إسرائيل والإنتخابات الفلسطينيه
تاريخ النشر : 2020-11-02 06:27

قد يتساءل البعض وما علاقة إسرائيل بالإنتخابات الفلسطينية ؟أليست شأنا فلسطينيا داخليا؟والسؤال الثانى متى كان الشأن الفلسطيني داخليا وكل الآراضى الفلسطينية تقع تحت الاحتلال الإسرائيلي وتتحكم في كل منافذها وخارجها ومن يدخل ومن يخرج؟ وكما هومعلوم أن الانتخابات بيئة سياسية شامله ، وهذه البيئة إسرائيل من تتحكم في مدخلاتها ومخرجاتها. ومن هذا المنظور تعتبر الانتخابات الفلسطينية حالة غير مسبوقه وإستثنائيه بسبب ظروفها القسرية . وتعتبر إسرائيل العامل الحاضر الغائب.والإنتخابات تعنى برامج سياسيه ورؤى سياسيه للقوى الفلسطينية المتنافسة وخصوصا حركتى حماس وفتح، وما مدى توافق هذه البرامج السياسية واهداف السياسة الإسرائيلية ؟وكيف ستتعامل هذه البرامج السياسية مع إسرائيل وكيف تصفها وتراها. وهل من مصلحة إسرائيل إنجاز إنتخابات ديموقراطية تنتهى بنظام سياسى ديموقراطى ينزع من يديها الكثير من ألأوراق وأهمها وصف النظام السياسى الفلسطينى انه غير ديموقراطى وغير مؤهل للتفاوض والسلام معه،إنطلاقا من رؤية نتانياهو ان السلام لا تعرفه إلا الدول الديموقراطية. لا يمكن إجراء الانتخابات الفلسطينية إلا بموافقة إسرائيلية لتحكمها في أوراق كثيره يمكن أن تعطل معها الانتخابات وخصوصا في الضفة الغربية ، بتحكمها بالحواجز بين منطقة وأخرى ومن ثم عرقلة وإعاقة الحركة اللازمة لتسيير الإنتخابات وقدرتها في إعتقال اى شخص ، وإعتقال من ينتمون لحركة حماس وحتى لأى فصيل آخر، ومنعها لإجراء أى شكل من الإنتخابات في القدس لدرجة قد تذهب معها في تهديد سكان القدس أن من ينتخب سيفقد حقه في البقاء في المدينة وسيحرم من مواطنتها. ومن مظاهر تحكم إسرائيل إعتراضها على البرامج السياسية واللقاءات الجماهيرية الضرورية بين المرشحين المتنافسين وقواعدهم الشعبية. وهذا يتطلب موقفا دوليا قويا وضاغطا على إسرائيل وخصوصا من الدول العربية التي لها علاقات اليوم مع إسرائيل. والسؤال ثانية ماذا تريد إسرائيل من الانتخابات الفلسطينية الثالثة؟لو عدنا للوراء قليلا وتساءلنا لماذا وافقت على الانتخابات ألأولى والثانية علما ان الثانية كانت بمشاركة حركة حماس. في الانتخابات ألأولى وقد كانت ضرورية لإسرائيل وشرطا لإتفاقات أوسلو بوجود سلطة فلسطينية منتخبه يكون لها القرار السياسى وتضفى شرعية على إتفاقات أوسلو ، وتنشئ مؤسسات سلطه تقوم بتنفيذ إتفاقات أوسلو والتنسيق مع المؤسسات الإسرائيلية وخصوصا في المجال الأمني والإستخباراتى . الفلسطينيون عندما وافقوا على هذه الانتخابات رغم علمهم بكل هذه القيود كان هدفهم أن تكون لهم سلطة شرعية رئاسية وتشريعية تمهيدا لتحولها إلى مؤسسات دوله، ولكن إسرائيل عندما بدأت تدرك ان الفلسطينيون كانوا يعملون على تفعيل هذه المؤسسات وتطويرها كمؤسسات دوله وضعت العراقيل والتحديات حتى تجعل من السلطة ومؤسساتها تابعه ضعيفه هشه. إذن الهدف من الانتخابات ألأولى مع ملاحظة انها كانت انتخابات لحركة فتح كلها الهدف منها إضفاء الشرعية على إتفاقات أوسلو .اما ألإنتخابات الثانية وهنا المفارقة السياسية انها تمت بمشاركه مباشره من قبل حركة حماس وبمرشحين لها في الضفة الغربية تحركوا علانية فكانت أسمائهم معروفه لإسرائيل وهذا أحد ألأهداف لها أن تعرف وتتعرف على كل القيادات التابعة للحركة ومراقبة حركتهم فيما بعد، وتمكينها من إعتقالهم إذا إقتضى ألأمر وهو ما حدث فيما بعد .