كيف ننتصر بلا حرب؟
تاريخ النشر : 2020-09-20 17:49

هذا السؤال سأله الرئيس نيكسون كيف ننتصر بلا حرب؟أجاب الكاتب الأمريكي جوزيف ناى بالقوة الناعمه . والقوة الناعمه لم تعد حكرا على دولة دون ألأخرى. كل الدول والشعوب تملك الكثير من القوة الناعمة.هذا السؤال أكرره على المستوى الفلسطيني كيف ينتصرون بلا حرب، ولا الخيار العسكرى . فرضية هذا السؤال ان الفلسطينيين لن ينتصروا في أي حر ب عسكريه على إسرائيل. هذا خيار مستبعد تماما، فلا يمكن المقارنه بين قوة إسرائيل العسكرية المتفوقة والتي قادرة بها أن تزيل دولا ، وقوة الفلسطينيين العسكرية.

والفرضية الثانية أن الخيار العسكرى يستلزمه إنفاق كبير وهذا يفوق مقدرة الفلسطينيين ، والقدرات الماليه المتوفره لهم، فهو إستثمار قد يكون غير مجدى. السؤال البديل لذلك؟ الإجابة نجدها في كتاب فن الحرب للإستراتيجى الصينى الذى كتبه قبل قرابة 2500 عاما ، ولخص فيه خبرته وأفكاره. وفى الكتاب يضع مراحل زمنيه لهزيمة الخصم.ويقول أفضل طريقه لهزيمة الخصم هي إبطال وإفساد كل ما يمثله من قيم وأخلاقيات، وان لايترك أن يعيش كما يريد، ويقدم نصيحة التظاهر بالضعف عندما تكون قويا، والتظاهر بالقوة عندما تكون ضعيفا. حتى لا يجرؤ على مهاجمتك. ويضيف نصيحه مفيده للحالة الفلسطينيه عندما يكون مرتاحا إبدأ بإنهاكه. ولا تدعه يكون مستريحا ، بأن تجعله يتحرك دائما. ومن ناحيته العميل السوفيتى يورى بيزينوف يرى ان الصراع يمر بعدة مراحل:

المرحلة ألأولى :إسقاط ألأخلاق وهذه المرحلة تحتاج من 15-20 عاما،والمرحلة الثانية زعزعة الإستقراروتحتاج من 2-5 عاما، والمقصود إذكاء النعرات الطائفيه والعصبيات في المجتمع، ثم مرحلة ألأزمه وتحتاج إلى 16 شهرا وقد ينتج عنها إنقلاب ودخول المجتمع في حرب أهليه. وأخيرا مرحلة خلق الرموز والشخصيات التي تدين بالولاء للعدو.

بعيدا عن التسلسل الزمنى لهذه المراحل،إلا ان العبرة هنا بالمدلول العام لهذه المراحل. ولست بصدد المقارنه بين الفلسطينيين والإسرائيليين في تطبيق هذه المراحل، لكن بداية لا بد من التأكيد فلسطينيا، ان الفلسطينيين لم يعتمدوا هذه المراحل ، ولم تكن في مخيلتهم أبدا.

وكان يمكن تصورها منذ بداية الصراع اى اكثر من سبعين عاما، اما اليوم فلا يبدو ان الفلسطينيين لديهم الصبر على الإنتظار. هذه المراحل قد تكشف في بعض جوانبها عن أمور مهمه ينبغي التركيز عليها وخصوصا المتعلق بالجانب الأخلاقى والقيمى ، لم ينجح الفلسطينيون في هذا الجانب المهم من الصراع، فقوة إسرائيل تمثلت في تقديم نفسها على أنها صاحبة رساله أخلاقية وديموقراطية وسط عالم من التخلف والغوغائيه والإرهاب. وان هذا الطرف وتقصد الفلسطينيون لا يصلحون لإدارة دوله، وكيف وهم فشلوا في بناء سلطه وغارقين في الإنقسام.وكان على الجانب الفلسطيني التركيز على سياسات الاحتلال، والتفرقة العنصرية ، وسياسات إهانة الكرامة الإنسانيه التي تمارسها إسرائيل على كل الشعب الفلسطيني وتركيزا على الأطفال والنساء وكبار السن وغيرها من الصور، هذه الجوانب كانت مفقوده، وحتى الآن لا يتم التركيز عليها بشكل كبير، أين دور السفارات على كثرتها من هذا الجانب مثلا؟ والمسألة ألأخرى التي وقع فيها الفلسطينيون التركيز دائما على أنهم ألأقوياء وهنا اشير إلى سياسات المقاومه التي تؤكد دائما على قوتها في إنهاء إسرائيل، وهذا خطأ إستفادت منه إسرائيل، إسرائيل الجلاد ونحن الضحية ، الضعف في كثير من ألأحيان قوة ، في حالة إسرائيل وهى دولة قوة الأفضل عدم التعامل معها من منظور القوة لأن إسرائيل ستكسب عسكريا، انما إظهار الضعف فهذا عنصر مهم في إدارة الصراع، ويلزم العالم كله على الوقوف بنجانب الطرف الأضعف صاحب الحق، المعادلة هنا الضعف مع الحق. والجانب ألآخر المفقود في الصراع فلسطينيا تجاهل أهمية التعامل مع ديناميات السياسة ألإسرائيليه الداخليه وكيف يوصولون رسالتهم انهم شعب تحت الاحتلال، وكيف تنمى قوة القوى الداخلية كاليسار وقوة النواب العرب، ولا أبالغ إذا قلت ان الجانب الفلسطيني او بعضا من لغة الفصائل والمقاومه نجحت في تعظيم قوة اليمين،.

لم يحسن الفلسطينيون توظيف عناصر القوة والضعف لديهم،وحولوا الصراع إلى صراع قوة وصراع مواجهة عسكريه، ومن شأن هذا الخيار أن يفقد القضية الفلسطينية الكثير من قوتها الشرعية .عناصر القوة لا تعنى الإستسلام او الخنوع بقدر ما تعنى القوة في داخلها.الإنتصار على العدو والخصم ليس بالضرورة يكون بالقوة العسكريه وهى غير المتكافئه وستبقى ، الدولة ، عناصر القوة المتاحه كثيره ، ولا ينبغي التقليل منها خصوصا وأن القضية الفلسطينيه قضية لها بعدها ألإقليمى والدولى ، وعليه يمكن تحديد عناصر القوة على مستويات القضية ،والعمل على تفعيلها ، والخطوة ألأولى تكون في بناء نظام سياسى ديموقراطى توافقى تشاركى أي بتفعيل المتغير الداخلى ، وهذه هي الخطوة المفقوده والضائعة مع إستمرار خيار الإنقسام، لا يملك الفلسطينيون الوقت الكافى للإستمرار في الإنقسام وإجهاض خياراتهم وعناصر القوة المتاحه.ويبقى خيار السلام المدعوم عربيا أحد أهم الخيارات.