هل يمنع بايدن انفجار البارود؟
تاريخ النشر : 2020-12-04 12:45

رغم تنفس الفلسطينيين الصعداء عقب الهزيمة المدوية للرئيس الأمريكي المنصرف دونالد ترامب في الانتخابات الأخيرة، إلا أن الكثيرين عبروا عن قلقهم من أن تكون إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن نسخة مكررة من إدارة أوباما، رغم أن بايدن ليس أوباما، وعام 2009 ليس كعام 2021، والمؤكد أن بايدن ونائبته كامالا هاريس، وهما من الديمقراطيين الكلاسيكيين، لن يمنعا انفجار البارود، فلديهما التزام أساسي وعاطفي بإسرائيل، وهذا على النقيض من سياسة أوباما، وربما تثبت الإدارة الجديدة أنها أقل تهديدًا للقضية الفلسطينية من سابقتها، ولهذا من المرجح أن يستهل بايدن ولايته بالعودة إلى الوضع الطبيعي الخانق المتمثل في صيغة اتفاقية أوسلو القائمة قبل مجيء ترامب.

يوصف فريق بايدن الرئاسي بأنهم من ذوي الخبرة، الذين تعلموا دروساً من العقد الماضي، وأنهم متيقظون للتغييرات الاستراتيجية في الشرق الأوسط، ولا يُتوقع منهم إعطاء القضية الفلسطينية الأولوية التي منحها لها أوباما، فمساعدو بايدن ليسوا متفائلين بشأن تحقيق انفراجه في المفاوضات بين الجانبين في الوقت الحاضر، والراجح أنهم لا يعتزمون إطلاق خطة سلام خاصة بهم، ولهذا يجب على الفلسطينيين أن يستغلوا السنوات الأربع القادمة لإعادة النظر في شؤونهم الداخلية وإنهاء حالة الانقسام الداخلي التي طالت واستطالت، وإحياء الحركة الوطنية الفلسطينية التي تعاني حالياً من أحد أحلك فصولها في التاريخ.

يتوقع خلال السنة الأولى من حكم بايدن، أن يركز فريقه الرئاسي المختص بملف الصراع الفلسطيني الاسرائيلي على إبقاء نافذة مفتوحة لحل الدولتين في المستقبل، وإزالة شبح ضم أجزاء من الضفة الغربية من على الطاولة، ومعارضة التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، مع البقاء ضمن المنطقة الرمادية بشأن خطة ترامب للسلام في الشرق الأوسط، فلا إمضاء ولا تجميد، وستشجع إدارة بايدن المضي نحو تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية، مع إمكانية تطوير الخيارات المتاحة للضغط على إسرائيل حتى تدفع "ثمناً معقولاً" نظير التطبيع الموسع من خلال تقديم تنازلات ملموسة تحظى بشعبية بين الفلسطينيين.

يتوجب على الفلسطينيين اعتماد أسلوب مختلف وجذري للتعامل مع الكيان الصهيوني، إذ لا تستطيع اتفاقية أوسلو أو إدارة بايدن توفيره، لأن أفضل ما يمكن أن يأمله الفلسطينيون في عهدة بايدن أن يُغيِّر بعض سياسات ترامب الضارة أو ينقِّحها، ولكي نؤكد هذه الفرضية، فإنه من المناسب أن نتعرف على رؤية واحد من أهم أدوات بايدن لاحتواء الصراع الأزلي في  الشرق الأوسط خصوصاً، وهو أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي المقبل، فالمعروف عنه أنه يهودي، ويعد زوج أمه أحد الناجين من الهولوكوست، وقد تركزت رسالته للناخبين اليهود خلال الحملة الانتخابية الأخيرة على أن ترامب لم يكن جيدًا لإسرائيل، لأن الضرر الذي ألحقه بمكانة الولايات المتحدة أضرَّ بإسرائيل أيضًا، وإذا كان بلينكن قد لعب دورًا كبيراً في تمرير اتفاق إيران النووي في الكونجرس عام 2015، فإنه شدد طوال حملة بايدن على أن قرار ترامب بالانسحاب من الصفقة في عام 2018 وضع إسرائيل في خطر أكبر، وليس أقل، من إيران.

يقيناً، فإن بلينكن صديق أساسي لإسرائيل، ولا شك أن توليه حقيبة وزارة الخارجية الأمريكية يعد خيارًا ممتازًا لسلطة الاحتلال، ولهذا يجب أن لا يأمل الفلسطينيين في تحقيق اختراق هائل خلال أي مفاوضات مقبلة مع الإسرائيليين، بل يتعين أن يقف سقف التوقعات عند حد تقليم أظافر قرارات ترامب الكارثية بشأن عدد من القضايا مثل وقف التوسع في الاستيطان، وإعادة فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، واستئناف ضخ المساعدات المالية للفلسطينيين، والضغط على حكومة الاحتلال للإفراج عن أموال المقاصة دون اقتطاع منها، ورهن التطبيع الإسرائيلي مع الدول العربية بتقديم تنازلات إسرائيلية ملموسة، وافتتاح قنصلية أمريكية لرعاية العلاقات الفلسطينية الأمريكية في القدس الشرقية.