الهدف الثانى للموافقة على مشاركة حماس معرفتها وتوقعاتها المسبقة ان حركة حماس ستفوز وبأغلبية كبيره ، وهذا يعنى بداية إنقسام البنية السياسية الفلسطينية بين الحركتين المتنافستين فتح وحماس وتمهيدا لذهاب حركة حماس للتفرد بغزه وهو ما تم بإنقلابها وسيطرتها على غزه بعد عام واحد من الانتخابات، اى ان الهدف واضح وهو تهيئة البيئة السياسية الفلسطينية للإنقسام والإنفصال. واما الهدف الثالث محاولة دفع حركة حماس للعمل السياسي الفلسطينى المعلن ومن ثم التدرج في تحولها لحركة سياسية هدفها الحفاظ على السلطة والحكم وهو ما يسمح لإسرائيل لممارسة ضغطها على الحركة وصولا لتفاهمات سياسية مستقبلية ,حتى الحروب الثلاث التي وقعت بعد سيطرة حماس لم يكن الهدف منها التخلص من حركة حماس وعودة السلطة بقدر ما كان ترويض حركة حماس وإضعافها وإحتوائها بعقد إتفاقات تهدئه، وجعل غزه أكثر إعتمادا على إسرائيل في الحصول على إحتياجاتها الغذائية والوقود والتنقل من داخل غزه وخارجها وكلها أوراق سياسيه يمكن لإسرائيل أن تمارسها على حركة حماس مع تعميق حالة الإنقسام. ونأتى للإنتخابات الثالثة إذا عقدت ما هو موقف إسرائيل منها ؟ وماذا تريد منها؟تأتى الانتخابات الثالثه إذا تمت بعد خمسة عشر عاما من ألإنقسام، وتحولها لبنية سياسية كامله تتبع حركة حماس ، ومحاولة كل من فتح وحماس الحفاظ على إنجازاتهم سواء بالإنتخابات أو بدونها بمعنى ان الإنتخابات لن تمس الإنجازات التي تحققت لكل منهما، وثانيا ان هذه الانتخابات تأتى في ظل بيئة سياسيه عربيه وإقليميه ودوليه تعمل لصالح إسرائيل مما يعنى انها ستكون اقل ضغطا عليها، وتأتى في ظل التوجهات نحو السلام العربى الإسرائيلي . إسرائيل إبتداء لن تمانع من إجراء الانتخابات لكن بشروطها وفى مقدمتها إستبعاد القدس كلية عن الانتخابات. والإعتراض على البرامج السياسية لبعض الفصائل إذا ذهبت بعيدا في بنودها فيما يتعلق بقضايا السلام والتسوية والمفاوضات والمقاومة . هدف إسرائيل ليس عوده الوحدة الفلسطينية وإلغاء الإنقسام بل قد يكون هدفها بالإعلان الرسمي بتحول الإنقسام إلى حالة سياسية مستقله تماما وذلك من خلال فشل الانتخابات او عدم القبول بنتائجها، وتريد إسرائيل من أي حكومة إئتلافية في حال تشكلها ان تلتزم بالسلام والتفاوض مع إسرائيل وهذا ما تريد من حركة حماس الإعتراف الرسمي بإسرائيل عبر الانتخابات والمشاركة في حكومة فلسطينية لن تستطيع أن تعمل بدون موافقة إسرائيل.هدف إسرائيل من هذه الانتخابات التي قد تعتقد ان تكون ألأخيرة العمل على التخلص من القضية الفلسطينية وتحولها نهائيا إلى حالة نزاع ثنائى فلسطينى . لا شك ان هذه الانتخابات تأتى في سياق إستثنائى غير مسبوق في كل تجارب التحرر الوطنى لأنها تتم في ظل الاحتلال الإسرائيلي لكل ألآراضى الفلسطينية ، ولا توجد انتخابات بدون حرية الحركة على ألأرض, ومن ثم سوف تأتى منقوصه في أهدافها ونتائهجا الفلسطينية , ويبقى الخوف ان تكون هذه الانتخابات من منظور إسرائيل إمتدادا للإنتخابات الثانية التي تنتهى بالفصل السياسى الكامل وهو اقصر الطرق لتفكيك القضية الفلسطينية وتحولها للحلول الإقليمية.