قضاة اسرائيليون يأمرون بتعويض (5) فلسطينيين هدم جيش الاحتلال منازلهم خلال "انتفاضة الأقصى"
تاريخ النشر : 2020-01-14 10:01

تل أبيب: كشفت وسائل إعلام عبرية صباح يوم الثلاثاء، عن أوامر لقضاة عسكريين في إسرائيل، بدفع ملايين الشواكل لخمسة فلسطينيين، دمرّ الجيش ممتلكاتهم خلال الانتفاضة الأقصى عام 2000.

وقالت صحيفة "هآرتس" العبرية عبر موقعها الإلكتروني، إنّ قضاة عسكريون اسرائيليون أمروا في الأسبوع الماضي، بدفع ملايين الشواكل لخمسة فلسطينيين دمرت قوات الجيش مشاتلهم في نوفمبر 2000، خلال الأشهر الأولى لانتفاضة الأقصى.

وأضافت، أنّ القضاة فضوا تعويض الفلسطينيين، الذين يمتلكون ثلاثة مشاتل قرب قلقيلية، بحوالي 3 ملايين شيكل، وما يترتب على ذلك من الفوائد، وجدول الغلاء، والتعويض عن الإجراءات المستمرة والرسوم القانونية للمحامين، وهو ما قد يصل في النهاية إلى حوالي سبعة ملايين شيكل. وانتقد القضاة في قرارهم بشدة سلوك الدولة ومحامو الإدارة المدنية في قضية التعويض.

وتابعت، أنّه "تم اتخاذ القرار، الذي يقبل بالكامل تقريبا ادعاءات أصحاب المشاتل، من قبل لجنة الاستئناف القضائية (الضفة الغربية) في أعقاب الطعن في قرار ضابط الدعاوى في وزارة الأمن، والذي منح الفلسطينيين تعويضات أقل بكثير. ويشار إلى أن قرارات لجنة الاستئناف هي مجرد توصيات تتطلب موافقة رئيس الإدارة المدنية. وفي الممارسة العملية، يوافق عليها رئيس الإدارة المدنية، إلا في حالات استثنائية".

وفقًا للمحامي شارون دانيئيلي، الذي مثل أصحاب المشاتل إلى جانب المحامي درور أراد – أيالون، فإن القرار يعتبر استثنائيًا – لأنه لا يوجد الكثير من الفلسطينيين الذين يطالبون بالتعويض في قضايا مماثلة ويكافحون للحصول عليه لفترة طويلة، ولأن إسرائيل بعد عام 2000 وسعت تعريف الإجراء الحربي بطريقة تسمح لها بالفوز في معظم دعاوى التعويض هذه.

وكانت قوات الجيش الإسرائيلي قد قامت في ليلة 14 و15 نوفمبر 2000، أثناء الانتفاضة الثانية، بتدمير المشاتل الثلاث بالقرب من قلقيلية، بادعاء انه خلال الأسابيع السابقة تم رشق الحجارة وقنابل المولوتوف عدة مرات من منطقة المشاتل. وفي حينه طالبت قوات الأمن أصحاب المشاتل بتعيين حارس على مداخلها – ففعلوا، لكن هذا لم يمنع وقوع المزيد من الحوادث في منطقة المشاتل. وفي 12 نوفمبر، أبلغت قوات الأمن أصحاب المشاتل أنها ستدمرها في غضون 48 ساعة. وحاول أصحاب المشاتل منع ذلك، ولكن دون جدوى. وقال المحامي إيلون لصحيفة "هآرتس": "كان الضرر الذي لحق بالمشاتل أمرًا لا يمكن تصديقه وتسبب لأصحابها بأضرار مادية جسيمة".

وتم تقديم المطالبة الأولى بالتعويض من قبل أصحاب المشاتل في عام 2002، لكن إسرائيل ادعت أن هدم المشاتل كان عملاً حربياً. وصدر أول قرار يقضي بان هدم المشاتل لم يكن عملا حربيًا عن المحكمة المركزية في عام 2009. وتم عكس هذا القرار عدة مرات، فتوجه المدعون إلى المحكمة العليا، وعندها تراجع القائد العسكري عن الادعاء بأن هذا الإجراء كان حربيًا. ومنذ ذلك الوقت تركزت المناقشات على حجم التعويض. وفي آخر قرار بشأن حجم التعويض قرر ضابط الدعاوى في وزارة الأمن دفع مبلغ 660.474 شيكل لأصحاب المشاتل، بعد أن قرر تقليص مبلغ التعويض الذي حدده المخمن الذي عينته الدولة.

