حوار القاهرة إشعاع في العقل الفلسطيني
تاريخ النشر : 2021-02-17 11:50

تبذل مصر جهودًا كبيرة من أجل توحيد الصف الفلسطيني وتقريب وجهات النظر بين الأشقاء خدمة للقضية الفلسطينية التي هي في ضمير كل مصري، وتدفع مصر في اتجاه نبذ الخلافات بين الفصائل، وتغليب المصلحة العليا للشعب الفلسطيني حتى يستطيع نيل حقوقه المشروعة تحت راية علم فلسطين.

اجتماع الفصائل، والتنظيمات الفلسطينية فى القاهرة جرى على أرضية من التفاؤل بتجاوز صعوبات السنوات الماضية التى تسببت فى نوع من القطيعة والخلافات بين الفصائل الكبرى مما أثر بالسلب على حياة المواطن الفلسطيني المقهور، وبدد جهودا مهمة في مسيرته نحو نيل حقوقه، بعد الاجتماع صدر بيان القاهرة وأكد أنه تم مناقشة كل القضايا الوطنية وخاصة إجراء الانتخابات وفقا للتوافقات الفلسطينية السابقة ولاسيما وثيقة الوفاق الوطني ونتائج اجتماع الامانة العامة في سبتمبر الماضي.

ونص البيان على الالتزام بالجدول الزمنى لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية مع التأكيد على إجرائها فى القدس والضفة وغزة دون استثناء والتعهد باحترام وقبول نتائجها وتشكيل محكمة قضايا الانتخابات بالتوافق من قضاة بالضفة وغزة والقدس تتولى دون غيرها متابعة كل ما يتعلق بالعملية الانتخابية، ويصدر الرئيس مرسوما بتشكيلها، كما تتولى الشرطة الفلسطينية دون غيرها في الضفة وغزة بزيها الرسمي تأمين مقار الانتخابات ويكون وجودها وفقا للقانون، وإطلاق الحريات العامة والإفراج الفوري عن كل المعتقلين على خلفية فصائلية او لأسباب تتعلق بحرية الرأي، مصر كعهدها مع كل ابناء الوطن العربي تقف على مسافة واحدة بين الجميع تقدم الدعم للشعب دون النظر للاعتبارات الطائفية أو الحزبية، تفعل هذا منذ التاريخ مع أبناء الشعب الفلسطيني، وفى الوقت نفسه تضع أمام أعين المهتمين تقديرات الموقف وفق الرؤية الوطنية التي تراها.

على مدى التاريخ لم يتوقف الاهتمام المصري بالقضية الفلسطينية على جميع المستويات فى المحافل الدولية هى أولوية، فى الحروب التى خاضتها مصر كانت القاسم المشترك، فى ضمير المواطن تعيش قضية عادلة لا يعترف بالآخر مهما فعل أو سعى قبل أن يترك الأرض وينعم أصحاب الحقوق. الأصوات الوطنية التى تدعو أبناء الشعب الواحد إلى الوحدة وعدم الانجرار وراء الفتنة، لا تستهدف من ذلك سوى المصلحة التى تخدم الشعب المغلوب على امره، مما لا شك فيه بددت الخلافات بين التنظيمات والفصائل عقودا من الزمن دون طائل بل العكس هو الصحيح اضاعت جزءا كبيرا من هيبة القضية، وفى مرات غير قليلة خرجت فئات ضالة ترفع شعارات غريبة مدفوعة بقرارات خارجية كادت تدمر عدالة القضية برمتها، ومع هذا لا وقت ان لجلد الذات أو الحديث عن الإخفاقات حتى وإن كانت مريرة، وانما المهم هو التطلع الى الأمام بروح جديدة تراعى الضرورات والظروف العالمية والتغيرات المهولة التى يعيشها الواقع العربي.

كانت نتائج الحوار مهمة، رسالة الرئيس محمود عباس مهمة قبل الاجتماع وبعده عندما قال ذاهبون إلى حوار القاهرة، بعقول مفتوحة، من أجل التوصل إلى النتائج التى يتمناها الشعب الفلسطينى وتخدم قضيتنا العادلة وهى رسالة مهمة تمنح الأمل، وتضع كل الاطراف امام مسئولياتها التاريخية من اجل السعى المتواصل لاستعادة الحقوق المشروعة لشعب عظيم يعاني. فى هذه الظروف الصعبة تفتح القاهرة أبوابها إلى الأشقاء وتفتح ذراعيها لهم بالحب والثقة الكاملة فى أن يضعوا فوق الرءوس علم فلسطين. جاءت المواقف بعد الاجتماع الذى عقد على مدى يومين بالقاهرة ايجابية وعبرت القوى عن شكرها لمصر قيادة وشعبا على كل هذا الدعم والاهتمام، وهناك اجتماع آخر سيعقد فى مارس المقبل فالوقت ليس فى مصلحة التردد أو منح الاطراف الخارجية الفرص للعبث بالثوابت الفلسطينية، فهناك قضايا مهمة يتراجع الحديث عنها بعد أن كانت مدوية مثل قضية اللاجئين والقدس والمسجد الأقصي، بسبب الخلافات الفلسطينية وهى قضايا ما كانت تتراجع أبدا فى وجود تماسك داخلي. المواطن الفلسطينى فى الداخل أو فى الشتات يعيش حلما واحدا وهدفا واحدا هو عودة فلسطين.

وهى أمنية كل حر فى العالم وكل مواطن عربى من المحيط إلى الخليج، يترقب المواطن الفلسطينى النتائج الملموسة لهذا الحوار وهو ينتظر ما يلتزم به قادة الفصائل والتنظيمات، ويتطلع إلى أن يرى ممثلى الفصائل، والتنظيمات وقد أنجزوا المهمة الوطنية بروح المسئولية الجماعية، ولا يفسد المشهد تناقضات عبثية كانت ولاتزال تؤلم الجسد الفلسطيني، وان يكون الضمير الوطنى هو الجامع بعيدا عن التدخلات الاقليمية الخارجية التى كانت دوما تشعل فتيل الازمات وتفرق بين الاشقاء وتغرى الفتنة التى تحرق كل الجهود المخلصة.

عن الأهرام