عنقود الخرز يتساقط خرزة خرزة
تاريخ النشر : 2020-10-25 15:44

منذ وصول الطاووس الأشقر ترامب إلى البيت الأبيض، الذي لم يعد أبيضا بفعل فعائله، إلا وانقلبت الدنيا، "تشقلبت" الدنيا "كالبهلوان"، "جاب عاليها واطيها"، اسفلها، "دخلت الأمور في بعضها"، دخلت الأمور "في حيص بيص"، "اختلط الحابل بالنابل"!!!

فأمريكا التي كانت تمسك بزمام العالم بقوّتها العسكرية والتكنولوجية والإقتصادية والمالية، أصبحت تقبض على "خنّاق العالم" بالبلطجة المُسلّحة والبلطجة الإقتصادية والبلطجة المالية وحتى البلطجة الوبائية.

ترامب لم يترك أحدا في هذا العالم ألا و"حط راسه في راسه"، إلا وناطحه، إلا وتنابز معه، فكل شيء بالنهاية لديه، وبالنسبة له، يندرج في إطار "البزنس" والسمسرة.

على المستوى الداخلي تنطّح ترامب لكل تقاليد الحكم في أمريكا، تناطح مع الزعماء الحزبيين في بلاده، جمهوريين كانوا أم ديمقراطيين.

جلب إلى البيت الأبيض، الذي لم يعُد أبيضا بوجوده فيه، كل الذئاب والثعابين، وأخذ يستخدمهم ويضرب البعض "غير المرغوب فيه" منهم، على رؤوسهم واحدا تلو الآخر، حسب أهوائه ونزقه.

يطردهم "في ليلة ما فيها ضو قمر"، كما فعل مع اليميني المتعصّب، غير المأسوف عليه "جون بولتون"، الذي اقصاه ترامب بالدفّ والطبلة والمزمار!!!

ومع وزير الخارجية الأسبق تيلرسون، الذي اقصاه بتدوينة قصيرة على التويتر، فترامب عاشق للتويتر!!!

وأحدث شرخا في المُجتمع الأمريكي بأن صنّف مواطنيه ضمن قائمة مزاجه "أخيارا وأشرارا"، وطنيّبن ويساريين مُشاغبين.

أعطى تعليماته الصارمة لقوّاته الفيدرالية الأمريكية للتصدي "للمشاغبين" ومفتعلي المُظاهرات.

 وظهرات، في أمريكا "مهد الديمقراطية وحصنها المنيع"، تنظيمات "عصابات شبه مسلّحة" تتبع لترامب، على غرار "فتية التلال" الصهيونية الإستيطانية العدوانية الإجرامية في فلسطين المُحتلة، وعلى غرار وامتداد لعصابات "الكو كوكس كلان" التي كانت تقتل وتروّع السود الأمريكيين.

أحيا نفسية الأمريكي رجل الكاوبوي الذي يُطلق النار ثمّ يُفكّر ويبتدع الذرائع.

نفسية الرجل الأبيض الذي سحق ملايين الهنود الحمر، السكّان الأصليين المسالمين الوادعين، إلى أن أوصلوهم للعيش في معازل هي اقرب ما تكون من حظائر البقر أو الاغنام.

ترامب يتعامل مع العالم منذ بداية عهده، وربّما هكذا تعامل طيلة حياته الزاخرة بالفضائح والتعدّي الجنسي والتحرّش بالنساء، بعقلية الكاوبوي.

وأن العالم بالنسبة له ما هو إلا أحد معازل الهنود الحمر المذكورة هذه.

فقد "تناطح" مع بوتين بداية، ربّما من أجل أن يموّه على علاقاته القديمة مع المافيا الروسية، ومع تبييض الأموال معها.

وتناطح مع أوروبا، حليفته، وقال ما قال في ميركل وماكرون، وفرض الضرائب على الواردات الاوروبية إلى بلاده.

فرض "غربلة" لكافة الأجانب الداخلين أو الزائرين إلى أمريكا، مع العلم أن أمريكا خاصة والعالم الجديد عامة ما هو إلا نتاج عملية الهجرة والمهاجرين.

فرض ستارا حديديا على مواطني بعض الدول الإسلامية بعدم الإقتراب من حدود الولايات المتحدة الأمريكية الإحدى والخمسين.

