لأنهم صانعو الجمال
تاريخ النشر : 2020-03-29 15:31

لا تكاد تتوقف الدعوات والارشادات الصحية عن التأكيد على ضرورة غسل اليدين باستمرار, والاهتمام بالنظافة وتطهير البدن والاماكن, وطهي الطعام جيدا, واستخدام المعقمات والمنظفات, حتى تمنع وصول جائحة الكورونا اليك, وانتشارها في اسرتك او مجتمعك, وهذه الارشادات مصحوبة بتعليمات اخرى بعدم السلام باليد, او الاقتراب من الشخص الذي يجاورك خوفا من انتقال العدوى اليك عن طريق التنفس, او التحرك في الشارع وضرورة الالتزام بالجلوس في البيت, والابتعاد عن اماكن الحجر بالقدر الممكن, والابتعاد كذلك عن تجمعات القمامة والمستنقعات المائية الراكدة ومصارف الصرف الصحي, فكل هذه الاماكن هى ارض خصبة لتواجد فايروس الكورونا وتكاثرة, ويحاول الناس بشتى الطرق تجنب هذه الاماكن واتخاذ كل التدابير الممكنة للالتزام بالإرشادات الصحية وتطبيقها, لكن هناك فئة من الناس مهمتها التواجد في هذه الاماكن ومواجهة الاخطار بتنظيفها وتطهيرها والعناية بها لان تكاثرها ينذر بتفشي الامراض وزيادة العدوى وتوسيع رقعة الوباء وسرعة انتشاره بين الناس, وهؤلاء دائما جنود مجهولون يعملون بصمت في كل الاوقات.

انهم صانعو الجمال عمال النظافة الذين يبذلون جهوداً كبيرة ويخاطرون بحياتهم من اجل شعبهم, لا يكاد يتوقف عملهم في الحروب, ولا في الاعياد, ولا في الازمات, ولا يتوقف عملهم مع انتشار الاوبئة, بل يزداد وتتعدد مهامهم وتتنوع في الازمات, هم دائما متواجدون في الميدان ويعملون بصمت, وفق الامكانيات المتاحة, وبأدنى وسائل الحماية لهم من امكانية انتشار الامراض اليهم, فهم اشد عرضة للأمراض والاوبئة بفعل عملهم في الاماكن الخصبة والتي تتوالد فيها الامراض والعدوى, نشاهدهم كل يوم وهم يكنسون الشوارع والطرقات, ويجمعون القمامة, ويزيلون الجيف والنفايات دون ضجر او ضجيج, واليوم ونحن نعاني من وباء «الكورونا» الخطير اوكل اليهم بالإضافة لعملهم غسل الشوارع والطرقات وتطهير الابراج السكنية والمؤسسات الحكومية والشركات, فهم العنصر الاساسي لانحصار الوباء والقضاء عليه, فبدونهم لا تسير امور حياتنا بسهولة ويسر, وتتعطل الكثير من مناحي الحياة, واليوم ونحن نعيش زمن «الكورونا» نراهم في الشوارع يصنعون الجمال ويهتمون بالنظافة بشكل اكبر, وتتضاعف المهمات المنوطة بهم الى حد كبير.

ولأنهم صناع الجمال فان لهم حقاً علينا يجب القيام به, فابسط حقوقهم أن نخفف عنهم شيئا من عملهم الشاق والمليء بالمخاطر فهم يحتاجون منا ان نتعامل معهم بإنسانية ورحمة , فبدلا من القاء القمامة عشوائيا في اماكن متفرقة علينا ان نجمعها في اماكنها المخصصة لها داخل جماعات القمامة, ووضعها في اكياس مخصصة لجمع النفايات, وعلينا مساعدتهم في تنظيف الشوارع, وتحفيزهم من خلال تقديم الهدايا البسيطة لهم, فمهما كانت بساطة هديتك, فان لها وقعا ايجابيا في نفس عامل النظافة, حتى لو قدمت له كوبا من الشاي فانه سيقدر لك صنيعك هذا, ولو حاول كل مواطن تنظيف المكان امام بيته كل صباح فانه سيقدر له ذلك, وسيساعد كثيرا في تخفيف الاعباء عنهم, وكلنا يعرف ان عمال النظافة يعملون بأجور متدنية, وربما لا يتقاضون رواتبهم بشكل منتظم نظرا للازمة المالية التي تمر بها البلديات في قطاع غزة, علينا ان نشعرهم اننا نقدر لهم تضحياتهم وجهدهم لمنع انتشار الاوبئة والامراض, واننا نتكامل معهم بمساهماتنا في النظافة داخل بيوتنا وخارجها, وان ما يفعلونه مقدر تماما لدى شعبنا خاصة في ظل هذه الظروف الصعبة التي يعيشها العالم اجمع مع انتشار وباء الكورونا الخطير, علينا ان نقدر فعلهم لانهم صانعو الجمال في كل وقت وزمان, ومن يقدر هذا الفعل فعليه ان يقوم بتكريم هؤلاء فهم الأحق بالتكريم والتحفيز لأنهم يعملون وسط الاخطار, تماما كما الاطباء والممرضين الذين يخاطرون بحياتهم لأجل محاربة الوباء ومنع انتشاره .