الرئيس محمود عباس: أوقف "الدنكشوتية السياسية"!
تاريخ النشر : 2020-09-29 09:25

كتب حسن عصفور/ من حق القيادة الرسمية الفلسطينية أن تسجل كل ملاحظاتها النقدية، علنا أو سرا على الاتفاقات الأخيرة مع إسرائيل، وتعمل كل جهدها الممكن من أجل تصويب معادلة المشهد السياسي، وذلك فعل لا يمكن لأي كان ملامة من يقوم به، ما دام الأمر يأت دفاعا عن فلسطين القضية والمصير.

ومن بين قواعد الاحترام ومصداقية المواقف، كيفية وضع "أسس ثابتة" لتناول الخلافات أو التباينات التي نشأت عربيا، وكان من المفروض بعد فشل المشروع الفلسطيني في وزاري عربي، وعدم تبني نص الإدانة، ان يتم عملية تقييم "موضوعية" ليس بقبول ما يجب أن نقبل، ولكن بكيفية أن نعارض بما لا يصبح "الفلسطيني" في موقع دفاعي ضعيف، بل وشبه معزول.

"موضوعية" الرفض هي أعقد فنون السياسة، والتي يجب أن تكون هي ناظم الموقف الوطني الفلسطيني فيما نختلف عليه مع الدول العربية، عدا دولة واحدة، وذلك لا يمكن اعتباره "انتصارا"، أي كان صحة او عدالة ما ترى قيادة الشعب في اللحظة الراهنة.

منذ لحظة الإعلان عن الاتفاق التطبيعي بين الإمارات وإسرائيل ولاحقا البحرين، بدأ واضحا أن هناك من يبحث عن حفر مطبات للقرار الفلسطيني، بل ونقل المعركة من جانب الى آخر، وخلق جدر عدائية مع دول عربية بل التفكير فيما ينفع وليس فيما يسمم ما هو أصلا مسمم، وتلك لم تكن يوما سمة للمسار الرسمي الفلسطيني، وتاريخيا كان العمل على كيفية حصار ما يضر، وليس نشر كل أدوات الخطيئة.

ويبدو ان المشهد العام يزداد تدهورا بل وفقدان للمصداقية السياسية، عندما أوقفت الرسمية الفلسطينية أي موقف نقدي أو رافض لموافقة دولة قطر على "الخطة الأمريكية للسلام" المعروفة باسم صفقة ترامب، رغم ان القبول صريحا وفجا، وبالمنطق ذلك هو الخطر المباشر على القضية الفلسطينية، ويفوق عملية التطبيع لو أن الأمر بالقياس الضرر الفوري، بل أن بعضا من أعضاء مركزية فتح والتنفيذية عملوا مروجين للموقف القطري الأخطر، فيما يفتحون كل "غضبهم" الذي نعرف حقيقته جدا على غيرها، وهو ما يفتح الباب لكل أسئلة "الشيطان السياسي"، ومنها:
*هل حقا ترفض القيادة الفلسطينية التطبيع مع إسرائيل، لعرب دون عرب، وهل موقفها يسير في خط مستقيم ام متعرج وفقا لحسابات خاصة جدا لا علاقة لها بالمصلحة الوطنية.

*هل صمت الرئيس عباس وفريقه (لا نضع حماس هنا) على قبول قطر الصفقة الأمريكية، جزء من ترتيب سياسي قادم، أم انه حساب سياسي غير معلن.

*هل تجنيد شخص مروج للسياسة القطرية عبر عداء مكشوف مع الإمارات والبحرين وغيرها من دول قادمة، هو قرار وطني فلسطيني أم "قرار" غير ذلك تماما.

*هل فتح الإعلام الرسمي الفلسطيني لنشر كل تصريح ضد الإمارات والبحرين وبلغة في كثير منها "ساقطة سياسيا"، ومنع أي مساس بقطر مع أنها الممول الرسمي للانقسام، والمروج الجديد لصفقة الضم والتهويد، ثابت سياسي جديد.

وكي لا يبدو الأمر هروبا من موقف لآخر، ليس مطلوبا من الرئيس عباس ومن معه فريقا أو فصائلا، أن يفتح نيران حروبه ضد هذا أو مع ذاك، ولكن ان تصبح "الحكمة السياسية" قاعدة ناظمة للموقف، وأن تكون أداة القياس وطنية لا أكثر.

السيد الرئيس محمود عباس، لست بحاجة لتذكيرك كم ان "الغوغاء" كانت دوما حاضرة في المشهد الفلسطيني، وهدفها لم يكن يوما وطنيا، فلا تسمح للغوغاء أن ينقلوا الأمر من حركة تحرير وطني الى حركة تدمير وطني...وهناك من يتربص بفلسطين التاريخ والمستقبل... ومن بين ظهرانيك!

قد يلخص المثل الشعبي المصري خفيف الظل "فتح عينك تأكل ملبن" كثيرا من الشرح...غير ذلك معلوم تماما...فتحرك قبل أن يصبح الندم سيد المشهد.

ملاحظة: إذا لم يستقل أبو الغيط من منصبه بعد "الدعوة الصاروخية" لصائب عريقات، ماذا سيكون حال الموقف الفلسطيني...طيب هو الجامعة العربية ضد التطبيع أصلا يا دكتوووور!

تنويه خاص: الفصيل الوحيد الذي تقدم بملاحظات سياسية خارج الحسابات "الحزبية" لصفقة "إسطنبول" الفتحاوية الحمساوية كان الجبهة الشعبية...معقول الباقي موافقين على مصادرة ذاتهم...شكلها كورونا أثرت على التفكير!