تسليم الأسلحة
تاريخ النشر : 2020-06-29 10:41

ان صحت الاخبار التي تقول بتهديد السلطة بتسليم المفاتيح والسلاح  للاحتلال في حالة اصراره على عملية الضم لمنطقة الاغوار والمستوطنات الكبرى، فاننا نكون أمام حالة جديدة في المرحلة الحالية وعادية في فهم وقراءة التاريخ والواقعية السياسية التي قضت بعدم التعايش مع الاحتلال.

لا يعقل ان تكون العلاقة مع الاحتلال هي القيام بمهام لا تتعارض ولا تتصادم معه، لان اصل العلاقة مع المحتل في كل الثورات الشعبية التحررية، والشعوب التي احتلت اراضيها عبر التاريخ هو التصدي والتضاد، فلا  مكان لمحتل غاصب في عرف الشعوب والتحرر والكرامة، ومكانه الطبيعي هو الطرد ومزابل التاريخ.

قراءة ما سيحصل مستقبلا واستشرافه، لا يكون عبر توقعات غير  منطقية، وعبر كلام يذهب ادراج الرياح بل يكون عبر قراءة موضوعية نقدية تقوم على أسس متينة وحقائق على الارض ، وليس على امنيات وعواطف واوهام.

ان يختلف الاحتلال في موضوع الضم فهذا أمر عادي، وخلافهم ليس على فكرة الضم بقدر ما هو خلاف  على توقيت الضم والثمن الذي سيدفعه الاحتلال في حالة كان التوقيت خاطئا، لان الاحوال تتقلب سريعا في عالم اليوم، ولا مكان لقرار غير مدروس العواقب، كون القوة لها حدود وليست مطلقة التصرف.

فلسطينيا لم يحصل حتى الان افضل رد على عملية الضم سوى تهديدات وبضعة مسيرات واعتصامات وهذه لا تغني ولا تسمن من جوع، كون عملية الضم تحدي كبير جدا وغير مسبوق، بحاجة لمواجهته بتحدي اكبر وليس ببيانات شجب واستنكار.

ما هددت به غزة من ان عملية الضم هو بمثابة اعلان حرب، هو في المجال الصحيح من ناحية االواقعية السياسية، كون الحدث كبير وبحاجة لاعلان كبير يوازيه ويواكبه ويتحداه، مع معرفتنا ان وضع غزة في حصار واي حراك من قبلها ثمنه لا يستهان به، ولكن هذا هو ديدن التاريخ وصيرورته فلا حرية بلا ثمن كبير.

الوقت ليس وقت مناكفات اعلامية وتسجيل نقاط هنا وهناك، بل سرعة التوحد عبر برنامج وطني موحد واعادة ترتيب البيت الفلسطيني بسرعة وعاجلا غير  آجلا، فالوقت كالسيف ان لم تقطعه قطعك في هذه المرحلة الحساسة.

استثمار النقطة الحرجة والوقوف الاجباري على مفترق طرق خطر جدا، والذهاب نحو الاختيار الصحيح هو من صنع القادة الكبار، فقيادة دفة السفنية في امواج عاتية لا يكون من ايدي مرتجفة، بل بقرارات جرئية ومدروسة ومخطط لها جيدا وبحكمة وروية.

صحيح ان اتفاق "اوسلو" جاء في ظل معطيات ومرحلة صعبة، وكانت نتيجته بعد 25 عاما هو قرار ضم ثلث الضفة الغربية، وهنا يتبين فشله ولا يمكن البناء على فشل وبنيان هش ضعيف، لذلك وجب عدم التردد في اتخاذ قرارات مصيرية وحازمة، ولا مجال للتردد هنا، وهذا بحاجة للكل الفلسطيني ان يكون كالجسد الواحد يشد بعضه بعضا، امام عدو متغطرس ماكر وغدار، فهل تفعلها القيادات الفلسطينية وتسجل تاريخها بمداد من ذهب؟! نأمل ذلك.