السعوديه تؤيد السلام ولكن؟
تاريخ النشر : 2020-09-24 19:38

السعودية العربية خاتمة السلام وجائزته الكبرى او سلام الصفقة الكبرى. وهذا لما السعودية من مكانه ودور محورى ، ولمكانتها الإسلامية . ولما تمثله من توجه سياسى ودينى. ولكن هذا السلام ليس سهلا كأى دولة عربيه أخرى, وتواجهه تعقيدات وتحديات كبيره. وإبتداء ماذا يعنى السلام مع السعوديه؟ وما هو المقابل له ؟وهل سينطبق عليه السلام مقابل السلام؟ ام السلام مقابل الأرض والحقوق؟ السلام في الحالات العادية بين الدول لا يخرج عن إقامة علاقات شامله تبادل منافع، لكن في الحالة السعودية وهذه هي الفرضية يتضمن الحرب والسلام معا,نعم في جانب منه الحرب وفى جانب منه السلام. وقد يقول قائل السعودية لم تدخل حربا مباشره مع إسرائيل وليس لها حدودا مشتركه. وحربها في اليمن مثلا.

هذا الكلام غير صحيح.وهنا أذكرما قاله الملك فيصل فى حرب أكتوبر 1973 وقطع إمدادات النفط على أمريكا وعن الدول التي دعمت إسرائيل. وقال مقولته:إذا كل العرب قبلوا بوجود إسرائيل وتقسيم فلسطين فنحن لن ننضم إليهم. السعودية دعمت الفلسطينيين ومقاومتهم . فهى بلا شك شريك داعم وقوى للعرب في حروبهم مع إسرائيل ودعم صمود الفلسطينيين , وهذا يؤكد لنا ان اى تطبيع للعلاقات مع إسرائيل يتضمن معاهدة سلام .ولقد شغل موضوع السلام بين السعودية وإسرائيل إهتمامات الباحثين والدارسين وتفاوتت أراؤهم لكنها إتفقت على ان هذا السلام لن يتحقق الآن في عهد الملك سلمان وليس في المنظور القريب, وفى هذا السياق كما قال الباحث البارز في معهد درسات دول الخليج العربى في واشنطن حسين أبيش: أن المملكة العربية السعودية ستواجه مخاطر أكبر بكثير من الإمارات والبحرين في إقامة علاقات مع إسرائيل، والأمر متروك لإسرائيل والولايات المتحده لطمأنة الرياض وتحفيزها. وأضاف ان إتفاق السلام مع إسرائيل بين ألإمارات والبحرين جيد، لأنها ستفرز التحالف المعارض للفوضى ألإقليمية وإنتشار الهيمنة الإيرانية. وأضاف ان الاتفاق لن ينهى النزاع ولن يساعد في حل الصراع الفعلى بين إسرائيل والفلسطينيين. بل إنها قد تعقد حتى طلب مثل هذا ألإتفاق من خلال تقليل الحافز لإسرائيل كى تقدم تنازلات. وعلى الفلسطينيين وألإسرائيليين حل خلافاتهم الشخصية ، ولن تكون دول الخليج العربية جزءا من الحل.ولكنهم يمكنهم أن يقوموا بالدور الذى تقوم به مصر وألأردن في التوسط والمساهمة في حلول القضايا الحياتيه,وبدون حل مأزق التدمير الذاتي المتبادل لن يحل النزاع، في هذا السياق يمكن التوجه للسلام مع إسرائيل.ولا شك في أهمية الدور السعودي في الملف الفلسطيني منذ وقت مبكر ، فالسعودية ومنذ نشأتها وهى منغمسة ومشاركه مباشره في دعم القضية الفلسطينية منذ المؤسس ألأول الملك عبد العزيز بن سعود, وتوظف علاقاتها ألإستراتيجية بواشنطن لدعم الحقوق الفلسطينية.اما الباحث في نفس المعهد كريستين سميث داون فيستبعد إقامة السلام في عهد الملك سلمان ، على الرغم من بعض المؤشرات الإيجابية مثل فتح المجال الجوى امام الطائرات الإسرائيلية ,يوؤكد على ذلك بالمكالمة الهاتفية للملك سلمان مع الرئيس ترامب وأكد فيها على حتمية حل الصراع الفلسطينى وقيام الدولة الفلسطينية قبل قيام علاقات مع إسرائيل، وهذا ما أكد عليه وزير الخارجية ألأمير فيصل بن فرحان السلام ممكن ولكن ليس قبل حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي . هذا ألإلتزام الذى يفرضه الموقف القومى والدينى وإعتبار القدس كما الاماكن المقدسه في السعوديه أحد العوامل التي تحكم الموقف السعودى من السلام, وكما اشارت الباحثه أسماء فاروق في معهد كارنيجى ان السلام مع إسرائيل أقرب لسياسة الصدمة او الصاعقة فإنها تستبعد أن تتم في الوقت الحاضر.أما لماذا السعودية يشكل السلام معها خاتمة السلام أو الجائزه الكبرى هذا للدور والمكانة المحورية والقيادية التي تلعبها السعودية في النظام ألإقليمى الخليجى العربى ودورها المحورى في النظام ألإقليمى العربى ، وتأثيرها في القرار الدولى وخصوصا في القضايا ألإقتصادية والنفطية.ودورها في العالم ألإسلامى بإعتبارها مهد الإسلام ووجود ألأماكن المقدسه في مكه والمدينه، وتطلع اكثر من مليار مسلم لما يخرج من السعوديه من مواقف وقرارات وخصوصا مع إسرائيل.

