لما لم تلغ "حكومة حماس" اتفاق أوسلو؟!
تاريخ النشر : 2020-09-17 09:27

كتب حسن عصفور/ يبدو أن حركة حماس وبعض قوى من تحالفها السياسي الراهن، تصر بمناسبة أو بدون على النيل من توقيع اتفاق إعلان المبادئ المعروف إعلاميا باتفاق أوسلو، دون أن تقدم مرة واحدة نقدا موضوعيا له، وتحاسب النص وفقا لما تعتقد، ودون التعامل معه كنص في حينه، بل وأنها تصر بشكل يثير كل أبواب الشبهات في العداء لذلك الاتفاق، وأن تتعامل وكأنه لا زال يمثل العقبة أمامها، رغم أنها لم تكلف ذاتها يوما لمراجعة النص وفقا للزمن، أو تتوقف أمام مجمل التطورات التي أصبحت من وراء ذلك الاتفاق.

ولن نضيف جديدا أبدا، بالقول أن حماس تشارك كليا موقف اليمين الإسرائيلي بقيادة نتنياهو وبينت، وعتاة الحركة الصهيونية خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، بقيادة دينس روس العداء المطلق للاتفاق، وعمل كل منهم بطريقته على منع التنفيذ واستكمال تطبيقه، فحماس تحت شعار "التنازل عن كل فلسطين" قامت بكل عملياتها العسكرية كي تمنح إسرائيل مبررا لوقف التنفيذ، فيما قاد اليمين الإسرائيلي وعتاة الصهاينة حملتهم تحت عنوان أن الاتفاق "تنازل عن يهودا والسامرة".

وحدة موقف وعمل مشترك بين طرفين يدعي كل منهما أن الاتفاق "تنازل .." أدت عمليا لاغتيال اسحق رابين، ما أدى عمليا ولقف مسار السلام على المسار الفلسطيني – الإسرائيلي، ليعود كل من طرفي "عداء أوسلو" الى طريقته، فقررت دولة الكيان العودة لاعتبار الضفة الغربية "يهودا والسامرة"، ومنعت في كل وسائل إعلامها التعامل سوى مع ذلك التعبير، كونه جوهر المشروع الصهيوني.

فيما عادت حماس الى الهدوء في تنفيذ العمليات العسكرية، حتى وصلت الى التوقف الكامل منذ أن رعت قطر "اتفاقا أمريكا إسرائيليا" لتدجين حماس منذ نهاية 2005، كجزء من النظام على طريق تنفيذ مشروع الفصل والتقاسم.

ودون التذكير بأن "غالبية عمليات حماس" العسكرية ضد إسرائيل كانت في زمن السلطة الفلسطينية الأول، عهد الخالد ياسر عرفات من 1994 حتى 2004، ثم اصابها عطب مفاجئ ثمنه اتفاق مشبوه لا زالت عناصره سرية، لكنها تتكشف يوما بعد آخر.

يبدو أن ذاكرة حركة حماس تعمل وفقا مؤشر "الانتقائية السياسية"، ووفقا لما تراه هي وليس لما كان، وكي يتم وضع الأمر في سياقه، وتصويبا لنقاش تاريخي، كيف لحركة تدعي كل ما لها ضد اتفاق أسس أول كيان فلسطيني فوق أرض فلسطين، بوصفه ما تصف، ولو افترضنا أن لها الحق في قول ما تراه، فهل لقيادة الحركة أن توضح للشعب الفلسطيني لماذا شاركت في النظام "المشبوه".
والى حين التفكير، الذي يعرفه كل طفل فلسطيني ، بأنها نفذت أمرا لم يعد سرا، عليها ان تكشف لماذا لم تعلن حركة حماس الغاء الاتفاقات الموقعة بعد أن فازت بأغلبية ساحقة في المجلس التشريعي الفلسطيني يناير 2006، بل أنها لم تضع يوما شرط التعليق أو التعديل او التصويب لأي من عناصر الاتفاق، رغم ان الواقع كان يسمح لحكومتها القيام بذلك.

حكومة حماس مارست كل سياستها الداخلية والخارجية ضمن الاتفاق، بل قاتلت بكل قوة من أجل "امتيازات" الاتفاق، ومارست سياستها في العلاقات الخارجية باعتبارها سلطة أوسلو وليس سلطة "المقاومة".

وخلال عام ونصف العام من الفوز التشريعي يناير 2006 حتى الانقلاب الظلامي يونيو 2007، لم تفتح حكومة حماس وكتلتها التشريعية بابا لنقاش اتفاق أوسلو، بل لم تطالب يوما أن يكون على جدول أعمل النقاش الوطني داخل المؤسسة الرسمية، وأصابها "الخرس السياسي" عن اتفاق رأت فيه "سببا لكارثة ما.

ولكن، بعد تنفيذ الانقلاب الذي كان ضمن خطة سياسية كجزء من خطة فصل قطاع غزة وبناء كيانية خاصة، عادت الى لغتها ضد الاتفاق ما قبل يناير 2006.

ومع كل رفضها لاتفاق تعامل مع الانسحاب من الأرض الى أن تتفق مع إسرائيل على تفاهمات أمنية " طعام ومال مقابل التهدئة" معادلة لا علاقة لها ببعد وطني، قامت قطر برعايتها وتمويلها المباشر بعد نيل موافقة أمريكا والموساد.

ومع كل لقاء أو توافق مع حركة فتح، لم نقرأ اشتراطا حمساويا لتعليق اتفاق أوسلو، او تعليق بعضا من نصوصه، حتى ورقة تشكيل "القيادة الوطنية الوحدة" الأخيرة، ويبدو أنها تنازلت عن طلبها بالخروج من اتفاق أوسلو الذي لم يعد له قيمة سياسية فلسطينيا، وكان يجب الخروج منه منذ سنوات، أو بالتحديد بعد قبول دولة فلسطين في الأمم المتحدة عضوا مراقبا.

لكن حماس لا تتعامل مع الاتفاق كما تدعي بأنه "كارثة"، بل وسيلة استخدام لأهدافها الحزبية جدا، سواء بالصمت أو بالضجيج.

بات لزاما على قيادة حماس أن تعيد النظر في سلوكها وممارستها السياسية وفقا لواقعها، بعيدا عن ثقافة التخوين الساذج، والتي لو أريد قياسها وفقا لما حدث منها لأصبح الاتهام يطالها وجدا.

ملاحظة: ما هي أخبار "اللجنة الوازنة" المكلفة بإنتاج "الفكر الاستراتيجي الجديد"، بعد لقاء الفيديو كونفرس الفصائلي...هل لا زالت فكرة أم أنها فقدت وزنها مع النشاطات "الوازنة جدا" للغضب الشعبي الذي غاب عن الحضور!

تنويه خاص: هل سمحت حكومة الرئيس عباس ضمن "صفقة سرية" لحكومة حماس في غزة القيام بتصديق أوراق رسمية...وهل سيتم الاعتراف بتلك الوثائق...بدها توضيح يا دكتور اشتية..المسالة تتعلق بمصير ناس مش وشوشة بين فلان وعلنتان!