الاستعمار وراء الكورونا
تاريخ النشر : 2020-04-07 20:19

القيادة والحكومة لعبتا دورا هاما في الحد من إنتشار الكورونا في أراضي دولة فلسطين المحتلة في حزيران 1967. وكان لفرض قانون الطوارىء مطلع شهر مارس الماضي، وتجديده مع مطلع إبريل الحالي (2020) دورا هاما في السيطرة النسبية على الوضع، رغم عسر وضيق اليد والإمكانات، إلآ ان الرئيس محمود عباس لم يتردد في إتخاذ القرار، ووجه الحكومة لوضع السياسيات والآليات لحماية الشعب والمصالح الوطنية. لا سيما وان الإنسان يعتبر أهم وأعظم رأس مال لدى الشعب الفلسطيني.

وإنصافا للحكومة ورئيسها د. محمد اشتية، يعتقد كل مراقب موضوعي، انها قامت بدورها الإيجابي من خلال إستخدامها الأمثل بمعايير ما هو موجود ومتوفر باليد لادواتها المختلفة الصحية والأمنية والإقتصادية والمالية والإعلامية والإتصالات. وتمكنت من تقليل حجم المصابين بفايروس "كوفيد 19" في اوساط الشعب.

لكن هناك معضلة اساسية لا تستطيع القيادة السياسية ولا حكومتها الرشيدة تجاوزها أو التغاضي عنها، أو عدم تسليط الضوء عليها، بإعتبارها نقطة الضعف الأساسية، والتي تشكل تهديدا وخطرا محدقا بالشعب في كل المحافظات في جناحي الوطن بما في ذلك القدس الشرقية، وهذة المعضلة، او الخاصرة الرخوة في جدار التحدي الفلسطيني لمواجهة الوباء العالمي، يتمثل في الإستعمار الإسرائيلي، الذي يعتبر وجوده بحد ذاته على الأرض الفلسطينية خطرا داهما سياسيا وامنيا وإقتصاديا وتربويا وصحيا، لماذا؟ وكيف؟ أولا لإنه جاثم على الأرض، ويحول دون حرية الحرية والسيطرة على الأرض والسكان والمصالح الوطنية، ويحد من قدرة الأجهزة الطبية والأمنية وغيرها من تأدية مهامها كما يجب، ووفق معايير منظمة الصحة العالمية؛ ثانيا وجود المستعمرات الإسرائيلية فوق الأرض وتداخلها بين المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية يساهم في إنتشار الوباء بشكل أسرع في الأوساط الفلسطينية، خاصة وان غالبية اولئك المستعمرين من الحريديم، الذين لا يراعون شروط السلامة الشخصية والعامة، وينتشر وباء الكورونا في صفوفهم باعداد كبيرة، وحدث ولا حرج بالنسبة لإبناء الشعب العربي الفلسطيني في العاصمة الأبدية، القدس حيث تكون نسبة التداخل عالية جدا، وتترك آثارا مباشرة وفورية على المواطنين الفلسطينيين؛ ثالثا كما ان إنتشار قوات الجيش وأجهزة الأمن الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية ايضا من عوامل إنتقال الفايروس بشكل سريع. الجميع يتذكر الشريط الذي تم تصويره لمجموعة من الجنود المستعمرين، وهم يقومون في ساعات الليل بالبصق على السيارات الفلسطينية بهدف تلويثها بالفايروس التاجي؛ رابعا العمال الفلسطينيين، الذين يعملون في المستعمرات الإسرائيلية وداخل ال48، فهؤلاء ايضا يشكلون حاملا للوباء لإكثر من إعتبار، منها 1- الإختلاط مع الصهاينة اليهود في العمل؛ 2- عدم تأمين الحماية الصحية لهم، لا يتم منحهم كمامات وكفوف ولا المطهرات الكحولية، ولا يتم فحصهم عند المغادرة ولا عند العودة للعمل؛ 3- حتى من تم الموافقة على نومهم داخل اماكن عملهم، لم يتم تأمين أماكن منامة مناسبة وصحية لهم، وبالتالي يساهمموا من حيث لا يعتقدوا بنقل العدوى بسرعة بين ذويهم واصدقائهم ومعارفهم؛ خامسا حتى التجار واصحاب المصالح الإقتصادية بتعاملهم مع نظرائهم  الإسرائيليين في الموانىء والبنوك والمؤسسات ذات الإختصاص لإعتبارات تتعلق  بمصالحهم، ايضا يشكلون عاملا مساعدا في نقل الفايروس الجائحة.... إلخ

كل هذة العوامل وغيرها تشكل خطرا وتهديدا حقيقيا بإنتشار الفايروس الوبائي. وهذة العوامل لا تخضع لسيطرة السلطة الوطنية الفلسطينية، وهي تتبع دولة الإستعمار الإسرائيلية. وعليه فإن وجود الإستعمار على الأرض الفلسطينية، فضلا عن انه وباء خطير يهدد حياة الإنسان الفلسطيني على مدار الساعة نتاج جرائمه وإنتهاكاته اللا إنسانية لحياتهم ومصالحهم، غير انه ايضا يعتبر حاملا متحركا للوباء الكوروني، ويثقل على حياة الشعب الفلسطيني. الأمر الذي يتطلب من دول العالم قاطبة، والأقطاب الدولية الرئيسية الضغط على حكومة إسرائيل على اقل تقدير الخروج من المدن الفلسطينية، وعدم العودة لها حتى تتم السيطرة على الوباء؛ وإلغاء التقسيمات المعروفة A و B وC وإعتبار كل الأراضي المحتلة في الخامس من حزيران عام 1967 وفي مقدمتها القدس الشرقية وحدة إدارية وسياسية وأمنية واحدة، وتتبع أمنيا وأداريا وإقتصاديا وسياسيا للسلطة الفلسطينية وحكومتها الشرعية كخطوة على طريق الإنساحاب الكامل والناجز من الأرض الفلسطينية وبلوغ الحل السياسي الكفيل بوضع ركائز تسوية سياسية ممكنة ومقبولة بإستقلال وسيادة دولة فلسطين على اراضيها. دون ذلك ستبقى الأرض والشعب الفلسطيني بشكل يومي ودائم عرضة لإنتشار كل الأوبئة وفي مقدمتها وباء كورونا.