حصار الكورونا في قطاع غزة
تاريخ النشر : 2020-04-01 17:19

الحالة الدرامية التي يعيشها سكان قطاع غزة بفعل الحصار المفروض عليه منذ اربعة عشر عاما, وتردي الاوضاع في البنى التحتية للقطاع على كل المستويات المعيشية, والازمات التي يعاني منها قطاع سواء في القطاع الصحة او الحكم المحلي والبلديات أو غيره, هي التي دفعت الناس للتكافل والتكامل والالتزام بالإرشادات والتعليمات, لحصار الكورونا في قطاع غزة المحاصر, رغم قلة الامكانات وعدم توفر ادوات السلامة اللازمة, لكن وحتى ننجح في خطواتنا علينا ان نعترف دائما أن هناك واقعاً يجب ان نقر به حتى نستطيع ان نتجاوزه وفق الحالة التي نعيشها ووفق الامكانيات المتاحة, فالأوضاع المعيشية في قطاع غزة متردية للغاية, ونسبة الفقر والبطالة وصلت الى حد مخيف, والناس لا تستطيع ان تبقى جالسة في بيوتها خوفا من الكورونا القاتلة, لأنه لا يتوفر لديها البديل الذي يستطيع من خلاله رب الاسرة ان يوفر لقمة العيش له ولافراد اسرته, والمائة دولار القطرية التي يعول عليها البعض كثيرا, تقدم في مناسبات متباعدة ولا تكاد تسد رمق العيش للكثير من الناس, مع التأكيد على شكرنا لقطر على هذه المساعدة الخيرية التي تقدمها بين الحين والاخر للمعوزين والفقراء وذوي الحاجة, وبالتأكيد شيء افضل من لا شيء.

ما لاحظته خلال اليومين الماضيين ان الناس لم تعد قادرة على الجلوس بمنازلها, ليس من اجل التنزه والسياحة في الارض, ولكن لأن الحاجة دفعته للخروج للبحث عن الرزق, فالأسبوع الذي جلسته في البيت التزاما بالتعليمات افرغ البيت من مستلزمات الطعام لا طحين ولا سكر ولا سيرج ولا حتى مياه صالحة للشرب, فاضطر للخروج للبحث عن الرزق, الاسواق بدأت تعود لطبيعتها, والسيارات تعمل بوتيرة اكبر, والمحلات والمطاعم وصالونات الحلاقة عادت لتعمل من جديد, ولا يمكن لاحد ان يلوم الناس على هذا طالما انك لم توفر لهم البديل, ونحن نقدر ان حكومة المتابعة في قطاع غزة لا تستطيع توفير الطعام لمليوني فلسطيني يعيشون في قطاع غزة المحاصر, فالأزمة المالية حاضرة بقوة, واشد ما يعاني منه قطاع غزة هو الحصار المالي الذي تفرضه «اسرائيل» على القطاع, والذي تفاقم الى حد كبير, فإسرائيل اعلنت قبل ايام على لسان وزير حربها المجرم نفتالي بينت انها صادرت نحو اربعة ملايين دولار كانت موجهة الى قطاع غزة, والغرض هو تجفيف كل منابع التمويل المالي لسكان القطاع حتى يستسلموا لواقعهم المر ويقبلوا بما يملى عليهم من الاحتلال دون مقاومة, وقد نجح الاحتلال الى حد كبير في منع دول عربية كثيرة من تقديم دعم مالي للفلسطينيين .

في ظل هذا الواقع الذي نعيشه, وامكانية خروج الناس للعمل نظرا للحاجة الماسة إليه, على حكومة المتابعة في قطاع غزة التعامل مع هذا الواقع باتخاذ العديد من الاجراءات الوقائية مثل .

فرض رقابة اكبر على مواقع الحجر الصحي ومنع التواصل بين المحجورين واهاليهم, والفحص اليومي المتكرر للمحجورين وعدم اختلاطهم ببعضهم لان من يحمل المرض قد يصيب شخصاً اخر سليماً مشاركاً له في مكان الحجر الصحي.

التنسيق مع وزارة الصحة برام الله لمد قطاع غزة بالمستلزمات الصحية الضرورية كأجهزة تنفس واجهزة فحص وكمامات وادوية وغيرها, بما يضمن التعامل مع الحالات المصابة بالفايروس بما يلزم حتى تصل الى الشفاء التام وتعاود مزاولة حياتها بشكل طبيعي ولا خوف او وجل.

تشديد الرقابة على البائعين والتجار والسائقين والعاملين في المؤسسات العامة والخاصة والوزارات لاستخدام كل ادوات الوقاية والمطهرات لمنع انتقال الوباء او تمدده لا سمح الله, فهذا اجراء مطلوب.

نشر لجان توعية بين الناس سواء من وزارة الصحة او مؤسسات معنية او من وزارة الداخلية لتوعية الناس وتعريفهم بالأخطار المحدقة بهم ووسائل السلامة والحماية اللازمة ومنع التجمهر والاكتظاظ.

استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لتنظيم ورش عمل شبابية للتعريف بوباء كورونا واخطاره ووسائل الوقاية منه وتكليف هؤلاء الشباب بإرشاد الناس وتثقيفهم بكيفية مواجهة الازمة وتحفيزهم بحافز مالي ولو بسيط من أي جهة كانت ولو حركات المقاومة الفلسطينية التي عليها دور كبير في حماية القطاع من الوباء بإمكاناتها وكوادرها البشرية, حتى يستطيعوا التنقل بين المناطق والقيام بمهامهم على اكمل وجه.

التنسيق مع البلديات في القطاع للبدء بحملات تنظيف وتعقيم في الشوارع والمخيمات والأبراج السكنية, وازالة اكوام القمامة المتكدسة على الطرقات ووضعها في الاماكن المخصصة لها خارج المدن.

هذه خطوات مطلوبة للتعامل مع واقعنا الذي نعيش, وهكذا يمكن أن نحاصر وباء الكورونا في قطاع غزة, خاصة اننا حتى الآن بفضل الله نسيطر عليه ونمنع انتشاره وتفاقمه, ولا زلنا نراهن على وعي شعبنا وقدرته على حصار الوباء, ودائما علينا الالتزام ببيوتنا طالما استطعنا ذلك حتى نقضي على الوباء.