فلسطين دولة سلام لا حرب
تاريخ النشر : 2021-03-15 20:33

لا سلام بدون دولة فلسطينية ، لفرضية بسيطه أن أسباب الصراع مع فلسطين ألأرض والشعب وليس مع الدول العربية .والحقيقة التي ينبغي التأكيد عليها أن أسرائيل لم تحقق أمنها وبقائها رغم كل الدعم الإستراتيجى الذى تقدمه الولايات المتحده لها ، ورغم معاهدات السلام الموقعة معها ،ورغم تفوق قوتها العسكرية. ، وبدليل كم حرب قامت وكم إنتفاضة إندلعت ، وكم عدد الضحايا من المدنيين من الجانبين، وبدليل أنه حتى اللحظة ما زالت الصواريخ والبالونات الحارقه تخرج من غزه ردا على الحصار المفروض، وما زالت كل مظاهر العنف والمواجهة بين الطرفين قائمه ومستمره بل في تزايد كبير. إذن قضية أمن وبقاء إسرائيل ليست في معاهدات السلام مع الدول العربية ، هذه المعاهدات يمكن أن تقيم علاقات شامله ، لكنها لن تمنع الفلسطينيين من مواصلة نضالهم ومقاومتهم بكل ألأشكال لتحقيق الدولة الفلسطينية .

ولا يقتصر ألأمر على حق الشعب الفلسطيني في مواصلة مقاومته ، لأنه لم يوجد شعب في العالم رضى بالإحتلال والهيمنة والتفوق العنصرى ، فالقانون الحتمى النضال حتى التحرر وإسرائيل ليست إستثناء. ، فبعد مرور أكثر من سبعين عاما على قرار التقسيم رقم 181 لعام 1947 ما زال خيار التقسيم قائما ولم يسقط بالتقادم الزمنى ، بل إنه يتم التلويح به ألآن كأحد اهم المقاربات لحل القضية الفلسطينية. وقد يذهب الكثيرون للقول ان حل الدولتين لم يعد قائما وغير قابل للحياة ، وان هناك العديد من التحديات والمعيقات التي تقف في طريق قيام الدولة الفلسطينية: القدس واللاجئيين والمياه وألأمن والحدود والمستوطنات . وهذه وقائع لا يمكن تجالها لكن حلها قد يتم عبر حل الدولتين. ولئن فشلت كل المقاربات السلمية منذ أوسلو الذى كان سيكسر الجمود ويقود للحل السلمى القائم على الدولتين، لكن تنامى دور اليمين في إسرائيل وتوليه الحكم بعد إغتيال إسحق رابين عام 1995 وهو لا يؤمن بفكرة الدولة الفلسطينية ، ويعتنق فكرة الوطن البديل ، كان من شأن سياساته الإستيطانية والرافضة للدولة الفلسطينية أن يزيد ويعمق من حال العنف والتشدد، وبالمقابل وصول حركة حماس وسيطرتها على غزه عام 2007 زاد من خيار أبدية وديمومة الصراع وزيادة اللجوء للحرب بدليل ثلاثة حروب على غزه من 2007 إلى 2014. والإحتمالات مفتوحه للمزيد.إلا أن الجمود في العملية السلمية من ناحية ، وتنامى خيارات الحرب لم يعد ممكنا او التعايش معه لا فلسطينيا ولا إسرائيليا.وإذا كان إتفاق أوسلو وصل لمرحلة الموت السريرى ألأقرب للموت، فإن موضوع الدولة الفلسطينية يبقى حيا وقائما ، ولا يمكن لفكرة الدولة الفلسطينية أن تموت لسبب بسيط ان هناك شعب فلسطيني يزيد عدده عن الثلاثة عشر ملبونا وقابلا للزياده بدرجة كبيره في السنوات القادمه ،ناهيك ان الدولة الفلسطينية أصبحت حقيقه دولية بمكانتها كدولة مراقب في الأمم المتحده مما يعنى قلب كل معادلات الصراع.وإن لم تقم دولة فلسطينية مستقله فإن إسرائيل مهدده من داخلها ، ومهدده من محيطها ،وكما قال أولمرت رئيس وزراء إسرائيل السابق : إذا وصلت إسرائيل إلى درجة التصويت الحر الشبيه بما حصل في جنوب أفريقيا فإن دولة إسرائيل تكون قد إنتهت.ويبقى حل الدولتين الممكن سياسيا لعدم إمكانية أي حل آخر، فلا حل الدولة الواحده قابلا للتطبيق لتصادمه مع هوية كل من الشعبين الفلسطيني وألإسرائيلى ، وإما صراع دائم ومفتوح وهو حل غير مقبول لا إقليميا ولا دوليا. ولذا ينظر لحل الدولتين ليس لأنه ألأمثل ، ولكنه ألأكثر واقعيه وإمكانيه لإنهاء الصراع.

