نعمة يسسخار والدبلوماسية الفلسطينية
تاريخ النشر : 2020-01-20 20:26

نعمة يسسخار هي شابة إسرائيلية تمّ إلقاء القبض عليها في مطار موسكو بعد أن ضبطت وبحوزتها 9.5 غرام من الحشيش في ربيع العام المنصرم، قامت الدنيا في دولة الكيان وتدخّل رأس الدبلوماسية عنده ممثلة برئيس الوزراء ورئيس الدولة اللذان ينويان مناقشة الأمر مع بوتين في زيارته المرتقبة لدولتهم يوم غد أو بعده، فيما الإعلام الصهيوني تابع القضية بكلّ حذافيرها وأصبحت بفضله القضية الثانية بعد الإنتخابات التي تشغل الشارع داخل الكيان، ووعدها رئيس الوزراء بالعمل الجاد لإرجاعها إليهم وذلك في رسالة أرسلها إليها خلف القضبان، والقنصلية الإسرائيلية في روسيا تتابع تفاصيل حياتها وظروف إعتقالها داخل السجن، فقد احتجّت على نقلها إلى سجن خارج العاصمة الروسية لعدم توفر ظروف احتجاز ملائمة لإنسانيتها فأعادتها السلطات الروسية إلى سجن أفضل في العاصمة. وقبل نصف عام تم توقيف نحو 10 شبّان اسرائيليين في قبرص بتهمة قيامهم بعملية اغتصاب جماعي لفتاة بريطانية، وأيضا جنّ جنون الدبلوماسية الصهيونية ونجحت بإخلاء سبيلهم، لا بل اجبروا الفتاة على سحب شكواها مما حولها من ضحيّة إلى مدعية كاذبة فحكم عليها القضاء القبرصي بالسجن 4 أشهر مع وقف التنفيذ.

من يدافع عن أسرانا

يقضي آلاف الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية في ظروف لا تمت للإنسانية بأيّة صلة، حيث من مطلع العام الماضي فقط ولغاية شهر آذار من نفس العام اعتقل الاحتلال الإسرائيلي ما يقارب 1600 مواطن، غالبيتهم من مدينة القدس، بينهم نحو 230 قاصرا ، و40 امرأة. وأستشهد العديد من الأسرى جرّاء تعرضهم لظروف اعتقال غير إنسانية، قضيّة الأسرى هي قضية إنسانية، بيد أنّ ضمير الإنسان المتحضّر يدخل في غيبوبة حين يكون الأمر متعلقا بالإنسان الفلسطيني، ولا يخرجه من غيبوبته المفتعلة سوى وخز مصالحه!

يوجد حوالي 105 بعثة دبلوماسية فلسطينية تتوزع حول العالم، لم تستطع هذه المنظومة من إعلاء القضية الوطنية وجعلها ضمن اهتمامات شعوب الدول المتواجدة فيها، بل على العكس أصبحنا شهودا لإنهيار الشبكة الشعبية والرسمية الدولية المساندة للشعب الفلسطيني تاريخيا، فمن كان يتخيّل أن تجري اليونان مناورات عسكرية مشتركة مع جيش دولة الاحتلال؟ ومن كان يعتقد أن سيأتي يوم تلهث الهند الرسمية وراء الكيان الغاصب؟ وتتجرأ بعض الدول على الإعلان عن نيتها نقل سفارة بلادها إلى القدس؟ وغيرها من أمثلة تسونامي التطبيع العربي الرسمي وشبه الرسمي! اعتبارا من يوم غد يستعد الكيان لاستقبال ما يزيد عن 50 زعيما دوليا من رؤساء وأمراء وملوك وممثلي اتحادات دولية لإحياء ذكرى الكارثة والبطولة، والعديد من هذه الدول المشاركة كانت سابقا ضمن المنظومة الاشتراكية العالمية. بمعنى آخر كانت تساند شعبنا في نضاله ضد الاحتلال، وتسانده من منطلق إيدولوجي... أليس من الأجدر بنا نحن الفلسطينيون أن نقيم يوما عالميا لإحياء ذكرى نكبتنا؟ إن لم يكن على هذا المستوي الرسمي لماذا لا يكون على المستوى الشعبي؟

للأسف سفاراتنا لم تعد ترقى بمستوى بمهمتها الوطنية بل أصبح جزء منها عبئا على أبناء الجالية الفلسطينية، عمر النايف أكبر مثال، كيف قتل هذا الرجل داخل سفارة بلاده؟ وإلى أين وصلت التحقيقات في الجريمة؟

التكتيك... هي طوق النجاة لكلّ مدافع عن فشل المنظومة الدبلوماسية الفلسطينية، والإدعاء بأنّ الظروف الدولية غير مواتية أو غير داعمة للحق الفلسطيني الراسخ. وقد تجاهلوا أن الثوري لا ينتظر أن تنقلب الموازين لصالحة كي بيدأ فعله الثوري، رحم الله درويش إذ قال " هذه آياتنا فاقرأ... باسم الفدائي الذي خلق من جزمة أفق..."

منذ انطلاقة الثورة التحررية الفلسطينية الحديثة لم تكن الظروف الدولية ولا الإقليمية حليفة قضيتنا العادلة، بل على العكس جوبهت برفض عربي رسمي ودولي حتى أثبتت أحقيتها بتمثيل شعبها على الأرض وأصبحت بعض الأنظمة تستجدي ودّها ورضاها وتغدق عليها الأموال تجنبا لغضبها