القضية الفلسطينية بين التطبيع والامعان في التصفية
تاريخ النشر : 2020-09-21 00:46

ردة فعل وزراء الخارجية العرب في الجامعة العربية كان متوقع وليس مفاجئا، والذي تمثل في اسقاط مشروع القرار الفلسطيني ضد التطبيع الاماراتي الإسرائيلي , وعدم تمسكهم بما نصت عليه مبادرة السلام العربية2002 والتي جاء فيها "تأكيد  القادة العرب في ضوء انتكاسة عملية السلام، التزامهم بالتوقف عن إقامة أية علاقات مع إسرائيل، وتفعيل نشاط مكتب المقاطعة العربية لإسرائيل، حتى تستجيب لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، ومرجعية مؤتمر مدريد للسلام، والانسحاب من كافة الأراضي العربية المحتلة حتى خطوط الرابع من حزيران/يونيو 1967التأكيد على أنّ السلام في الشرق الأوسط لن يُكتب له النجاح إن لم يكن عادلاً وشاملاً تنفيذاً لقرارات مجلس الأمن رقم 242 و338 و425 ولمبدأ الأرض مقابل السلام"   فلماذا تراجعت بعض الدول العربية عن التزامها بما نصت عليه مبادرة السلام العربية ولجؤهم الى التطبيع مع إسرائيل ؟

يوجد تاريخ طويل من العلاقات السرية بين دول عربية عديدة وإسرائيل، واستمرار إسرائيل في رفضها بنود مبادرة السلام العربية، فإن خطوات التطبيع أخذت منحى متسارعًا وعلنيًا في الآونة الأخيرة. ويجري هذا التطبيع على عدة مستويات اقتصادية وتجارية وأمنية وعسكرية وثقافية ورياضية. فقد تنامى نسق التطبيع التجاري والاقتصادي بين إسرائيل والدول العربية بوضوح خلال السنوات الأخيرة. فوفقًا لبيانات دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية، قُدّر إجمالي الصادرات الإسرائيلية من السلع والخدمات إلى أسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنحو 7 مليارات دولار أميركي سنويًا، من بينها أكثر من مليار دولار أميركي لدول الخليج العربية. وتمثل أسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نحو 7 في المئة من إجمالي الصادرات، و6 في المئة من إجمالي الواردات الإسرائيلية من السلع والخدمات.

ولا يختلف الحال مع الدول العربية التي تربطها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل؛ ففي أيلول/ سبتمبر 2016، أعلنت شركة الكهرباء الوطنية الأردنية وشركة"نوبل انيرجي  الأمريكية  عن توقيع اتفاقية لاستيراد الغاز الطبيعي المسال من إسرائيل بقيمة 10 مليارات دولار أميركي, وفي كانون الثاني/ يناير 2019، أعلنت مصر عن تأسيس "منتدى غاز شرق المتوسط"    الذي يضم سبع دول من بينها إسرائيل، بغرض إنشاء سوق إقليمية للغاز لتأمين العرض والطلب للدول الأعضاء,وقد تزايد مؤخرًا اهتمام بعض دول الخليج العربية بشراء التكنولوجيا الاستخباراتية المصنوعة في إسرائيل، تعتمدها هذه الدول للتجسس على معارضيها السياسيين، ومراقبة وتتبع نشاطاتهم .

ولن يخفى على احد ان دول الخليج كالامارات تخطوا مرحلة التطبيع الى مرحلة التحالف لمواجهة الخطر الإيراني الذي يهددهم ايمانا بقوة تأثير إسرائيل على سياسات الولايات المتحدة المتمثلة في الخروج من الاتفاق النووي مع ايران وحضورهم العديد من المؤتمرات الدولية بجانب إسرائيل لمواجهة الخطر الإيراني الممتد والامارات تجد نفسها هي المخولة بحماية بحر العرب(البحر الأحمر) وبدأت بالتسلح والعسكرة واجراء تدريبات أمنية بالاستعانة بإسرائيل لأنها بحاجة ماسة الى تلك القوة الإقليمية التي ستستند عليها لمواجهة الخطر الإيراني والتركي في المنطقة حسب رؤيتهم.

أما بالنسبة لموقف الدول المطبعة للقضية الفلسطينية , فلم تعد تلك الدول تنظر الى القضية الفلسطينية بعين الاعتبار وذلك لتحقيق مصالحها الخاصة ولان قيادات تلك الدول بنت علاقات تطبيعية ودبلوماسية ذات اهداف واضحة وجلية لم تعد كالقيادات السابقة الذين ساندوا الشعب الفلسطيني وأكدوا على أهمية إحلال السلام في المنطقة وعلى إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية , فقيادات العرب اليوم اصبحوا مختلفين في الرأي والمعرفة بشان القضية الفلسطينية والتي ركنوها جانبا لتحقيق ما يسعون اليه الى جانب ضعف القيادات الفلسطينية 

فالقضية الفلسطينية أصبحت مهملة على المستوى الدولي وحتى على المستوى الداخلي الفلسطيني الذي برأي هو احد الأسباب التي أدت الى تلك النتائج المجحفة بحق القضية الفلسطينية, فما زلنا تحت وطأة الانقسام الفلسطيني ونعاني من تبعاته ومن تشتت داخلي وتفرقة وعدم جدية الحكومتين في غزة والضفة لإبداء خطوات فعلية لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الفلسطينية ,فما زالت القيادات الفلسطينية تتأرجح متمسكة بشعارات لا جدوى لها دون  اصرارهم المضي نحو إعادة الصف الفلسطيني , فنحن بحاجة ماسة الى الإعلان فورا عن الوحدة الوطنية الفلسطينية والتمسك بالقضية الفلسطينية والدفاع عنها في المحافل الدولية والسعي نحو كسب الدول العربية ودعمها للقضية الفلسطينية وإدانة التطبيع وغيره من الإشكاليات التي حلت بيننا وبين الدول العربية , فبدلا من حرق الأعلام والصور للدول المطبعة علينا اجراء عدة زيارات لتلك الدول والتحاور معهم ومحاولة استعادة العلاقات وتطيبها حتى لا نصل لمرحلة أضعف من المرحلة التي نشهدها الآن فالخطو نحو تلك الإجراءات أفضل من اللاشيئ.