ولا ننسى أن المجتمع السعودى رغم مظاهر الإصلاح والتنوير والتقدم العلمى لكن الطابع المحافظ له دوره ودور الحركة الوهابية ودور علماء الدين.ولا ننسى ان السعودية العربية هي صاحبة المبادرة العربية التي تم تبنيها في قمة بيروت عام 2002. فلا يمكن أن تتخذ سياسة ومبادرة تتناقض وهذه المبادره إلى جانب الإلتزام القومى والدينى بالقضية الفلسطينية في مقابل هذه العوامل هناك الكثير من التهديدات والتحديات التي تواجهها المملكه بعد 49 عاما من إستقلالها الخطر الإيراني وتغلغله في اليمن وسوريا والعراق وهى مناطق تشكل مجالا حيويا للسعودية ، وخطر الحركة الحوثية والجماعات الإسلامية كالأخوان المسلمين ، إلى جانب التحديات التى تواجهها السعودية بسبب الكورونا وتراجع أسعار النفط، ومتطلبات رؤية ولى العهد ل2030 والحاجة للتنمية والتقدم وألإصلاح ، فلعل البيئة السياسية السعودية اكثر البيئات السياسية تتعدد فيها المتغيرات الداخلية والخارجية وكلها تفرض إعادة صياغة الرؤية الوطينة للسعودية ومصالحها العليا وإعادة النظر في تحالفاتها ألإستراتيجية ، وفى سياق هذا التحديات والتهديدات يمكن فهم الموقف من السلام وتأييدها له . فالسعودية العربية لا تمانع من إقامة علاقات سلام مقابل صفقة كبرى تنهى بها الصراع الفلسطينيى ألإسرائيلى وقيام الدولة ، وفى الوقت ذاته قدمت أكثر من مبادره على صدق توجهاتها السلمية ، ولكنها في إنتظار ان تبادر إسرائيل والولايات المتحده لتقديم حوافز ومبادرات حقيقيه في إتجاه حل القضية الفلسطينية . فالسعودية لا يمكنها الذهاب لمثل هذا سلام بشكل علنى لما فيه الكثير من المخاطر دون حل وتسويه للقضية الفلسطينية . وتدرك ان سلامها مع إسرائيل ينبغي أن يتضمن صفقة كبرى تتمثل في الدولة الفلسطينية ، لأن السلام مع السعودية سيفتح أبواب السلام مع كل الدول العربية وألإسلامية ، الا يستحق مثل هذا سلام ان تدفع ثمنه إسرائيل بقيام الدولة الفلسطينية وإنهاء إحتلالها, المملكة السعودية تريد سلاما دائما عادلا ، هي لا تنفى حق إسرائيل في الوجود كدوله عاديه مقابل تحقيق الحقوق العادلة فلسطينيا.
دكتور ناجى صادق شراب
[email protected]