في زحمة التناقضات؛ الفلسطيني من سينتخب !
تاريخ النشر : 2020-10-09 17:13

لا تنتخب أي من حركات الإسلام السياسي لأنها لا تعرف الله ولأن سياستها في التعيين والتوظيف بعد الوصول إلى الحكم يعتمد على تزكية أمير المسجد ؛ فتزكية أمير المسجد تُعد بمثابة صكوك الغفران التي سادت في أوروبا في العصور الوسطى, عصور الظلام لأن الكنيسة كانت الآمرة الناهية في قضايا الاقتصاد والاجتماع والسياسة.

لأجل مستقبل أولادك ومُحبيك ولأجل تكافؤ الفرص والمساواة أمام القانون , لا تنتخب من يرفع شعارات دينية ومن يُفتي في كل مسألة سياسية أو اقتصادية باستحضار آية قرآنية لتحقيق مآربه الخاص وليس لتعميم منفعة ما, ولأنها شعارات تسويقية للوصول إلى الحُكم والسلطة فلا تنتخب كل من يرفع مثل تلك الشعارات, لأن التجربة تقول بعد الوصول إلى السلطة يتم ركل الشعارات في أدرج مكاتب الُحكام الجدد الفندقية .

لا تنتخب أي من الحركات الوطنية لأنها لا تعرف الوطن ولا تئن لمعاناة مواطني الوطن بل تُسهم فيها بقصد أو بغير قصد, ولأنها لا تعرف الوطن فإن سياسة التعيينات والتوظيفات لديها ستعتمد على تقارير التنظيم وتوصيات أطر الحركة وأجهزة المخابرات وقوى الأمن الداخلي وما أوقح مثل تلك الأجهزة وما أقساها على المواطنين , فهي ذات صيت سيء ويُعبر عن قبح السياسي المتنفذ .

لأجل مستقبل أولادك ومحُبيك فلا تنتخب من يرفع شعارات وطنية فالوطن منهم براء .
لا تنتخب أي من قوى اليسار, لأنها الأكثر بُعداً عن مفاهيم وأخلاقيات اليسار, فإذا وصلت للسلطة فإنها ستبتعد عن العدالة وتوزيع الثروة بشكل عادل, والسبب في الابتعاد عنها هو أن مثل تلك الشعارات هي شعارات نظرية وفي الحياة العملية فإن الأمر مختلف تماماً.
لأجل مستقبل أولادك ومحُبيك فلا تنتخب من يرفع شعارات يسارية وتقدمية فسياسة التعيين والتوظيف ستعتمد على توصيات الرفيق, حيث يبتعد الرفيق عن الواقعية وعن إنصاف من يتقدم للوظيفة الحكومية , حيث أن الأقرب إلى الطوبائية والأكثر إيماناً بفكر اليسار سيكون له فرصة العمل حتى وإن كان مستواه دون المستوى المطلوب.

لا تنتخب أي قائمة تضم مدراء لجمعيات خيرية ومؤسسات المجتمع المدني, فهم وكلاء للغرب والأكثر ابتعاداً عن تطبيق مفاهيم جميلة وراقية كالعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان ومساواة المرأة مع الرجل والحريات العامة والتداول السلمي للسلطة.

لأجل مستقبل أولادك ومحُبيك فلا تنتخب من يرفع شعارات غربية ؛ ففي حال حققت تلك القوائم نجاحاً بفعل أصوات الفقراء والجوعى والذين تم استغلال حاجاتهم لإبقائهم فقراء فلا غرابة أن يتحول مدراء الجمعيات الخيرية إلى ظل للحكومة , و أمراء وأثرياء بفعل بيع الوهم ويتزوجون كاثوليكيا بالسلطة التنفيذية والتي تُقيد الحريات وتستنزف الثروات وترفع الضرائب .
لا تنتخب المستقلين لأنهم يسبحون بحمد السياسيين , فهم منتفعين ولا يمدون للاستقلالية بأي صلة فمجموع المستقلين الحقيقيين لا يمثلون تيار مستقل.

لأجل مستقبل أولادك ومحُبيك فلا تنتخب من يقول لك أننا المستقلون طريقكم للنجاة, فإن سياستهم في التعيين والتوظيف تعتمد على ديكتاتورية العائلة والجغرافيا والانتماء السياسي.

لا تنتخب قائمة لحزب الكنبه فهم أغلبية صامتة , ولأن وصولهم للسلطة سيؤسس لخلق شريحة هامشية وممثلة للأغلبية , لكن ستسرق الأغلبية , فمع مرور الوقت ستتحول هذه الشريحة الهامشية إلى سيف يُسلط على رقاب الأغلبية الصامتة.

لا تنتخب كل من يقول لك إنني أمثل التيار الثالث أو التيار الجديد والعابر للقارات والحدود, فلا يوجد تيار ثالث أو تيار رابع, فالموجود على الساحة السياسية تيارين , تيار يميني وتيار يساري , والمسميات الأخرى هي جزء من هذين التيارين, فوجود تيار ثالث سواء للمستقلين أو لرجالات أل NGOS هي بمثابة أناس يترنحون يميناً ويساراً, في الصباح الباكر تجده يميناً وفي سهرة المساء تجده يساراً وهكذا .

لأجل مستقبل أولادك ومحُبيك فلا تنتخب من يرفع شعارات التجديد.
انتخب من يعمل خادماً لك ليس امتناء أو صدقة منه , وإنما خدمتك مقابل حصوله على راتبه بشكل لا يزيد عن متوسط الأجور العام كثيراً, فهو يعمل ومُسخر لتقديم خدمة ما , أنت تستحقها وهو يتقاضى حقه من خدمتك .

انتخب من سيوفر لك ولأولادك التعليم المجاني والمستوى الصحي المتطور والحياة الكريمة .
قوى الإسلام السياسي لن تُوفر لك حياة كريمة وستكبح جماح توفر بيئة خصبة للتدين الاجتماعي على حساب التدين السياسي.

الحركات الوطنية لن تبني لك وطناً, ولن توفر لك إمكانيات العيش الكريم.
قوي اليسار لن توفر لك مجتمع العدالة الاجتماعية ولن تؤسس لمجتمع بلا اضطرابات اجتماعية.

منظومة الجمعيات الخيرية ومؤسسات المجتمع المدني لن تبني لك مصنعاً ولن تسعى لبناء اقتصاد منتج وبالتالي لن تُشغلك مدى الحياة .

حزب الكنبه لن يوفر لك طاقات الإنتاج ولن يُحفزك للعمل باعتباره قيمة إنسانية راقية.
المستقلين ومن في محلهم من تيارات لن توفر لك القرار المستقل ولن تجعلك تُفكر في أن تكون نداً للسلطة السياسية ولأغوال الاقتصاد.

إذن الفلسطيني في ضوء هذه التناقضات من سينتخب .