وفى مناقشة ما إذا كان حل الدولتين ميتا أم حيا، هنا الخلط بين إتفاق أوسلو وبين حل الدولتين فأوسلو مرحلة سياسية و إنتقاليه قد إنتهت بقيام المؤسسات السياسية الفلسطينية ، وبقيام سلطات الدولة وهى تشكل نواة لأى دولة فلسطينية. وكما أشار أرنست بيفين وزير الخارجية البريطانية في حديث له عام 1947: انه وبعد أن أصبح واضحا لنا أنه لا أمل أمامنا في حل تفاوضى بين الطرفين العربىو ألإسرائيلى ، قررنا عرض القضية على ألأمم المتحده ، واستجابت الأمم المتحده بإتخاذ قرارها ألأممى المشهور لتقسيم فلسطين إلى دولة يهوديه ودولة عربيه.ووضع خاص للقدس .رفضها العرب وقبلت بها الحركة الصهيونية لحاجتها لمثل هذه الدولة . ومنذ ذلك الوقت دخلت المنطقة في أكثر من حرب لتزيد دولة إسرائيل عما هو مقرر لها بأكثر من ثلاثين في المائه. وفى عام 1988 أعلنت منظمة التحرير الإعلان عن الدولة الفلسطينية إستنادا على قرار التقسيم. والذى تم الإعتراف به ولأول مره وبشرعيته كأساس لحل الدولتين.

اليوم وبعد أكثر من معاهدة سلام مع إسرائيل ، وإعتراف منظمة التحرير بإسرائيل دولة ، فإن صيغة امميه جديده لصيغة 1947 قد تكون ممكنه.ومما يساعد على ذلك وقف إسرائيل لعملية الضم كما جاء في أعقاب الإعلان عن إتفاق السلام مع الإمارات, ويبقى حل الدولتين حيا وقائما ولا بديل له، والمطلوب الآن مشروع مفصل للسلام إستنادا للمبادرة العربية التي بدأ تنفيذها الآن.

فلا قيام لدولة فلسطينية دون أن تشعر إسرائيل أنها آمنه ، كما أن إسرائيل لن تنعم بالأمن ما لم تقم الدولة الفلسطينية ، هذا الخيار والحل اصبح ممكkا الآن بعد معاهدة السلام بين إسرائيل وأكثر من دولة عربيه وتوجه دول عربيه أخرى ، ثمن هذا السلام أذا أريد له البقاء يكون بقيام الدولة الفلسطينية ، وهذا بيد إسرائيل وليس بيد الدول العربية ولا فلسطين ، لأن العرب يقدمون السلام اليوم والفلسطينيون قبلوا بالمبادرة العربية كأساس للسلام. هذه مسؤولية إدارة الرئيس بايدن وأوروبا والدول العربية والعالم لفرض صيغة للسلام بقيام الدولة الفلسطينية تنهى معها الصراع ، دولة تستند على الديموقراطية والتعايش والمدنية وتلبى الحاجات القومية للشعب الفلسطينى وبها تكتمل منظومة الدول في المنطقة.