الخيارات الفلسطينية" المستقبلية الممكنة بعد "تنازلات" هنية!
تاريخ النشر : 2020-03-04 08:23

كتب حسن عصفور/ عمليا، لم يعد بالإمكان الانتظار أكثر، بعدما تبين أن لا مفاجئات يمكن لصندوق الانتخابات في إسرائيل أن يحضرها للبعض الفلسطيني، الذي انتظر حدوث "المعجزة" وهدية سياسية كما هدايا بابا نويل ويقفز غير الفريق اليميني الأقل عنصرية من فريق نتنياهو الأكثر عنصرية نحو الفلسطيني، أي كان تواجده، وسواء تمكن هذا او ذاك من تشكيل حكومة ما، او قرروا الذهاب الى انتخابات رابعة، فلم يعد بالإمكان للرسمية الفلسطينية بكل مكوناتها (وهنا تضم المؤسسة الشرعية وفصائل لقاء بيروت أي المعترف بها رسميا)، البقاء في محطة قطار يأت  بالهدية "الحلم" ليقول  بعدها "ألم نقل لكم أن بالإمكان أن نجد "شريكا"، لإضاعة وقتا مضافا من زمن الشعب والحقيقة الوطنية.

باختصار، ودون إنهاك للعقل او الذاكرة، المخزونة أو التي يمكن ان تخزن، إسرائيل الصهيونية التوراتية لن تقبل سلاما على قاعدة دولة فلسطينية وفقا لقرار الشرعية الدولية رقم 19/ 67 لعام 2012، وعاصمتها القدس الشرقية المحتلة عام 1967، حتى لو تنازل الفلسطيني عما له حق في القدس الغربية وفقا لقرار الأمم المتحدة الخاص عام 1948. وما يؤمنون به هو "محميات فلسطينية في الضفة الغربية وبعض قدس دون مقدسات وكيان بوضعية خاصة في قطاع غزة، مناطق تسمى دولة خالية من السيادة وتحت الوصاية الإسرائيلية"، تلك هي جوهر الرؤية الإسرائيلية للحل الفلسطيني، وهي ذات الرؤية للفريق الذي اغتال اسحق رابين لاغتيال عملية سلام "متوازنة لإقامة دولة فلسطينية على الأرض المحتلة عام 1967 مع تعديلات محدودة وفقا لاتفاق اعلان المبادئ "1993.

انتخابات 2 مارس (آذار) 2020 الإسرائيلية اسقطت، والى زمن بعيد، أي إمكانية لبروز فريق كما يتمنى الرئيس محود عباس ومن معه، وفقط منحت أبناء فلسطين فوق أرض فلسطين التاريخية حقا حاولت الصهيونية إذابتها، فكانت "القفزة الكبرى" لهم تمثيلا في الكنيست، كرد تاريخي على التجاهل التاريخي.

 لذا أصبح ضرورة وطنية بعد أن حسمت إسرائيل خيارها نحو خيار "العداء العام" للفلسطينية هوية وأرضا ودولة مستقلة وفق قرارات الأمم المتحدة، وليس فقط قرارات الشرعية الرسمية الفلسطينية، أن يحسم الرئيس عباس أمره، ويضع كل وهم كان، جانبا لينطلق نحو تنفيذ الرؤية الفلسطينية، والتي لا تحتاج لأي بند مضاف عما تم الاتفاق عليه، من الفصائل الفلسطينية كافة، خاصة لقاء بيروت يناير 2017، الذي جسد نقلة سياسية، كان له أن يمنح الشعب الفلسطيني زمنا غير زمن استمرار النكبة، ولكن دون البحث عما لا يمكن العودة اليه، بات فرضا القيام بما تأخر القيام به 3 سنوات.

