كورونا والحسابات العالمية
تاريخ النشر : 2020-04-05 21:26

جائحة كورونا لم تقف عند حساب معين ألا وهو القطاع الصحي بل تعدى إلى حسابات عالمية على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسلوكية، وحسابات أزمة كورونا كان لها أبعاد إيجابية لأطراف معينة وسلبية لأطراف أخرى.
صحيح ان كورونا ساهم في تهدئة بعض الاحتجاجات التي حدثت في بعض مناطق العالم مثل " لبنان، الجزائر، والعراق وغيرها" وكان هذا الامر لصالح بعض الدول باخماد تلك الاحتجاجات والنظر الى اولوية الاستجابة لوقف انتشار الفيروس وهذا الامر سيبقى الى حين انتهاء عام 2020، حيث سيتم تغيير في الخطابات والسلوكيات تحت رهان تجاوز الازمة كتفسير المنطق العقلاني وفق حسابات الخوف من الازمة الحالية.
ايضاً ساهم كورونا بتغير سلوكيات بعض الجماعات المتطرفة حول العالم باستقطاب الارهابيين والمتطرفين عبر نشر من خلال الواتس أب عبارات تدعو المواطنين الانضمام لهذه الاطراف المتطرفة فكرياً بحجة النجاة من الاصابة من كورونا وحجة الذرائع الدينية غير المعتدلة، الامر الذي يُسرع في استخدام حساب ازمة كورونا بتغير معطيات تلك الجماعات بالتعامل مع الفيروس ذريعة لانتشار دواعش جُدد لكن تحت مسميات اخرى، كجماعات النبأ وغيرها.
هذه الحسابات لم تكن فقط ضمن تغيير حسابات السلوكيات للكثير من الجماعات، ولكن ازمة كورونا هي بالاصل حسابات اقتصادية لمصالح دول كبرى، تسعى من خلال هذه الازمة الى ترتيب اسعار النفط وغيرها من الثروات ضمن سياق الحفاظ على النظام الراسمالي واستمرار سيطرته على الشعوب النامية.
رغم صعوبة التنبؤ نتيجة الحالة الضبابية والغموض الذي يرافق هذه الازمة الا ان المسارات العالمية تقسم لثلاث مسارات وابرزها:
• مسار جمود الصراعات حول العالم دون احداث تغيرات نوعية في مواقف الاطراف المتحاربة على الثروات .
• مسار تصاعد الصراع بين الاطراف الكبرى المتنازعة في العالم ويمثل حساب كورونا الحالي فرصة لتغيير موازين القوى لصالح الاقوى، وقد يؤدي لحرب عالمية ثالثة عسكرية لاعادة رسم الخريطة من جديد.
• مسار المراوحة بين السلم والحرب وتبقى الهدنة الخفية الراهنة بسبب حسابات الخوف من تأثير تأجيج الصراع في العالم.
والطاغي الاكبر لنوعية هذه الحسابات هي "الحسابات الاقتصادية" وبالتحديد لما نلاحظه من تراشقات اعلامية وخطابية على مستوى العالم بكيفية تخفيض انتاج النفط والتحكم بالاسعار حتى يستمر النفط الحجري الامريكي بالاستمرار في الانتاج وبالتحديد ان استخراج النفط الحجري والذي هو اساس السلاح في العالم يحتاج الى اموال طائلة لاستخراجه وقد يصل الى فوق 50 دولار للبرميل الواحد وهذا الامر مكلف لاميركا باستخراجه وبيعه، لذلك المعركة الان بين الدول الكبرى بتخفيض انتاج النفط حتى يرتفع اسعاره ليتقارب مع اسعار النفط الحجري الاميركي والذي هو مصدر مال كبير لاميركا، لذلك اذا ما حصلت تفاهمات بين العالم حول اسعار النفط وكمية الانتاج فان الامر سيؤدي لترجيح المسار الثاني وهو تأجيج الصراع بين الاطراف المتحاربة.
اما بخصوص الحسابات الصحية بالرغم ان العديد من العلماء استطاعوا انتاج لقاح لعلاج فيروس كورونا الا ان كان مصيرهم هو القتل، والهدف من ذلك ان دولة واحدة ستبقى المسيطر الحالي باخراج العالم من هذه الازمة ولكن ليس في الوقت الحالي الى حين قتل عدد معين من الافراد ومن ثم سيتم اخراج اللقاح وتكون تلك الدولة المنقذ الرسمي للعالم وهذا الامر مترابط مع الانتخابات الاميركية القادمة وهنا قد يعود ترامب الى واجهة رئاسة العالم اذا تم الاعلان عن اللقاح خلال فترة حكمه الحالي، وبالتحديد ان استطلاع الراي الشعبي قبل يومين كان لصالح ترامب.
اما الحسابات التجارية، عملت اميركا على سحب شركاتها من الصين ولكن لا احد يعلم انها وجدت موقعاً آخر وهو المكسيك القريبة منها لتكون واجهة الاستثمار القادم لاميركا فالمكسيك تعتبر منطقة التصنيع العالمي وبالتحديد انها يومياً تقوم بتصنيع المنتجات الالكترونية بما يقارب 80 مليار سنويا بالتحديد في تصنيع قطع السيارات والتلفونات المحمولة والاجهزة الالكترونية فالمكسيك شهدت في الاونة الاخيرة قوة في التصنيع الانتاجي .
هذه الامور تُغضب دولاً أخرى لذا فالقادم ليس بما يطمح به المواطن العربي فمعطيات وحسابات كورونا رأسمالية بحتة ولا يوجد ضمن مفاهيمها مصطلحات الانسانية والآدمية.