إنحدار
تاريخ النشر : 2020-10-27 12:02

من الطبيعي في ظل الفوضى، أن نسقط من قمة الجبل ولكن من المفجع أن نواصل السقوط والخنوع ونبحث عن مبررات خائبة، كي نمنح ضمائرنا صك غفران، لتغرق في بحور العسل ..

يا أخي .. إياك أن تكون وحيدا أو تتخذ قرارات وأنت منفعل . أعلم أننا نحترق وجعا مما يدور حولنا ولكن

عندما تهون علينا أنفسنا ونتبجح بإنقسامنا، فمن الطبيعي أن نهون على الجميع و تباح دمائنا وتتوزع بين القبائل. فانسياق بعض أخواننا العرب إلى حظيرة التطبيع ،عليه ألا يصدمنا وكأننا في سبات عميق لا ندرك ما يدور حولنا من متغيرات قذرة ، علينا أن نلتزم الصمت ونعد حتى العشرة قبل الحديث حتى نعطي أنفسنا مزيدا من الوقت للتفكير،وأن نختار مفرداتنا بحكمة ،ربما تعلمنا من أخطائنا وواجهنا المرحلة بحنكة، فعسى أن نسن سنة حسنة تغيثنا .

العواطف الجياشة والبكائيات، لن تعيد ميت .

تغييب العقول وتهميش المفكرين ونحن نخوض رحلتنا النضالية ، يجرنا إلى التخلف والعبودية والاستسلام ..

الحياة تجارب، فعلينا أن نتعلم من الماضي ،القوي من يعمل،من يحاول ويفشل وفي نهاية الأمر إن لم ينجح يكون له شرف المحاولة، فما بين الفشل والنجاح ،الخطوة الأولى الجريئة للتغيير . فيا أخي ،إياكم من تأليه المخلوقات التي ولدت فوق الكراسي ، فهي كائنات مثلك من لحم ودم،فرضتها ظروف المرحلة قد تخطئ وقد تصيب فعلينا أن نقومها إن ذلت ونواجهها بالحقيقة للحفاظ على الثوابت ، فلا يوجد خوارق بيننا ،فأحذروا من عبادة الأزلام .

للعبودية مليون لون ،فتحرر يا ابن أمي من ضعفك،إكسر قيدك ولا تمض للتهلكة بإرادتك .أنا وأنت مخلوقات بسيطة ، لنا وجه مضيء ،فعش كما أنت بتلقائيتك، لا داعي للتجميل ، لا تخشى القادم ،فالرحلة قصيرة ،تحرر من الأنا ومن الفردية التي تتحكم بواقعنا وتجعلنا كومبارس ،دمى تغرق في بحور المؤامرات وتوهمنا أننا مستهدفين وبأننا خارقين ،عباقرة لولا وجودنا لتوقف الكون عن التنفس وهلكت البشرية حتى نبقى عبيدا تحت قبعة الوهم .

أيها المخلوق الضعيف ،أنت جميل، تسير حسب دورك في سيناريو معد سلفا ،فكن سيد زمانك ومكانك بعطائك إلى أن تنتهي رحلتك.

لا تخشى على الكون ،لن يفنى من بعدك ، فقد رحلت حضارات ولم تنته الحياة ، أنت ذرة غبار في عالم عاصف ،فانتصر لإنسانيتك ،كي لا تجر إلى بحور العتمة والعزلة. إن أحببت أن تعود قضيتنا للصدارة وتنتصر لوطنك فنشط عقلك وتحرر من عبودية الأشياء وتقديس الأشخاص وتعلم أن تعيد قراءة الواقع بأكثر من عين ، حرك عقلك ،فكر، فكر ثم فكر، وأخيرا ستكتشف بصيص النور في النفق المظلم .إياك أن تستسلم للمنغصات،فالمهزلة أكبر من سارق يسرق حلمك، المهزلة تكمن في خوفك وافراطك بالأنا وعشقك للحياة وكأنك مخلد .الانحدار والسقوط ولد يوم أقنعوك أنك من القطيع وجعلوا من ظهرك مصعدا للمتسلقين، واستسلمت للمسرحية الهزلية . آه يا أخي، نحن كائنات مبرمجة تعيش التيه ،لعنة الإنقسام لم تكن محض صدفة، فعلى مدار التاريخ ونحن نبتكر وسائل للإنقسام، يقول لينين "الحزب لا يقتحم إلا من الداخل"ونحن مخترقون حتى النخاع

سقوطنا جميعنا في الوحل،لم يكن محض صدفة،بل تم حفر قواعد الانهزام في أرواح الأجيال من خلال ما يبث لهم بالتلفزة وعبر وسائل الاتصال حتى أتت أكلها وتحولنا لبغال .

فعلى مدار العصور هناك من يبني وهناك من يصر على الهدم

فقوتك بوحدتك وإيمانك بعروبتك، فإياك والعزلة والغياب، إياك أن تفقد الأمل ،أن تستسلم لأصوات النشاز.

فالإنسان كائن غريب،يبيح لنفسه كل الممنوعات حسب نزواته،فتحرر من انفعالاتك وأطلق حنجرتك بكلمات علي محمود طه " أخي جاوز الظالمون المدى "

فالشعوب العربية كالبنيان المرصوص تشد بعضها بعضا وتحتاج لبطل ملهم فكن ملهمها للخير والوعي ومحركها للثورة