حرب باردة من جديد
تاريخ النشر : 2020-09-16 15:29

هناك حرب باردة قد بدأت بالفعل بين كل من الولايات المتحدة وروسيا والصين ولا يعرف أحد إلى أي مدى ستصل

هل يشهد العالم سباق تسلح جديداً يعيد إليه أجواء الحرب الباردة، التي كانت سائدة بين الغرب والاتحاد السوفييتي السابق، بما كانت تمثله من مخاطر على الأمن والسلم العالميين؟ إنه سؤال يبدو مشروعاً في ظل ما تشهده الساحة الدولية من توترات كبيرة لا سيما بين الولايات المتحدة وكل من الصين وروسيا، حيث يسعى كل طرف إلى تعزيز قدراته العسكرية، بشكل غير مسبوق، وسط تناقضات واضحة في المصالح والرؤى السياسية، بالإضافة إلى التصاعد اللافت لليمين المتطرف في الغرب، وما يقود إليه من تطرف سياسي وعنصرية بغيضة.

وشهد العامان الماضيان ومطلع العام الحالي ازدياداً ملحوظاً في نبرة التهديدات المباشرة بين الطرفين، أو إرسال الرسائل الإعلامية حول اختراع واختبار المزيد من الأسلحة المتطورة جداً وذات القدرة التدميرية العالية، سواء من قبل الصين وروسيا أو الولايات المتحدة.

وفي الوقت الذي ظهرت فيه أهمية منظومات الدفاع الجوي لتحقيق الهيمنة والسيطرة على السماء، خاصة بعدما برز استخدام الطائرات المسيرة، والصواريخ البالستية، سارعت الولايات المتحدة إلى الإعلان عن تطوير منظومات دفاعية تصل قيمتها إلى مليارات الدولارات، فيما أكدت مصادر إعلامية مؤخراً أن موسكو طورت صاروخاً بالستياً هائل السرعة، يستطيع إصابة أي هدف في الولايات المتحدة..

وكشفت وسائل إعلام صينية، عن قدرات الصاروخ الروسي الجديد الذي يحمل اسم «أفانغارد» ويستطيع الوصول إلى واشنطن في 15 دقيقة، مؤكدة أنه «أفظع من القنبلة النووية».

وأشار مقال صيني في هذا الشأن إلى الاهتمام الخاص بصواريخ أفانغارد الفرط الصوتية، مؤكدا أن الدفاع الجوي الأمريكي، غير قادر على اعتراض هذه الصواريخ بسبب قدرتها على الاختفاء وبفضل سرعتها الهائلة التي تجعلها فعالة بشكل خاص.

وشدد المقال الصيني على أنه بسبب سرعة الصاروخ الروسي لن يكون لدى الأمريكيين الوقت حتى لشرب فنجان من القهوة، فما بالك بالقدرة على صد هذا الصاروخ، واصفاً الإنجاز الروسي بأنه تحفة من روائع الجيش الروسي.

ويأتي الحديث عن السلاح الروسي الجديد في وقت تتزايد فيه الخلافات الروسية - الأمريكية، في أكثر من ملف لا سيما في أوكرانيا وسوريا وبيلاروسيا، والتوجس الروسي من اقتراب صواريخ وأسلحة حلف شمال الأطلسي من الحدود الروسية.

وكانت الصين قد أعلنت من جانبها في وقت سابق عن اختبار أول صاروخ بالستي بحري في بحر الصين الجنوبي، ويطلق عليه قاتل حاملات الطائرات وهو ما أثار في حينه حفيظة الولايات المتحدة التي انتقدت التجارب الصينية، حيث اعتبرت واشنطن أن تجارب الصين تهدد الأمن في المنطقة، فيما قالت وزارة الدفاع الأمريكية إن تصرفات الصين تزيد من زعزعة الاستقرار في هذه المنطقة.

ويرى المراقبون أن التسريبات الإعلامية الصينية عن الصاروخ الروسي الجديد إنما تمثل رسالة صينية - روسية مزدوجة إلى الولايات المتحدة، وأن هذه التسريبات لم تكن لتظهر على العلن لولا وجود ضوء أخضر من موسكو.

وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار المواقف الأمريكية تجاه سعي روسيا إلى بيع منظومة «إس 400» إلى بعض الدول، ولجوئها إلى التهديد بفرض عقوبات عليها في حال شرائها هذه المنظومات الصاروخية، بحجة أنها تهدد أمن دول حلف الناتو، نظراً لقدرتها العالية والمتطورة للغاية، بحسب الخبراء، فإن هذا يعني بكل وضوح أن هناك حرباً باردة قد بدأت بالفعل ولا يعرف أحد بعد إلى أي مدى ستصل، في ظل استمرار الخلافات والتناقضات الكبيرة بين واشنطن وكل من الصين وروسيا. إنها حرب ستدفع الشعوب الصغيرة والمستضعفة ثمنها قبل غيرها.

عن الخليج الإماراتية