ذلك هو الخسران المبين
تاريخ النشر : 2020-06-03 12:16

أن تراهن على مواقف السلطة الفلسطينية, فذلك هو الخسران المبين فالسلطة لا ترغب في التحلل من قيود اتفاقيات التسوية, ولا ترغب في الخروج من مسارات السلام الهزيلة التي اوصلتها الى هذا الحال المزري, وبات الاحتلال يتعامل معها باستخفاف ولا مبالاة بعد ان تيقن ان السلطة لا تملك اية خيارات غير خيار التسوية حسب رؤية وقناعة رئيس السلطة محمود عباس, الذي قرر وقف العمل بالاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال، وتشكيل لجنة لتنفيذ هذا القرار، وذلك عملا بقرار المجلس المركزي، كرد فلسطيني مباشر على الإعلان الاسرائيلي عن التوجه لضم الأغوار والمستوطنات, وفرض ما يسمى بـ”السيادة الاسرائيلية” عليها, في الدورة الـ73 للأمم المتحدة. أكد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أنه ماضٍ في عملية التسوية، وأنه يسعى إلى السلام مع الاحتلال الصهيوني، وأنه مستعد للعودة إلى طاولة المفاوضات, وعندما تحدّث عباس عن عملية التسوية، بدا ضعيفاً يستجدي الجلوس مع العدو، وقال «لسنا ضد المفاوضات ولم نرفضها يوماً، وسنواصل مد أيدينا من أجل السلام، وإننا لن نلجأ إلى العنف والإرهاب مهما كانت الظروف», هذه هي القناعات التي ينطلق منها رئيس السلطة الفلسطينية في مجابهتة لجرائم الاحتلال, وهى قناعات راسخة لا تتغير مهما كان حجم الملمات بشعبنا الفلسطيني, وذلك هو الخسران المبين.

في اعقاب تصريحات رئيس السلطة بوقف العمل بالاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال, خرج علينا وزير خارجيتة رياض المالكي ليؤكد استعداد السلطة لعقد لقاء مع «إسرائيل» في موسكو، لكنه أعرب عن خشيته من تهرب الجانب الإسرائيلي من هذا اللقاء مجددا, خاصة ان هناك محاولتين اجريتا لتنظيم لقاء بين نتنياهو ورئيس السلطة محمود عباس، في روسيا، لكن كلتاهما فشلتا بسبب موقف الجانب الإسرائيلي, وأضاف أنه يشكك في قدوم نتنياهو إلى موسكو حتى في حال دعي إلى زيارتها مجددا. كما ذكر المالكي أن فلسطين مستعدة لإجراء حوار مع «إسرائيل» عبر الفيديو تحت إشراف موسكو، مع أنه شكك في أن يقود ذلك إلى نتائج ملموسة. لكنه أشار إلى أن «الجانب الفلسطيني سينظر في هذه الإمكانية إذا وجدتها روسيا أمرا مجديا», فأين ذهبت قرارات رئيس السلطة الفلسطينية بوقف العمل بالاتفاقيات, وهل توقف التنسيق الامني مع الاحتلال الصهيوني, فإذا كان التنسيق الامني قد توقف فكيف تتم عمليات الاعتقال والملاحقة للمواطنين الفلسطينيين في الضفة, ان تصريحات المالكي تعكس عدم جدية السلطة بتنفيذ قرارات قطع علاقاتها مع الاحتلال, فالسلطة لا تملك ارادة المواجهة مع الاحتلال ولا زالت تراهن على العلاقة مع الحكومة الصهيونية, وكما قالت الجبهة الديمقراطية في بيانها, فانه يتوجب على المالكي التوقف عن الهرطقة السياسية وأن يلتزم بالقرارات الوطنية».

نعم المطلوب كما دعت الفصائل الفلسطينية الاقتراب من الاجماع الوطني الداعي الى اطلاق حالة مقاومة شاملة ضمن استراتيجية نضال موحدة يشارك فيها الكل الوطني, وعدم التمترس خلف مسيرة التسوية الهزيلة, والبحث عن بدائل حقيقية لمواجهة سياسة التعنت الاسرائيلية, والمعلوم ان اكثر ما يشجع الاحتلال الصهيوني على تمرير مخططات الضم والتهويد, هو الموقف الجامد للسلطة والذي لا يحرك ساكنا تجاه خطوات الاحتلال التصعيدية, وكما قالت الجبهة الديمقراطية فإن تصريحات الوزير المالكي تؤكد «أن المراوحة في المكان، مازالت، كما يبدو، السياسة العملية الوحيدة المضمرة، من قبل السلطة، وأن قرارات الإجماع القيادي في 19/5/2020، باتت معرضة لتأويلات وتفسيرات لا تعكس على الإطلاق الأجواء التي سادت أعمال الدورة الأخيرة للمجلس الوطني، ولا تعكس الأجواء العامة للحالة الوطنية الفلسطينية», يجب التخلص من وهم اللجنة الرباعية الدولية، التي يدرك الجميع ماهي الأهداف الحقيقية التي كانت وراء استحداثها، وكيف استغلتها الولايات المتحدة في تنفيذ خططها, كما يجب التخلص من السطوة الامريكية على القرار السياسي عبر اتخاذ قرارات عملية للتصدي لسياسة الانحياز الامريكي السافر للاحتلال الصهيوني, ويجب عدم الرهان على تطبيق قرارات الشرعية الدولية لان المجتمع الدولي غير قادر على مواجهة سياسة اسرائيل .

القضية الفلسطينية أكبر بكثير من أن تكون موضوعاً للاختيارات الفاشلة والرهانات الخاسرة, وان كان المالكي قد تراجع فعليا عن تصريحاته, فنحن ننتظر خطوة المواجهة مع الاحتلال بكل اشكالها, وخطوات عملية تؤكد تطبيق قرار وقف العمل بالاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال, ووقف التنسيق الامني, حتى لا تبقى السلطة الفلسطينية والى الابد في دائرة الخسران المبين .