هل نحن بحاجة إلى ديمقراطية "مونتيسكيو"!
تاريخ النشر : 2021-04-18 13:32

"تتلخص الفكرة الأساسية التي يقوم عليها مبدأ الفصل بين السلطات في ضرورة توزيع وظائف الحكم الرئيسية: التشريعية والتنفيذية والقضائية على هيئات منفصلة ومتساوية تستقل كل منها عن الأخرى في مباشرة وظيفتها حتى لا تتركز السلطة في يد واحدة فتسيء استعمالها، وتستبد بالمحكومين استبداداً ينتهي بالقضاء على حياة الأفراد وحقوقهم"

يعتبر مبدأ فصل السلطات ثالث المبادئ الدستورية الاساسية التي تقوم على اساسها الديمقراطية الغربية بوجه عام. وينسب أصل هذا المبدأ عادة الى الفلسفة السياسية للقرن الثامن عشر. ففي الديمقراطية الغربية لا يعد مبدأ فصل السلطات مبدأً قانونياً بالمعنى الصحيح. وإنما يعد مبدأ او قاعدة من قواعد فن السياسة، يمكن تفسيرها كالآتي: -

انه رغبة في حسن سير مصالح الدولة وضماناً لحريات الافراد ومنعاً للتعسف والاستبداد يجب الا تجمع مختلف السلطات – سواء بصورة مباشرة او غير مباشرة – في قبضة يد شخصية او هيئة واحدة ولو كانت تلك الهيئة هي الشعب ذاته (وذلك في الديمقراطية المباشرة) او كانت الهيئة النيابية ذاتها (وذلك في نظام الحكم النيابي). ذلك هو جوهر مبدأ فصل السلطات: عدم الجمع بين السلطات، بل يجب توزيعها وتقسيمها بين هيئات مختلفة.

وكما هو معروف فقد استنبط مونتسكيو مبدأ او كيفية ذلك التقسيم من المنظر الى وظائف الدولة: تلك الوظائف هي ثلاث: الوظيفة التشريعية والتنفيذية والقضائية، فهذا المبدأ – كما قرره مونتسكيو - لا يقصد به الفصل التام (اي العزلة) بين السلطات، فهو يرمي الى ايجاد مساواة وتوازن وتعاون بين الهيئات السياسية (اي الهيئات الحاكمة: الحكومة والبرلمان). وإذا أمعنا النظر من الناحية التاريخية – الى الاسباب التي أدت الى استنباط هذا المبدأ يتبين لنا انه (وشأنه شأن مبدأ سيادة الامة ونظرية العقد الاجتماعي) قد ظهر الى الوجود كسلاح من اسلحة الكفاح ضد السلطات المطلقة، فالثورة الفرنسية في بدايتها وجدت في المبدأ وسيلة من وسائل التخلص من السلطة المطلقة للملوك الذين كانوا يجمعون في قبضة ايديهم السلطات الثلاث.

ان دساتير الدول المختلفة قد اختلف واضعوها في تفسير مبدأ فصل السلطات وفي مدى تطبيقه على تلك الدساتير تبعاً لظروف كل دولة – ومن ذلك تنشأ صور او نظم مختلفة لتلك الروابط هي: -

نظم العزلة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.

نظم التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.

اما الدولة الحديثة لا توجد مؤسسة واحدة، ولا سلطة واحدة، وإنما سلطات ثلاثة، كل منها تمارس بواسطة مؤسسة دستورية. فهنالك سلطة التنفيذ تمارسها كل المؤسسات التنفيذية، وسلطة القضاء تمارسها المحاكم على اختلاف انواعها ... ومهماتها الاساسية الفصل في مسألة دستورية القوانين وما يصدر عن السلطة التنفيذية من قرارات، اما السلطة التشريعية "البرلمان " فهو يملك سلطة التشريع وهو الذي يسن القوانين للدولة.

اذن، المؤسسات في الدولة الحديثة هي اجهزة الدولة للقيام بوظائفها واختصاصاتها، تلك الوظائف والاختصاصات التي يحددها الدستور والقانون ويعهد الى اشخاص معينين يمارسون تلك الوظائف والاختصاصات باسم المؤسسة وليس باسمهم الشخصي، لان القاعدة القانونية تقول: "ان القانون يعلوا الإرادات جميعاً ويحكم الإرادات   جميعاً ".