وول ستريت جورنال: الانسحاب الأمريكي من أفغانستان يتيح عودة "القاعدة" و"داعش"
تاريخ النشر : 2021-04-15 19:38

واشنطن: علقت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية على إعلان الرئيس جو بايدن، سحب القوات من أفغانستان بحلول 11 سبتمبر (أيلول) المقبل، قائلة إن هذا الموعد الرمزي ولكن العشوائي، يدل على أن القرار لم يأخذ في الاعتبار سوى القليل من الوقائع على الأرض واعتمد على رغبة سياسية تنطوي على مقامرة استراتيجية، ومضيفة أن التاريخ يفترض أن الولايات المتحدة ستعاني نتيجة هذا القرار.

على المدى القصير، فإن الكثير من الأمريكيين قد يرحبون بوضع حد لـ"حروب لا تنتهي". لكن الخروج يرتب على الرئيس تحمل تبعات ما سيحدث بعد ذلك

ولعلّ الموعد المحدد بعد عشرين عاماً على هجمات 11 سبتمبر، القصد منه القول إن الحرب الأفغانية التي كانت الأطول ستصل إلى نهايتها. لكن أفغانستان ستشهد تصعيداً لحربها الأهلية، في الوقت الذي ستسعى "طالبان" إلى استعادة كابول وإعادة تأسيس إمارتها في أفغانستان. وإذا ما تحول هذا البلد مجدداً إلى ملجأ لتنظيمي "القاعدة" و"داعش"، فلن يكون مفاجئاً إذا تعين على القوات الأمريكية العودة مرة أخرى، على غرار ما فعلت بعدما أدى انسحاب الرئيس السابق باراك أوباما من العراق إلى صعود "داعش".

وورث بايدن وضعاً سيئاً بعدما فاوض الرئيس السابق دونالد ترامب على الأول من مايو(أيار)، موعداً للانسحاب. ومع خفض عديد القوات الأمريكية، وعدم قطع طالبان علاقاتها مع القاعدة، فإن الحركة سيطرت على قواعد عسكرية في أنحاء البلاد.

منخرطة سياسياً

واليوم، لا يزال ينتشر 10 آلاف جندي أجنبي في أفغانستان بينهم 3500 أمريكي. والرحيل الأمريكي يعني أن حلف شمال الأطلسي وقوات شركاء آخرين سيرحلون أيضاً. وتقول الولايات المتحدة إنها ستبقى منخرطة سياسياً، لكن الانسحاب سيعني أن محادثات السلام بين "طالبان" وكابول ستفشل، ولن تشعر الميليشيا الإسلامية بأي ضغوط لتقديم تنازلات، والرئيس الأفغاني أشرف غاني ليست لديه أية أسباب كي يفاوض على إعدامه.

ومن غير المعروف ما إذا كان ممكناً لحكومة مدعومة من الولايات المتحدة الصمود، أو ما إذا كانت ستتمتع بالكثير من النفوذ خارج كابول. وقد يفقد الجيش والشرطة الأفغانيان الثقة من دون دعم أجنبي، وسيعود التحالف الشمالي إلى رص صفوفه للدفاع عن منطقته من "طالبان".

الحكومة قد تنهار

وقال المفتش العام في "البنتاغون" لشؤون إعادة بناء أفغانستان جون سوبكو الشهر الماضي، إنه من دون الدعم الأمريكي، فإن الحكومة " قد تواجه الانهيار". وتوصلت الاستخبارات الأمريكية في تقرير "تقويم التهديدات" لعام 2021، إلى أن "الحكومة الأفغانية ستعاني لإبعاد خطر طالبان في حال سحب الإئتلاف دعمه".

وفي الوقت الذي تكسب فيه طالبان وميليشيات في أنحاء البلاد المزيد من النفوذ وسط فراغ في الحكم، فإن الملايين سيفتقرون إلى خدمات أساسية ومساعدات إنسانية. وسيتبدد التقدم الذي تحقق بمشقة على صعيد حقوق النساء. وستصير إيران أكثر نفوذاً في هيرات، بينما باكستان التي دعمت طالبان على مر السنين، ستواجه المساءلة في حال تعززت شوكة الإسلاميين.

لكن الولايات المتحدة غزت أفغانستان في 2001 لتدمير ملاذات "القاعدة" وإسقاط رعاة هذا التنظيم من السلطة. وإذا ساد الفراغ الأمني، فإن القاعدة وداعش سيمتلكان الحرية للتخطيط لهجمات إرهابية ضد الولايات المتحدة.

"القاعدة" يعزز قوته

وفي يناير (كانون الثاني)، قالت وزارة الخزانة الأمريكية إن "القاعدة" يعزز قوته في أفغانستان في الوقت الذي تواصل فيه العمل مع "طالبان" وبحماية الحركة. وأضافت أن التنظيم "يعتمد على علاقته مع طالبان عبر شبكة من المستشارين الذين يرافقون الحركة، لتقديم النصح والإرشاد والدعم المالي".

ويقول مستشارو بايدن إنه رغم أن "طالبان" لا تزال مشكلة، فإنه لا يزال بإمكان الولايات المتحدة ضرب الإرهابيين بأسلحة جاهزة واستخدام الموارد القليلة لردع الصين وروسيا. وستحتفظ الولايات المتحدة ببعض القدرات لمكافحة الإرهاب. لكن صعود "داعش" في العراق يثبت محدودية ما يمكن فعله من دون انتشار على الأرض. وعلى الكونغرس أن يوجه بعض الأسئلة القاسية للقادة العسكريين، الذين سيتعين عليهم مصارحة الأمريكيين بالمخاطر الأمنية الناجمة عن الانسحاب.

ولعل الرسالة التي ستتلقاها بكين وموسكو قد تكون معاكسة لما يرغب به بايدن. إذ إنهما قد تنظران إلى الانسحاب الأمريكي على أنه حرص على الانسحاب من التزامات أمريكا العالمية.

وعلى المدى القصير، فإن الكثير من الأمريكيين قد يرحبون بوضع حد لـ"حروب لا تنتهي". لكن الخروج يرتب على الرئيس تحمل تبعات ما سيحدث بعد ذلك. ونأمل في أن لا تتم خيانة التضحيات الكبيرة التي قدمها الكثيرون.