لا ضرورة للحديث عن "رؤية فلسطينية" جديدة، والحديث عنها ليس سوى مضيعة للوقت لا أكثر، لأنها موجود وكاملة الأركان، ولا تحتاج سوى بحث آليات التنفيذ، والاستعداد لما سيكون نتاج تطبيقها.
فتح وتحالفها في الرسمية الفلسطينية، هي صاحبة الرؤية العامة التي باتت قرارات للمجلس الوطني، وواقعيا لم تقف حركتي حماس والجهاد ضد تنفيذها، بل ان حماس عمليا طالبت بها في أكثر مناسبة ( دون البحث في النوايا السياسية)، وفي يوم 2 مارس 2020، ومع وصوله الى العاصمة الروسية موسكو، تقدم إسماعيل هنية، رئيس حركة حماس، بموقف يمكن اعتباره مقدمة هامة وعنصرا فاتحا لأبواب اعتقد البعض انها مغلقة، وتقدم بعناصر أربعة، اعتبرها تنازلات من اجل المصلحة الوطنية..

الخيار الأول: إجراء الانتخابات الفلسطينية في الضفة وغزة (وضمنا القدس). وشخصيا اراه خيار غير عملي وغير سياسي.

الخيار الثاني: عقد اجتماع وطني خارج رام الله ليتسنى للفصائل المشاركة فيه. (يمكن اعتبار القاهرة مقرا ومستقرا له).

الخيار الثالث: عقد اجتماع للأمناء العامين للفصائل. (وهنا يجب التأكيد انها من حضر لقاء بيروت 2017 دون إضافات من هنا او هناك).

الخيار الرابع: تشكيل حكومة وحدة وطنية بالاتفاق مع كل الفصائل. (يجب ان تكون حكومة للدولة الفلسطينية لا غير).

وللمرة الأولى تربط هذه الخيارات الأربعة برعاية مصرية روسية، بعيدا عما قاله لاحقا بفتح بابها وكأنها "سوق عكاظ" او رعاية بمن حضر، لكن الجوهري هو أن هناك تحديد للرعاية، وقد يمثل هذا الاقتراح نقلة نوعية حقيقية يمكنها ان تمثل قاطرة انطلاق لوضع نهاية عهد سياسي أسود طال أمده منذ اغتيال الشهيد المؤسس الخالد ياسر عرفات.

خيارات هنية الأربعة (بمحاذير وضعتها بين اقواس بعد كل خيار)، مع الرعاية المصرية الروسية، الى جانب "الرؤية الوطنية" المتفق عليها في قرارات المجلس الوطني والمركزي ولقاء بيروت 2017، له أن يمثل حراكا حقيقيا ليس لنهاية الانقسام فحسب، ولا ترسيخ وحدة فصائلية، بل يمكنه ان يمثل الرافعة العملية لإطلاق قيام دولة فلسطين وسحب الاعتراف المتبادل فور اللقاء، وبعدها تبحث التفاصيل الأخرى.

هناك فرصة حقيقية للتخلص من مرحلة وبناء مرحلة، وهنتك عقبات وعقبات جدية ومعقدة، ولكن وجود روسيا ومصر والخطر التهويدي العام على الهوية والقضية، ودرس الفوز التاريخي لأبناء فلسطين في 48 وتحقيق رقم انتخابي سيمثل "رعبا" للصهيونية السياسية والدينية، دوافع قوة غير التي كانت.
الممكن بات ليس مستحيلا...لتبدأ رحلة الفعل، قبل أن تبدأ رحلة الملامة والعتاب.

قبل الختام، عدم التعاطي مع ما سبق سيفرض تشكيلا جديدا سيجد من يراه الحل...ولنا وقفة مع هذا الخيار الكامن، لو كتب عمرا ليوم الخميس!

ملاحظة: زيارة وفد حماس برئاسة هنية سفارة فلسطين في موسكو، والصورة التي وزعتها حماس وخلفهم صورة الرئيس عباس، هل هي إشارة تغيير أم مؤشر لغيره...الوراثة حق ولكن....!

تنويه خاص: انتخابات إسرائيل كشفت ان الانقسام بها عامودي وأكثر عمقا من انقسامنا، لكنهم يحمون تاريخهم ودولتهم، ونحن نهدم تاريخ لصالح تزوير وصناعة تاريخ وهدم كيان وطني كان حلم لدولة لبناء كينونات حزبية...هل رأيتم!