ترسيم حدود فلسطين ضرورة سياسية كبرى!
تاريخ النشر : 2020-08-08 09:35

كتب حسن عصفور/ رغم أن قرار الرئيس عباس والجهات الرسمية الفلسطينية بفك الارتباط مع دولة الاحتلال، ووقف العمل بالاتفاقات كافة معها، مر عليه ما يقارب 3 أشهر، فإن الجانب الرئيسي الذي تم تنفيذه يتعلق بوقف "النشاطات التنسيقية" الأمنية والمدنية، والأخيرة أصابت الفلسطيني ببعض الخسائر غير المطلوبة، خاصة ما يتعلق بالقرار "غير المفهوم" بوقف الحصول على الأموال الفلسطينية من الجانب الاحتلالي، ما ترك بصماته السلبية جدا على واقع الحياة اليومية المعقدة أصلا.

يمكن وصف المشهد الراهن، غابت الخطوات الأكثر ضرورة كسحب الاعتراف المتبادل وتجسيد دولة فلسطين مؤسسات وحكومة بديلة، وحضرت بديلا لها خطوات إجرائية لا تكلف دولة الكيان ثمنا يدفعها للتفكير بوقف مشروعها التهويدي بكل مكوناته، والذي قطع شوطا كبيرا في التنفيذ.
وبعيدا عن فتح باب "الملامة السياسية" حول الخطوات الواجب القيام بها، وأي لها أولوية عن غيرها، ومبررات البعض الرسمي لما لا يجب القيام بأخرى، فلنفكر بطرق أخرى قد يكون لها "أثر سياسي كبير"، يمكنها أن تفتح الباب واسعا للقفز نحو تكريس واقع قانوني لصالح الشعب الفلسطيني.

أشار أحد الخبراء المصريين، وبعد ترسيم الحدود البحرية بين اليونان ومصر، أن القاهرة تتجه الى ترسيم حدودها مع دول عدة، بينها فلسطين، ولعل هذه القضية تمثل مفتاحا لتحرك سياسي بعيدا عن "الشكل التقليدي"، وتكسر باب الجمود في اتخاذ قرارات مؤثرة على مسار المشروع المعادي للمشروع الوطني.

بات من الضرورة الوطنية التحرك السريع نحو مصر من أجل ترسيم حدود دولة فلسطين البرية والبحرية، بعيدا عن دولة الاحتلال، خطوة في حال تنفيذها ستحدث تغييرا جوهريا في الانتقال من بحث مصير كينونة السلطة الى مستقبل حدود الدولة، مسألة ستنقل خطة المواجهة من الأرشيف الورقي – الكلامي الى فعل تنفيذي.

ومن القيم التي تكمن في خطوة ترسيم الحدود، ان تصبح الشقيقة مصر طرفا مباشرا في المواجهة الكبرى من الجانب القانوني السياسي وحقوقها السيادية، وقفزة هامة نحو تجسيد مفهوم البعد السيادي لدولة فلسطين.

قد يخرج البعض "المنهك وطنيا"، والقاصر فكريا للقول أن الحدود مسألة لم تحسم بعد، وكأن الأمر لا زال في "صندوق اتفاق" تم حرقه منذ زمن بعيد، فيما لدينا قرار رسمي وشرعي من الأمم المتحدة خاص بدولة فلسطين، أصبح هو المرجعية الرسمية وليس غيره لتوقيع الاتفاقات مع الدول الشقيقة والصديقة.

ترسيم حدود دولة فلسطين مع الشقيقة مصر، تفتح الباب لترسيم ذلك أيضا مع الشقيقة الأردن، وتلك قد تبدو خطوة أكثر أهمية سياسية قانونية من حيث أن هناك "معركة مشتركة" تتعلق بالحدود والعدوانية الإسرائيلية حولها.

ودون الخوض في تفاصيل الجانب القانوني وكيفية القيام بها عمليا لترسيم حدود دولة فلسطين مع مصر والأردن، يمكن أن تتقدم دولة فلسطين بمشروع لترسيم الحدود مع دولة الكيان ذاته، مستمدا من قرار الأمم المتحدة 19/ 67 لعام 2012، ويكون منطلقا للخروج من "دائرة القيد السياسي" ولكسر صندوق الكسل الفكري، والذهاب لفعل يمكنه أن يحدث انقلابا في خطة المواجهة الكبرى للمشروع التهويدي.

هناك مهمة مضافة لترسيم الحدود البرية والبحرية مع مصر تتعلق بالوضع الخاص في قطاع غزة، حيث يمكنها ان تحاصر الفكرة الصهيونية حول إقامة "كيان غزي خاص" تجد له آذانا صاغية في مواقف بعض من قيادات حماس وسلوكهم، وتحت "يافطات سياسية" مختلفة.

هل تتحرك القيادة الرسمية الفلسطينية للقيام بخطوة خارج النمط التفكيري السائد، والخال من الدسم الثوري...هي فرصة وجب القيام بها.

ملاحظة: خطاب نصرالله بعد انفجار مرفأ بيروت صورة نموذجية لكيفية "الهروب" السياسي...جاهد بكل فنون اللغة أن لا يحمل دولة العدو مسؤولية مباشرة أو تلميحا... ولأنه يعلم ثمن ذلك جيدا قرر الهروب باعتباره "ثلثين المراجل".

تنويه خاص: بعض حماس يبحث صداما مع الشقيقة مصر لخدمة المشروع العدواني التركي والإرهابي الإخواني..هل ذلك مصلحة وطنية أم هو فعل خارج السياق الوطني...سؤال لشركاء حماس في غزة!