القراءة بعيون الموتى..
تاريخ النشر : 2020-10-21 08:04

في هذا الزمن العجيب تتوالى المشاهد المظلمة القبيحة واحدًا تلو الآخر ، فمن مشهد المطبعين تحت حماية شرطة الاحتلال ، إلى مشهدٍ آخر أشد ظلمةً وقبحًا ، فبالأمس و في خضم تواتر الأنباء عن الحالة الصحية للدكتور صائب عريقات شفاه الله ، أرسل إليّ صديقٌ عزيز تعليقًا موجود على أحد صفحات التواصل الاجتماعي يطالب متهكّمًا بحقّه في الميراث من تكلفة عملية زراعة الرئة للدكتور ، ورسمًا كراكاتيريا لشخص آخر ساخرًا من الحالة الصحية لهذا الرجل الذي لم يألُ جهدًا في الدفاع عن القضية الفلسطينية ، والذي أطلقتُ عليه قائدًا لمعركة الوجدان لأنه يكاد أن يكون الأوحد الذي يصر في كافة تصريحاته ولقاءاته المتلفزة وغيرها التصدي للحملة الصهيوأميركية على وجدان الأمم والشعوب من تزييف للحقيقة وقلب للحقائق ، فكان المؤكِّدُ دائمًا على الحق التاريخي في فلسطين من بحرها إلى نهرها ومواجهًا التطبيع المجاني للدول العربية مع دولة الاحتلال ، فلم يتصور الإنسان يومًا ما أن يعيش في مرحلةٍ تسودها هذه الأخلاق الفاسدة ، فأصحابها لا يستحقون أن تذكرهم حتى ولو بمفردةٍ بذيئة تناسبهم ، لكنّ هذا المشهد ارتحل بخيالي إلى تاريخ هذه الأمّة بكل أزماتها وتناقضاتها ، فما لَحِظَتْ عيني أسوأ من هذه السفاهة التي رأيتُ وقرأتُ البارحة ، لا أعرف كيف يحيَوْن أصحاب تلك المشاعر الحاضنة للأحقاد والغلّ لدرجة الشماتة بالمريض ، تُرى من أيّ منهلٍ ينهلون تلك الأفكار؟ ونحن أمة الميراث العظيم في الفكر والحضارة ، أم أننا نقرأ بعين الموتى كل شيء ، حتى قراءتنا للقرآن الكريم، فكتاب الله وحده كافيًا ليعلمنا التدبر وإعمال العقل ، فقد اعتمد سبحانه وتعالى اعتمادًا كليًّا على إثارة الوجدان و من ثم إثارة العقل للاهتداء لأكبر قضية في الكون ، ألا وهي التوحيد ، فما بالنا بالأمور الأقل من ذلك تأثيرًا وحجمًا ، أم أننا نتبارى في قراءة القرآن دون أن يؤثّر في وجداننا أو أن ينعكس سلوكًا في أفعالنا حقًّا لقد عرف كيف يغزونا أعداؤنا ، فقد قرأنا الماضي والحاضر بعيون لا تبصر ولا تعي ، وأصبحت الأمة قطيعًا نعاميًّا يتبع أول صوت يوجه إليها، أو أننا أصبحنا كالدجاج نعيش في حظيرةٍ يحكمها الثعالب .
لك الله يا دكتور صائب ولكل المرضى دعواتنا لكم بالشفاء .