حاول أن يضع إحدى دول "محور الشر" في جيب بنطاله الصغيرة، لكن رئيسها الشاب، كيم جونغ أون، حفيد الزعيم كيم إيل سونغ، الذي قارع الأمريكان في الحرب الكوريّة، خيّب أمله ولم "ينكمش" حسب رغبة ترامب وتفكيره وتدبيره، ولم يدخل في جيبه، وإنما مزّق بنطال ترامب وأظهره بلباسه الداخلي عندما ناور عليه وتمسّك ببرنامجه النووي وقوّته العسكرية الذاتية.

و"كتب ترامب فيه قصائد الغزل"!!!

وتنطّح ترامب لإيران ونطح "الاتفاق النووي" بجرّة قلم، ذاك الإتفاق الذي أمضت أمريكا أوباما ودول أوروبا الكبرى فيه سنوات وجولات وصولات، في التفاوض من أجله وإبرامه وتوقيعة.

جاء ترامب وألغى المشاركة الأمريكية في هذا الإتفاق الدولي، و"لحس" توقيعها عليه، من أجل عيون نتنياهو الملوّنة.

فعيون ترامب الخبيثة اللئيمة لا ترى في هذا العالم إلا عيون إيفانكا الزرقاء وعيون كوشنير وبالتالي عيون مُلهمه وتوأم روحه نتنياهو وعيون إسرائيل.

أمّا العيون السود والبُنيّة فليست في حساباته في شيء، اللهمّ إلا إستخدامها كدفتر شيكات وحساب بنكي مفتوح يجرف منه بدلو مخروم لا يشبع ابدا، وحتى لو كان الرقم المنهوب يوازي 460 مليار دولار دفعة واحدة من كبرى الدول العربية النفطية.

ومليارات ومليارات مُتعدّدة، سرّية وعلنية، من الدول الخليجية الأخرى، تحت عنوان حمايتها من خطر جارتها الإسلامية المزعوم "الداهم"!!!

صحيح أنه يحسب حسابا لعيون الرئيس الصيني "المشقوقة"، لكن من زاوية أخرى، من زاوية المناكفة الإقتصادية والمناكفة في موضوع "بزنس" فيروس الكورونا ونشأته وأصله وإمتداداته وإرتداداته ونتائجة و"لقاحه وأدويتة" المُتوقّعة، التي ستدر عليه ارباحا خيالية في حالة إحتكارها وتسويقها.  

أما من أسوأ أعماله و"أسهلها"، مع الأسف الشديد، هو مناطحته للقضية الفلسطينية بقرونه الكبيرة الحادة، "بصفقة قرنه" الشهيرة الخبيثة "المصيدة"، التي أثبتت الوقائع والتطورات أنّها إنطلت على الدول العربية.

تساوقت معها، و"فصفصت عظامها"، و"فكفكت براغيها"، وفرطت "عقد خرزها" وأطاحت به إلى الوحل خرزة وراء خرزة.

تهاوت خرزات عقد الوطن العربي المُترامي الأطراف من المحيط إلى الخليج، من الإمارات والبحرين والسودان.

والحبل على الجرّار، لكسر مزيد من الجرار!!!

تدحرجت هذه الخرزات وصبّت في دلتا المرمى الإسرائيلي في تل أبيب، "بردا وسلاما" ومشاريع وزيارات ومصالح تجارية وفتح سفارات وممثّليات و"تبادل" في "الأموال" و"العناق" والأغاني والأهازيج.

وعروض أزياء لعارضات إسرائيليات "فاتنات"، في "ربوع" صحراء الأمارت "الفسيحة الصافية الدافئة".

و"حوبس يا ابو ميّالة حوبس ردّ الخيّالة، من عادانا لا نعاديه وبالدولار والأحضان "نبشبش" بيه".

مع الإعتذار، عن التحريف المقصود، للأهزوجة الفلسطينية الشعبية الفلسطينية البديعة، التي تُغنّى في الأعراس والمناسبات الوطنية والتراثية والشعبية.

تقول الأهزوجة، قبل تحريفها للغرض:

"حوبس يا ابو ميّلة حوبس ردّ الخيّالة، من عادانا لنعاديه وبالبارود نشنّع بيه".   

فلسطين هي المُجمّعة، والقضية الفلسطينية هي حامية وحارسة عنقود الخرز العربي، فعندما بدأ العرب بالتخلّي عنها، في الجامعة العربية وفُرادا، بدأ عنقود خرزهم بالإنفراط خرزة خرزة، و"هات دبّرها"، الله يعين.