انتصار البطش تروي لـ"أمد" سبب تحديها للعادات وإقامة حفل تخرجها داخل "جرافة"؟!
تاريخ النشر : 2020-08-11 00:00

غزة- صافيناز اللوح: على غير التقاليد التعليمية وحفلات تخرج الطلبة من جامعاتهم، أرادت فتاة غزية أن تكرم والدها على طريقتها الخاصة، شكراً له على ما قدمه لها خلال حياتها.

انتصار اياد البطش 22 عاماً، من حي التفاح شرق مدينة غزة، خريجة الكلية الجامعية التابعة للجامعة الإسلامية، بكالوريوس "إعلام وتكنولوجيا اتصال"، والتي أرادت أن تشكر والدها بطريقتها الخاصة، لتقول له "أنا أفتخر بك أمام العالم".

يعمل والد انتصار "إياد"، موظفاً بسيطاً سائقاً لجرافة في وزارة الأشغال بغزة، فأرادت ابنته التي تخرج معه في بعض الأحيان لمساعدته، أن تقدم تقديرها لعمل والدها، الذي يتعب من أجل تأمين لقمة عيشهم، وثمن تعليمها الجامعي، فاستطاعت رسم البسمة على وجهه بفكرة احتفالها بتخرجها داخل "جرافة" يعمل والدها سائق لها.

خلال مقابلتها مع "أمد للإعلام"، قالت البطش: إنني "قررت القيام بهذه الفكرة منذ عامين، وطرحتها على والدي، ووافق على ذلك، وقبل شهرين بدأت تنفيذها لحظة تخرجي من الجامعة بتقدير 87%.

وأكدت: "جهزنا الجرافة لتحوب شوارع غزة، كي أقول لوالدي: "شكراً على كل ما بذلته لأجلي، ولكي أصل إلى هنا"، وبالفعل نفذتها لأقدر ذلك الجسد الذي ينتهك تعباً وأمام العالم أجمع".

تتحدث اللغة الفصحى في حياتها اليومية

الفتاة العشرينية التي تتحدث اللغة الفصحى في حياتها الشخصية، كانت تجيب على أسئلتي بطرقة لبقة، فتفاجأت لذلك وعندما سألتها، هل تتحدثين الفصحى دائماً، فأجابت: "نعم منذ 11 عاماً"، رغم الانتقادات التي تلاحقها والاستغراب الذي يبدو على غالبية من يقابلها لأول مرة، لكنها تحب العربية وتسمو بطريقها لتحافظ على أصولها وتؤثر بمن حولها فيها.

بدأت انتصار الحديث بالفصحى وهي بالمرحلة الإعدادية، بعد أن تأثرت بمعلمة اللغة العربية وردة عبد العال التي تتحدث مع تلاميذها جميعهم بالفصحى، وكانت تشجعها على التحدث بالفصحى في حياتها.

 وتابعت انتصار لـ"أمد للإعلام": "بدأت اقرأ العشرات من الكتب وأنا في الصف الرابع الابتدائي، بعد أن أهداني والدي أول كتاب، وهنا بدأت أدرك معنى وأهمية اللغة العربية وعالمها الواسع الذي لا تمنحه مدارسنا قيمته الأساسية في كل مناحي حياتنا، وقرأت كتبا دينية أخرى عدة وكتبا ثقافية واجتماعية، وكتبا عن التنمية البشرية".

وتضيف "في البداية تعرضت لسخرية وانتقاد غير عادي من زميلاتي في المدرسة، كنت أعود لأمي وأبكي، لكنها كانت دائما تمنحني القوة، وأصبحت شجاعة أمامهن وبعضهن استطعت التأثير عليهن، حتى وصلت للمرحلة الثانوية وحصلت على معدل 60.6%  في التوجيهي، ودخلت الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية في غزة".

وتوضح: "درست انتصار فصلاً دراسياً كاملاً في تخصص التربية الأساسية بالكلية الجامعية في غزة، تلبية لرغبة أسرتي التي تحلم بأن أكون معلمة، لكنني حولت لتخصص في مجال الإعلام، لأنني أحبه كثيراً، وأرغب بتحقيق حلمي لكي أصبح إعلامية متمكنة من العربية وبطلاقة لأقدم محتوى إيجابي".

انطلقت انتصار في المجال الإعلامي، وبنت علاقات عدة مع مؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات إعلامية محلية وعربية في غزة، وبدأت تنشط على مواقع التواصل الاجتماعي خصوصا على تطبيق إنستغرام الذي تنشر فيه جولاتها اليومية وأيضا بعض نصائح الحديث بالفصحى وبعض الأخطاء التي يقع فيها الفلسطينيون عند التحدث بالعربية. 

وتقوم الفتاة الغزية، بتسجيل الفيديوهات القصيرة وتنشرها على إنستغرام عن مصطلحات وكلمات خاطئة نستخدمها بالعامية وفي بعض الخطابات أو خلال تقديم المهرجانات والاحتفالات، وتتلقى الكثير من الاستغراب في طريقة حديثها للمتابعين الجدد، كما تتلقى من البعض رسائل تحفيزية.

لا تريد الشهرة، بل كان هدفها الأول والأخير، هو تكريم والدها على طريقتها الخاصة، والذي بذل كل جهده على حساب صحته طيلة حياته، من أجل إيصال فلذات كبده إلى ما يطمحون، فحينها يعجز الكلام عن وصفه، وعن شكره وتقديره، ولكن قد تكون بعض الأفعال ردة لروح كانت في غياهب التعب والإرهاق الجسدي.

لمتابعة الأخبار وآخر المستجدات .. انضم الآن إلى قناة "أمد للإعلام" .. اضغط هنا