وفي القرار الذي تم اتخاذه في الأسبوع الماضي، انتقد القاضي اللفتنانت رونين عتسمون بحدة سلوك إسرائيل في القضية، وكتب: "أقترح في كل حالة مماثلة التعامل وفق "اختبار المشتل الإسرائيلي". فهل سندمر مشتلًا إسرائيليًا فقط لأن مخربين فلسطينيين يختبئون وراء احدى الدفيئات الزراعية فيه ونفذوا من هناك عملية .. هل سنكتفي بإنذار مداه يومين فقط قبل ان نرسل الجرافات لتدمير مشتل إسرائيلي؟". كما أشار القاضي أيضًا إلى مدة الإجراءات في القضية، وكتب: "هل سنجر أصحاب المشاتل الإسرائيلية إلى خمس محاكم لمدة 19 عامًا، أم سنحل القضية قبل هذه المدة؟" ومن بين أمور أخرى، أشار القاضي إلى الأسباب التي ادعاها ضابط الدعاوى كمبرر لتخفيض مبلغ التعويض.

على سبيل المثال، ادعى ضابط الدعاوى انه يجب تقليص 40٪ من مبلغ التعويض بسبب "الإهمال المساهم"، زاعما أن أصحاب المشاتل لم يفعلوا ما يكفي للحد من الأضرار في مشاتلهم. وفي هذه النقطة، كتب القاضي، "ليس واضحًا على الإطلاق كيف يمكن للمستأنفين تقليص أضرارهم، خلال يومين فقط حددهما لهما الجيش بين تسليمهما الإشعار بالهدم وبين التنفيذ الفعلي ... من السهل حقًا الكتابة على الورق وحساب العمل المطلوب ... إذا كان الأمر سهلاً وبسيطًا ورخيصًا، فمن المؤسف أن الإدارة العسكرية والمدنية لم تفعل ذلك، لأنها كانت ستوفر علينا جميعا كل الضرر والمناقشات طويلة السنوات". بل ان القاضي كتب في قراره أنه لو كان المشتل إسرائيليا، لكانت الإدارة العسكرية والمدنية ستساعد في إخلائه قبل الهدم، "بعزم وحساسية".

ولخص القاضي قائلا: "أتوقع من سلطات الدولة في المنطقة، العسكرية منها والمدنية على حد سواء، أن تعامل الفلسطينيين – خاصة أولئك الأبرياء – كما تتعامل مع المتضررين الإسرائيليين ... أتوقع أنه بعد اضطرارهم إلى الحاق الضرر بالمصالح التجارية، فإنهم سوف يتعاملون باستقامة عند النظر في تعويض أصحابها، ولن يحاولوا التهرب من المسؤولية بطرح الحجج القانونية الإبداعية". كما قرر القاضي تعويض أصحاب المشاتل عن شعور المدعين بالظلم واليأس في ضوء المماطلة في الإجراءات، والتي وصفها بأنها "حملة تعذيب بيروقراطية". وفي تفسيره لهذا الجزء، لاحظ القاضي أن "السلوك الفاحش للدولة هو المسؤول ليس فقط عن الأضرار المادية ولكن أيضًا عن استمرار الإجراءات لفترة طويلة. مثل هذا السلوك يبرر ردًا شديدًا، وليس فقط بالكلمات".

كما انتقد القاضي بشدة محامو الإدارة المدنية الذين مثلوا إسرائيل في الإجراءات أمام لجنة الاستئناف، قائلاً إنه يتوقع منهم "أن يروا أنفسهم يمثلون المصلحة العامة بمعناها الواسع وليس كقفل لخزائن الدولة".

وقال المحامي أيالون معقبًا: "هناك أهمية بالغة لـ "اختبار المشتل الإسرائيلي". لقد قضت المحكمة بأن الضرر هو اعمى ولا يميز بين الألوان، وأنه حين تتسبب الدولة بضرر – بغض النظر عن المتضرر، يجب ان تكون معايير التعويض هي نفس المعايير لكل ضحية – يهودي أو غير يهودي، إسرائيلي أو غير إسرائيلي".

وأضاف المحامي دانيئيلي: "الجهة التي ينبغي أن تفاخر بهذا القرار هي إسرائيل، وخاصة في هذه الأيام التي يحاولون فيها إحضار إسرائيل إلى محكمة لاهاي، لأن القرار يعرب عن احترام القانون الدولي ويشكل شهادة شرف للجهاز القضائي العسكري".

وقال الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي: "قرار لجنة الاستئناف يتعلق بعملية هدم المشاتل، التي نفذت في عام 2000، أثناء الانتفاضة الثانية. تم تنفيذ العملية لأسباب تشغيلية ضرورية، فيما يتعلق بالمشاتل التي بنيت بشكل غير قانوني، ومن أجل منع الهجمات التي نفذت من داخل المشاتل ومن محيطها. لقد تم تنفيذ الهدم نفسه أثناء القتال ومن خلال المخاطرة بقوات الأمن ".

كما قال: "لجنة الاستئناف حكمت للمدعين بحوالي 3.5 ملايين شيكل بالإضافة إلى الفائدة وجدول الارتباط. وانتقدت اللجنة الطريقة التي تصرفت بها سلطات الدولة في قضية المستأنفين. يتم حاليا دراسة القرار المفصل من قبل الأجهزة الأمنية".