لا تلوموا الطيور في هجرتها بل اسألوا من كان سببا فيها!
تاريخ النشر : 2020-04-04 12:13

( الرحيل عن الأعشاش)     
تهاجر الطيور في الطبيعة من قسوة البرد إلى الدفء لتحافظ على استمرارية وجودها, فتهاجر اسرابا في رحلة منظمة, معروف موعدها, محجوز تذاكرها, مأمون مخاطرها, معروف وجهتها, متبوع قائدها, تطول مسافاتها, ولكن تحقق اخيرا غايتها في الوجود..
فماذا عن هجرة شبابنا بعيدا عن بلادهم وأسرهم؟ 
يهاجروا قسرا, قهرا, ظلما, هروبا, أملا في غد افضل .. يقرر الواحد منهم أن يهاجر بعد أن تتبخر آماله مع مرور السنين, منتظرين فرصة ونافذة للتغيير في حياة علها تفتح بابا نحو صفحة جديدة في المسير . 
ولكن الانتظار طال دون أن يلمس أملا ما، يقف عاجزا لا يستطيع , كل ما ناله خلال محطة الترقب بنطال يستره يقنع نفسه انه جديد, بشبشب بلاستيكي تندفع اصابع قدميه لترتطم بالطريق ..
وبحثا عما يمنح مكانا غير ما كان، تقف أمه، رغم انها نبع حنانه، تقسو عليه , تريده ان يكون مصدر دخل فليعمل من اجل إخوته كل ما هو ممكن ومستحيل: قم ابحث عن عمل ..ألا تستحي وانت ترى حالنا.. دعك من هذا الفراش الطريح.. "والله يا أمي لقد حفظت الدرس وأعدك إن شاء الله بتغيير" يتلعثم ردا عليها.
يمعن تفكيرا وهو ساند رأسه على يديه خلف رقبته ثم...وجدها كأنها حلا لكل ما مضى عقدا وتعقديات، نعم هو: الرحيل....ليس امامي سوى هجرة كما طيور الربيع ..
  انتظر..مهلا ...أعد التفكير وأمعن بقرار نحو مجهول  
 هجرتك ليست كما الطيور  .. الطيور  تهاجر من برودة اوروبا الى دفء بلادنا .. وانت تهاجر عكسها من دفء الوطن الى الجليد ..
 هجرة الطيور كل ما فيها مأمون في كل طور ..وانت ستحفك المكاره من كل صوب ... فاعدل عن رأيك وابق هنا حيث أنت ولدت بين أهلك وقومك .. ابق قبل الفوت .
فالطيور تطير في الفضاء في حمى رب الكون .. وانت أن هاجرت ستكون كمن تخطفته المنايا في قلب الموت, فإن نجوت من البر, لن تنجو من الموج...وإن نجوت من البحر طاردتك قوى الظلم والجور... 
ستلاقي  مصائب بكل شكل ولون .. والمصير إما ان تكون مطاردا او مسجونا او عمل أسود قد لا يكون ليوم أبيض فكل غربة عن الوطن.هي ظلام داكن جدا فيه اللون..
لا تلوموا الطيور إذ ارتحلت بعيدا عن اعشاشها  ..بل اسألوا ضمائر من كان سبب الرحيل والموت ..