مسرحية الحوار الفلسطيني
تاريخ النشر : 2020-07-08 22:21

 الحوار الفلسطيني - الفلسطيني، تحول مع الأسف إلى مسرحية مزمنة، نشهد فصولاً جديدة لها، مع كل خطوة عدوانية إسرائيلية أو أمريكية

مرة أخرى، تقفز نغمة الحوار الفلسطيني - الفلسطيني إلى السطح، بعد إعلان الطغمة الحاكمة في «إسرائيل» عن مخططها لضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية، ومرة أخرى أيضاً، يتحفنا المسؤولون الفلسطينيون، سواء في حركة فتح أو حماس، بتصريحاتهم حول أهمية الوحدة الفلسطينية، لمواجهة إجراءات الاحتلال، وذلك في وقت يستكمل فيه رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو مشاوراته مع المسؤولين الأمريكيين والقادة الأمنيين حول آلية تنفيذ خطته المدعومة أمريكياً.

فبعد لقاء جمعه مع نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري، عبر تقنية الـ "فيديو كونفرنس"، أعلن جبريل الرجوب أمين سرّ اللجنة المركزية لحركة فتح، أن كلاً من فتح وحماس اتفقتا على التنسيق لإفشال صفقة الضم ومشروع تصفية القضية الفلسطينية كقضية سياسية، على حد تعبير الرجوب الذي أكد أن الحركتين ستعملان على تطوير الآليات كافة التي تحقق الوحدة الوطنية، وأن "المرحلة الحالية هي الأخطر التي يعيشها الشعب الفلسطيني"، قائلاً: إنه في حال أعلن الضم "سنتعامل مع الاحتلال كعدو".

وأضاف: "نريد أن نخرج برؤية استراتيجية كاستحقاق لمواجهة التحديات الحالية مع كل فصائل العمل الوطني".

تصريحات متفائلة قابلها العاروري من جهته بتأكيدات على "الوحدة" بين الحركتين.

وعلى الرغم مما قد تثيره هذه التصريحات، من استهجان في ظل التناقض المستحكم بين الطرفين، فإن هذا الاجتماع الفجائي، وما نتج عنه من تصريحات ومواقف مكررة، لطالما سمعها الشعب الفلسطيني، من شأنه أن يثير التساؤلات لدى الشارع الفلسطيني، حول مدى جدية هذه المواقف، وإمكانية ترجمتها على الأرض، ذلك أنه من الواضح أن هذا اللقاء تنسيق مؤقت وليس خطوة حقيقية على طريق المصالحة الوطنية الفلسطينية، التي لا بد منها لصيانة المشروع الوطني الفلسطيني، أو على الأصح ما تبقى منه في ظل التنازلات الكبيرة التي قدمتها منظمة التحرير الفلسطينية، ومن ثم السلطة الفلسطينية، من أجل تسوية سلمية للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، أثبتت الأحداث والوقائع أنها ليست سوى سراب، وقفز في الفراغ ليس إلا.

وبعيداً عن الدخول في تفاصيل التصريحات المعلنة، بعد اللقاء بين الرجوب والعاروري، إلا أن ما يلفت النظر، هو ما قاله الرجوب من أنه في حال أعلن الضم سيتم التعامل مع الاحتلال كعدو، مع أن الاحتلال، مهما كان لونه، لا يمكن وبأي حال من الأحوال إلا أن يكون عدواً.

كما أن ما يثير التساؤلات حول مدى جدية الطرفين فتح وحماس، في طي صفحة الماضي، هو أن الظروف الداخلية في الحركتين، وسلوكهما، ورؤيتهما السياسية، أو مصالحهما، لم يطرأ عليها أيّ تغيير، بل والأخطر من ذلك وجود قوى مؤثرة في داخل الحركتين، قد تدفع في اتجاه معاكس للمصالحة، بسبب خشيتها على مصالحها الضيقة، وهي قوى يعرفها، سواء المنضوون تحت لواء حركة فتح أو تحت راية حماس، ومن هنا يبدو البعض، ولا سيما من القريبين من الحراك السياسي الفلسطيني، غير متفائلين.

زد على ذلك، أن من حق المواطن الفلسطيني العادي، أو ممن ينتمون إلى النخبة الفلسطينية أن يتساءلوا، لماذا لا يأتي الحديث عن الحوار الفلسطيني الفلسطيني، إلا كردة فعل على خطوة إسرائيلية؟! ولماذا لم تتحرك الأطراف الفاعلة على الساحة الفلسطينية باتجاه الوحدة الفلسطينية، عندما قامت الإدارة الأمريكية وبالتنسيق الكامل مع الاحتلال الإسرائيلي، بخطوات كانت بمنتهى الخطورة على القضية الفلسطينية ومستقبلها؟! ربما أكثر خطورة من خطة الضم التي تنوي سلطات الاحتلال تنفيذها، ومنها نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والإعلان عما سمي بصفقة القرن، أم أن هذه الإجراءات ثانوية أمام ضم مناطق خاضعة للاحتلال أصلاً؟ أخيراً، لا بد من القول إن الحوار الفلسطيني - الفلسطيني، تحول مع الأسف إلى مسرحية مزمنة، نشهد فصولاً جديدة لها، مع كل خطوة عدوانية إسرائيلية أو أمريكية، من دون الوصول إلى نتيجة فعلية على الأرض.

عن الخليج الإماراتية