قرارات في حاجة لاستراتيجية تطبيق
تاريخ النشر : 2020-05-21 16:15

اعلان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، أن منظمة التحرير، والسلطة الفلسطينية قد أصبحتا في حِل من جميع الاتفاقات والتفاهمات مع الحكومتين الاميركية والإسرائيلية، ومن جميع الالتزامات المترتبة عليها، بما فيها الالتزامات الأمنية هو بمثابة خطوة جيدة ان كان القرار نابعا من ارادة حقيقية, لكنها وفي نفس الوقت تبقى قرارات منقوصة ومشلولة تحتاج الى عوامل اخرى لمساندتها ودعمها وتطبيقها على ارض الواقع, خاصة ان رئيس السلطة الفلسطينية لا يملك زمام الامور بيده, فهناك حالة انفلات لدى المتنفذين وقادة الاجهزة الامنية في السلطة, والذين اعطوا لأنفسهم الحق في انشاء علاقات مع الاحتلال بعيدا عن السلطة الفلسطينية, والرئيس ابو مازن يعلم ذلك جيدا, موقع «واللا نيوز» العبري تحدث عن تقليل مسئولين أمنيين إسرائيليين من تصريحات رئيس سلطة رام الله محمود عباس المتعلقة بوقف التنسيق الأمني، وقال مسئولون أمنيون بحسب الموقع العبري، إنّه «لم يحدث أي تغيير في التنسيق الأمني، مؤكدين أنّ «احتمالات وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل ضعيفة جدا، لأن الاتفاقيات الأمنية تخدم الطرفين، وأنّه هدد عشرات المرات لذلك دون تطبيق». وقدر المسئولون الصهاينة، أن «هناك احتمال ضعيف لقطع عباس كل العلاقات مع إسرائيل، لأن الاتفاقيات تخدم الجميع، وإذا قرر عباس وقف التنسيق الأمني، فسوف يتعرض لهجمات من قبل حماس.

كما ان القرارات التي اعلن عنها الرئيس عباس رغم اهميتها الا انها تليت على مسامع الحاضرين دون مشاورة مع الفصائل, وعندما اراد ممثلو الفصائل الفلسطينية مناقشة آليات تطبيق القرار تم منعهم من ذلك, جل المداخلات والمشاحنات كانت حول إصرار المشاركين بضرورة اجابة رئيس السلطة الفلسطينية على تساؤلاتهم كيف ستنفذ السلطة القرارات التي أعلن عنها؟ كيف سيدخل وقف التنسيق الأمني حيّز التنفيذ؟ وما الخطوات العملية لذلك؟ وكيف ستتحمّل سلطة الاحتلال جميع المسؤوليات والالتزامات؟ صحيفة العربي الجديد قالت «عباس لم يكن يريد أن يسمع المداخلات، بل رفض إعطاء الدور لنائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية قيس أبو ليلى ليقدم مداخلته، فيما هدد ممثل الجبهة الشعبية عمر شحادة من قبل مرافق الرئيس بمنع مواصلة الحديث، و»إلا» في إشارة للتهديد. وفي ذات السياق، منع عضو مركزية «فتح»، عباس زكي، من إكمال مداخلته التي ركزت على «ما هي الخطوات العملية لتنفيذ هذه القرارات؟». في حين قوبلت أسئلة عضو مركزية «فتح»، ناصر القدوة، حول كيفية تنفيذ القرارات وتحويلها إلى خطوات عملية يصدقها الشارع دون اجابة من عباس الذي أبدى امتعاضه من الأسئلة، وأرسل إشارات مستفزة عبر الكلمات وحركات الوجه أكثر من مرة، في امتعاض من الأسئلة والسائلين», وكأن القرارات المتخذة مجرد وسيلة ضغط على الاحتلال فقط.

وسائل كثيرة كان يمكن فعلها لتحصين هذه القرارات وتطبيقها على ارض الواقع, ولكن يبدو ان هذه القرارات ستكون كسابقتها, مجرد حبر على ورق, وان طرحها بهذا الشكل لا يعدو كونه رسالة يبعثها محمود عباس لإسرائيل والادارة الامريكية, على امل ان يكون لها وقع لدى الامريكان, خاصة ان امريكا بررت لملك الاردن تخوفه من تنفيذ قرار الضم وتهديداته, فأمريكا تعرف كيف تتعامل مع التصريحات «العنترية» وتستطيع ان تقدر ان هناك تصريحات تقدم للشعب لأجل امتصاص غضبة الشارع, وتصريحات اخرى مغايرة تماما تقدم داخل اروقة الفنادق والقاعات, لكن يجب ان لا نغفل ان الادارة الامريكية لا تتعامل مع تصريحات رئيس السلطة كتعاملها مع تصريحات ملك الاردن, فرئيس السلطة كما قالت امريكا عليه ان يقبل او لا يقبل ما يطرح عليه في صفقة القرن فهو في دائرة المفعول به, اما ملك الاردن فهو في دائرة الفعل, فمطلوب منه ان يمرر سياسة الادارة الامريكية والاحتلال الصهيوني وان يتبنى صفقة القرن ويعمل على تطبيقها, لذلك على رئيس السلطة ان يمارس السياسة كما يجب, وان يستخدم كل اوراق القوة التي بيدية وان لا يستثني أي خيار, حماس ليست عدواً لدوداً للرئيس عباس كما تحاول ان تروج وسائل الاعلام العبرية, وكذلك الجهاد وباقي فصائل المقاومة, الاحتلال يحاول ان يمنع وحدتنا من خلال بث الاكاذيب وضرب الاسافين بين فصائل المقاومة والسلطة, لذلك على الرئيس تفهم هذا الامر جيدا, والتوافق مع حماس والجهاد على توحيد البيت الداخلي الفلسطيني, لكي تكون قراراته قابلة للتطبيق وفق استراتيجية موحدة, وليست مجرد حبر على ورق.