه بلا خجل سياسي، وهذا ما يجب على فتح بكلها، بعيدا عن تصنيف هنا أو هناك، أن تنتفض ليس دفاعا عن "مميزات" لطرف على آخر، فتلك ستزول كلها في حال انتصر المشروع التهويدي في الضفة والفصل في غزة، بل حماية لما يمكن حمايته، وفتح دون غيرها، بحكم انها قوة السلطة المركزية، القادرة أن تكسر ظهر المؤامرة النامية

قبل فوات الأوان، على قيادة فتح أن تلزم رئيسها، بوقف الرهان على انتخابات تقود الى مؤامرة جديدة والاحتماء بمنظمة التحرير لإعلان دولة فلسطين، اليوم قبل الغد، لتصبح المعركة بين حق الدولة التمثيلي وبين مشروع فصل وتهويدي.

اعلان دولة فلسطين، وسحب الاعتراف المتبادل وتعليق كل ما يتعلق به، سيعيد الروح الكفاحية برقيا للشعب الفلسطيني، ما يمثل قوة عملية لحصار مخطط "التهويد – الفصل".

فتح، وليس غيرها، ستتحمل مسؤولية وقف المؤامرة الكبرى او تمريرها، والتاريخ لن يلتفت للأدوات التي تسللت بل للقيادة التي كان عليها أن تقاوم ولم تفعل، سيرى البعض انها دعوة في غير مكانها، لكنها هي دون غيرها التي يمكنها مواجهة المؤامرة.

هل تنتفض فتح.. هل تدرك فتح ان القضية الوطنية وصلت الى عتبة التيه الجديد وأنها "أم الولد"...أم تقف على قارعة الطريق.. انتظارا للحظة ضياع حكم وقضية ليبكون عليه كما بكاء أبو عبد الله الصغير يوم سقوط غرناطة!

ملاحظة: يبدو أن زعيم حزب الله في لبنان حسن نصر الله فقد كثيرا من "أدواته القديمة" التي خدع بها كثيرون...تخيلوا ان سليماني دون غيره منع احتلال إسرائيل لبلاد العرب...كأن مقتل سليماني أصابه في مقتل عقلي!

تنويه خاص: استقالة السياسي الفلسطيني "العتيق" عبد الجواد صالح من مركزي منظمة التحرير رسالة غضب..إنذار مبكر لما قد يكون قادما ما لم يستيقظ النائمون على مفاتيح المنظمة...!