هل أُستبدل "الحراك الشعبي" في الضفة بـ "المقاومة الناعمة"!
تاريخ النشر : 2020-06-02 08:47

كتب حسن عصفور/ منذ خطاب الرئيس محمود عباس حول "التحلل" من الاتفاقات كافة مع دولة الكيان الإسرائيلي، يوم 19 مايو 2020، أعلنت حركة فتح أنها تستعد للمرحلة المقبلة بكل الأشكال الممكنة لمواجهة التطورات، ودعم "موقف الرئيس"، وطالبت تشكيل " لجان حراسة أمنية ليلية" في مناطق الضفة، بعد وقف التنسيق الأمني.

ولكنن ما يثير الاهتمام، ان حركة "التفاعل الشعبي والفتحاوي"، لا تشير ابدا أن هناك عناصر لأي "حراك شعبي" عام، يمكن ان يشكل سلاحا رادعا ضد قوات الاحتلال، ودعما لـ "خطاب الرئيس"، رغم كل ما صدر من تصريحات نارية، تعيد بالذاكرة تلك التي تطلقها الفصائل بعد كل "نكسة سياسية" مع المحتلين (ستفتح عليهم أبواب جهنم).

بالتأكيد، يمكن القول أن الحركة الشعبية لا تعمل وفق "زر خاص" تحت سيطرة ديوان الرئيس، خاصة بعد مسلسل من خيبات الأمل الوطنية، ودور أجهزة الرئيس وديوانه، بأكبر عمليات مطاردة واعتقال لكل من كان يفكر في مواجهة المحتلين، وأبرزها "هبة السكاكين"، الى جانب أن الرئيس عباس نفسه، لا يؤمن بحركة الغضب الشعبي، بل لا تسمع له كلمة واحدة في حق المنتفضين ضد المشروع التهويدي، ولم ينع شهيدا بشكل رسمي سقط في المعركة ضد الغزاة.

غياب الفعل الشعبي العام محل استفهام سياسي، بما فيه حراك القوى والفصائل التي اختبأت كثيرا وغابت عن المواجهة الحقيقية، بذريعة "التنسيق الأمني"، وطالبت بوقفه لتنطلق، لكن الواقع كشف زيفها تماما، وربما لا تريد أن تمنح فتح وسلطتها قوة ضد المحتلين، قبل أن تكون هي رأس الحربة، كي لا تترك الحراك في نقطة فصل سياسية، للذهاب الى باب المساومة مستغلة هبة الغضب الحديثة.

ولكن، السؤال المركزي، لماذا تترد فتح وتمنع انطلاق حركة الغضب الشعبية ضد قوات الاحتلال، بل انها لم تحرك ساكنا بعد عملية اعدام الشاب إياد الحلاق، والتي كان لها ان تكون شرارة لهبة تعيد الاعتبار لوجه فتح الكفاحي، الذي غاب عنها منذ مؤامرة اغتيال الخالد المؤسس ياسر عرفات.

هل قرار غياب الفعل الشعبي والحراك الانتفاضي، أصبح جزءا من "آليات الباب الدوار" في العلاقة مع الوجود الاحتلالي، ولذا أوقفت حركة فتح، بناء على تعليمات رئاسية أي تفاعل وطني شعبي قد يؤدي الى كسر معادلة "الكلام الثوري بديل الفعل الثوري".

ملامح المشهد، تؤكد أن القرار المركزي لفتح، يمنع انطلاق مواجهة شعبية ضد الوجود الاحتلالي، وكي لا يبدو أنها غائبة عن الفعل والتأثير، أطلقت مبادرات مما يمكن وصفها بمقاومة "القوة الناعمة"، التي تثير موجة غضب "عاطفية"، وتخلق تفاعلا دون مواجهة ليست جاهزة لها قرارا سياسيا، وربما ميدانيا، فجاءت حملة "مقاطعة الاعجاب بصفحة المنسق" وشخصيات تمثل جيش الاحتلال، نموذجا، ورغم أنها تبدو "فعلا إيجابيا"، الا أنها كشفت كم أن ثقافة "التعاون الإيجابي" مع العدو كانت هي السائدة، بعد أن غادر عشرات آلاف الاعجاب بصفحة ممثل جيش العدو، فالصمت عليها كان جريمة وطنية علنية.

"المقاومة الناعمة" سلاح مهم لو استكملت حلقاته، وأن يكون جزءا من خطة مواجهة شاملة، وليس محاولة لاستبداله بمقاومة شعبية، فعندها يصبح سلاحا بلا أسنان، ويمكن للمحتلين ابتكار بديلا، وأيضا ضمن مفهوم "الأسلحة الناعمة"، خاصة وأن "الامتيازات" الشخصية، قد تحرك كثيرا من مواطن الضعف الإنساني، عندما يفقد الانسان ثقته بجدية "أولي الأمر" السياسيين ضد المشروع المعادي.
والسؤال، لماذا لا تبدأ الفصائل "النارية جدا" بالتهديد والوعيد، تفعيل الحراك الشعبي بكل أشكاله، بما فيه "المقاومة الناعمة"، بعد وقف ما كانت تدعي انه "العقبة" الرئيسية لفعلها المقاوم العام...هل صمتها او "هوانها" السياسي شكل عقابي لحركة فتح أم أنها ترسل رسائل أخرى الى جهات أخرى، بانها جاهزة للشراكة في أي بديل ممكن لحكم "المحميات" مع "كيان غزي خاص".
الصمت والسكون هو جزء من تمرير المشروع التهويدي.

ولتنشيط "ذاكرة البعض الفصائلي" الذي لعب دورا مكملا لتدمير السلطة الوطنية في عهد الخالد أبو عمار، فهبة الغضب بعد قمة كمب ديفيد، انطلقت يوم 28 سبتمبر 2000 مع سماع ان شارون سيقتحم المسجد الأقصى، فكانت شرارة لأوسع حركة مواجهة شعبية عسكرية في الصراع مع العدو الإسرائيلي استمرت 4 سنوات، لم تنتظر الجماهير تهيئة ظروف، لان التعبئة الكفاحية كانت هي السمة السائدة في حينه، وليس "التعاون الأمني تنسيقا وتفاهما" في بقايا الوطن.

ملاحظة: تصريحات وزير خارجية حكومة السلطة المالكي، كشفت المستور السياسي، بأن قرار فك الارتباط مع إسرائيل ليس قرارا نهائيا...الباب مفتوح لو تراجعت حكومة نتنياهو...وبتقولنا ليش الشعب لا يثق بكم ابدا!

تنويه خاص: وأخيرا وجد الرئيس عباس وقتا ليتصل بأهل الشهيد الحلاق، لكنه تجاهل كليا اعتباره شهيدا من شهداء فلسطين...وبوعد أن دمه لن يذهب هدرا كما ذهب دم من سبقه في مسار الحرية والاستقلال الوطني!