ماذا تملك حركة فتح من أوراق قوة إنتخابية ؟!
تاريخ النشر : 2020-09-29 16:22

عادةً ما يتم إتخاذ القرارات و المواقف بناءاً على رؤية تشخيصية وعمليات مسحية للواقع ولدائرة الإستهداف بما لها وما عليها بهدف رسم الإستراتيجية وتحديد أدوات ووسائل التكتيك التي تقود الى تحقيق الإنجاز وبلوغ الأهداف خاصة في القضايا المصيرية، وأن تقدير الموقف يُنبنى على مراجعة الماضي لإستخلاص العبر وقراءة الحاضر وتقيمه واستشراف المستقبل بواقعية بعيداً عن هُلامية السلوك وضبابية الموقف ومأزمة الحالة .

ترى الأغلبية من الشعب الفلسطيني أحزاب وفصائل وقوى مجتمع مدني في الإنتخابات الفلسطينية بمساراتها الثلاث ضرورة وطنية للخروج من عنق الزجاجة ودحر للإنقسام على طريق تحقيق حُلم الدولة وتحقيق الإستقرار و العيش الكريم لإبناء شعبنا ، ويُعوَل على حركتي فتح وحماس الكثير للدفع بإنهاء حالة الإنقسام بعد عقد ونصف من القاء الشعب الفلسطيني في غياهب الجُب الذي بنوه بأيديهم وأكلوه هم لا ذئب يوسف.

وبالعودة الى عنوان المقال يتبين لنا أن حركة فتح تعتقد أن طريق الوصول الى الإنتخابات وردية محسومة المُخرجات مسبقاً ، فماذا تمتلك حركة فتح من أوارق القوة الإنتخابية ؟
منذ ستة عشر عاماً وحركة فتح تشهد تراجعاً في حسم أي إنتخابات، وهذا التراجع ليس بسبب إنحسار شعبيتها الجماهيرية التي لا زالت حية ، وإنما بسبب سوء إدارة قيادتها لشئونها التنظيمية وحالة الإنشطار و جدار الفصل التنظيميين ما بين قيادة الحركة وهياكلها وقواعدها والإلتفاف على نظامها الداخلي وانعدام فلسفة الحياة التنظيمية بحسب أصول وقواعد المسكلية الثورية التنظيمية في الاطارين التنظيمي والجماهيري ، ما جعلها تخسر الإنتخابات المحلية في الضفة الضفة عامي 2004/2005 تلك الإنتخابات التي كانت نذيراً وإرهاصاً للسقوط المُدوّي في إنتخابات المجلس التشريعي يناير 2006 وخاصة في محافظة الخليل مسقط الرأس والدائرة الإنتخابية للقيادي الفتحاوي جبريل الرجوب الذي كان نصيبه في صندوق تلك الإنتخابات صفر مربع ، وهذا الصفر الذي ربما يُعتبر إنجازاً بنظر السيد الرئيس محمود عباس مما دفعه بالرجوب ليكون عراباً للعلاقات مع حركة حماس تمهيداً للوصول معها الى قائمة مشتركة تحت شعار من دخل الإنتخابات تحت مظلة حركة حماس فهو آمن ، وكأن هذا المُقترح للهروب من مواجهة الناخب الفتحاوي الذي أدارت قيادة الحركة ظهرها له وتركته يتخبط ما بين غياب الأمان والعدالة الوظيفيتين، وما بين البطالة التي قسمت ظهر العامل الغلبان، والخريج الذي وجد نفسه بائعا للسجائر على بسطة دخان في الحارات وفي الساحات .

إن كانت قيادة الحركة تُراهن على قواعدها وجمهورها فلسان حال أبناء الفتح عند الصندوق سيكون آلآن وقد عصيت من قبل؟!!! هذا على صعيد الجمهور الفتحاوي وأما على صعيد حركة حماس فإن حماس لن تدخل بقائمة مشتركة الا بعد عملية جردة حساب مع حركة فتح تشمل مصير موظفي حكومة حماس في غزة وضمان حصتها في المجلس الوطني ودوائر منظمة التحرير، وربما يكون هناك شرطاً حمساوياً بعدم إزدواجية الرئاسة ما بين السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية والإقرار بأن السلطة الفلسطينية هي إحدى مؤسسات منظمة التحرير مهمتها الإشراف الإداري والخدماتي على أراضي السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة وشرق القدس دون التدخل مطلقا بالشأن السياسي الخارجي ، وعليه يمكن لحركة فتح أن تحظى برئاسة السلطة في حين تفوز حماس بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية ، وهذا ما تسعى اليه حركة حماس وهو الحصول على الشرعية السياسية من بوابة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني صحتين عليها، وبالتالي هل تستطيع قيادة حركة فتح دفع هذا الثمن ؟ وهل تستطيع قيادة حركة فتح إخضاع سيناريو القائمة المشتركة للمناقشة الداخلية بحسب قاعدة الديمقراطية المركزية واخذ آراء الاقاليم وقواعد الحركة ؟!!!

بكل الأحوال فإن الإنتخابات الرئاسية والتشريعية جرت مرتين فقط خلال الخمس والعشرين عاماً الماضية والعجيب أن الإنتخابات جرت في كل مرة بشكل وجوهر مختلفين فإنتخابات 1996 التي لم تشارك فيها حركة حماس بفتوى حُرمانية الإنتخابات جرت بنظام الدوائر الإنتخابية والفوز بالأغلبية، وأما إنتخابات 2006 التي شاركت فيها حركة حماس تحت شعار صوتك أمانه جرت بالنظام المختلط بالمناصفة ما بين الدوائر والقوائم وفازت فيها حركة حماس بالأغلبية ،وأما انتخابات 2020 او الله اعلم متى تكون، ففي حال جرت بنظام التمثيل النسبي الكامل يستوجب على الأقل فتح القوائم ومنح الناخب حرية الإختيار من بين أعضاء القائمة بعيداً عن تراتبية الأسماء في القائمة ولينجح من ينجح وليسقط من يسقط .

وتبقى ثمة معضلة في طريق الإنتخابات وهو لغط التناقد والممارسة في المشهد السياسي الفلسطيني فبينما تتعالى الأصوات التي تطالب بحل السلطة والتخلص من أوسلو وفي ضوء التحلل من الإتفاقيات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي بعد قرار الضم ، ففي نفس الوقت تتعالى الأصوات المطالبة بإجراء الإنتخابات وبالتالي هل سيسمح الإحتلال بإجراء الإنتخابات دون العودة للتفاهمات بينه وبين السلطة ؟ وماذا عن إجراء الإنتخابات في القدس؟ هل ستكون بموافقة الإحتلال أو رغماً عن أنفه؟ وعلى إعتبار وبكل الأحوال جرت الإنتخابات بقائمة مشتركة ، هنا وبموضوعية هل يقبل الناخب الفتحاوي إنتخاب مرشح حمساوي؟ أو هل يقبل الناخب الحمساوي إنتخاب مرشح فتحاوي ؟ أترك الجواب للناخب نفسه .