تعيين المعارض "أبو الراغب" رئيسا لـ"هيئة الإعلام" يثير جدلا واسعا في الأردن
تاريخ النشر : 2021-05-03 22:16

عمان: بين ليلة وضحاها تحولت مصطلحات ودلالات المحامي والإعلامي الأردني طارق أبو الراغب إلى خطاب “عقلاني متوازن” هدفه التغيير والإصلاح، بعد أن كانت معارضة للسياسيات الرسمية.

وبرز أبو الراغب كمعارض شرس خلال السنوات الماضية، لسياسات الحكومات المتعاقبة، قبل تحول تدريجي وجذري في خطابه، فتح الباب أمامه ليكون محط أنظار صانعي القرار.

“لن ندفع فواتير عهركم”.. هذه العبارة التي ترددت بشكل صاخب وغير مسبوق طوال يومين عبر منصات التواصل الأردنية، بعد قرار مجلس الوزراء تعيين أبو الراغب “المعارض سابقا” رئيسا لهيئة الإعلام المرئي والمسموع وهي أعلى هيئة للإعلام الرسمي في المملكة.

تلك عبارة اشتهر أبو الراغب نفسه في حملها على لافتة خلال الحراكات والاعتصامات وحاول الشارع تذكيره بها بمجرد إعلان قرار تعيينه.

تسبب تعيين أبو الراغب بجدل واسع في الأردن، حيث يتم تكرار السيناريو المستهلك الذي تتبعه الحكومات باستقطاب أشخاص مقبولين شعبيا، أملاً في إقناع الشارع بمسوغاتها وتحويل جبهة الشجب والاستنكار داخل صفوف المعارضة.

ويرى الكثير من المحللين أن أبو الراغب ليس من المعارضين أساساً فهو لا ينتمي لأي حراك أو حزب أو تيار معارض، فهو مجرد ناقد للسياسيات الرسمية وليس كل من ينتقد من المعارضة.

ربما يعارض أبو الراغب من خلال استغلال قضايا تهم الرأي العام بحثاً عن المنصب برأي بعض الأوساط الإعلامية والسياسية، مشيرين إلى أنه ليس الشخص الوحيد الذي استقطب للحكومة فهناك عدد من المعارضين أو منتقدي السياسات الرسمية الذين أصبحوا وزراء في الحكومات السابقة.

وعلى ضوء ذلك، علت صيحات الانتقاد على منصات التواصل الاجتماعي حول الطريقة التي يتم التوظيف من خلالها، إذ ثار الغضب على موقف أبو الراغب من مسألة التعيين خاصة بعد أن كان الأخير من أكثر المعارضين شراسة حول المناصب القيادية المستقلة الذي طالب بإلغائها مراراً وتكراراً على الملأ.

وتجدد النقاش عبر وسائل الإعلام الأردنية بأكثر من جانب حول موقف المسؤول الجديد من البقاء في الحكومة أو مغادرتها، خاصة أن العنوان الأبرز الذي فتحه على نفسه هو الحراك الواعي.

وفيما يتعلق بمسألة التعيين، قالت مؤسسة “إحقاق للمحاماة والدراسات والاستشارات” إن القرار مخالف لأحكام الدستور الأردني، ومخالف لأحكام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، ولأحكام نظام التعيين على الوظائف القيادية. وأوضحت أن وظيفة مدير عام هيئة الإعلام تعتبر من الوظائف العامة العليا القيادية، وتصنف من وظائف المجموعة الثانية من الفئة العليا، وهي وظيفة تستهلك من المال العام وتستهدف الصالح العام وينبغي أن يتم اختيارها ضمن مسابقة نظامية بعد الإعلان عنها.

في المقابل، وجه مدير عام هيئة الإعلام الجديد رسالة إلى منتقدي تعيينه بالمنصب، معتبرا أن النقد “حافز كبير للعمل الجاد وتقديم الأفضل حتى يتراجعوا عن انتقادهم”.

وقال أبو الراغب إنه سيترك العمل والإنجاز للتحدث، للوصول إلى المعلومة ونفي الشائعة لتسليط الضوء على السلبيات للتصحيح وكل ذلك لخدمة العنوان الكبير (إعلام دولة وليس إعلام حكومة”.

إلا أن توضيحات أبو الراغب أخفقت في تخفيف شدة الجدل ضد قراره قبول المنصب وضد قرار التعيين في الأصل، خصوصا وأن الحكومة بدت وكأنها تستقطب في موقع وظيفي رفيع لافتة “لن ندفع فواتير عهركم”.

وكان لافتا أن هذا ”المعارض المسؤول“ قاد عددا من الاحتجاجات الشعبية والتي حملت سقفًا مرتفعًا، وحول للقضاء أكثر من مرة بسبب منشوراته.

واتهم الغرايبة بقطع الإنترنت عن المواطنين خلال الاحتجاجات التي رافقت أزمات المعلمين وللمطالبة بالإصلاح والتغيير.

كما شهد انقلاب خطاب الدكتور معن القطامين المختص في شؤون الاستثمار والاقتصاد بعد تعيينه وزيرا للعمل في الحكومة الحالية الكثير من الجدل خصوصًا بعد تناقض تصريحاته ما قبل وبعد المنصب.

وبالنسبة لأبو الراغب، فقد عُرف عنه معارضته للهيئات المستقلة للانتخابات والمطالبة بإلغائها خلال السنوات الماضية، قبل أن يعيين رئيسا لإحداها وهي هيئة الإعلام.

وفي هذا الصدد، كتب حمزة القرالة على ”فيسبوك“: ”طارق أبو الراغب 2019– إلغاء الهيئات المستقلة، طارق أبو الراغب 2021– مديرا لهيئة الإعلام #بلد_العجايب“.

مع العلم أنه لم تكن هذه هي الحادثة الأولى في الأردن، فقد سبقها تحول كثير من الشخصيات من مصاف المعارضة إلى تقلد المناصب.

كان من بينهم: رئيس الهيئة المستقلة للانتخاب خالد الكلالدة، حيث كان معارضًا يساريًا شرسًا، قبل أن يصبح مدافعًا عن أكثر من انتخابات شكك الكثيرون بنزاهتها.

ومن الأسماء البارزة كذلك، مثنى الغرايبة الذي أصبح في عهد حكومة عمر الرزاز، وزيرا للاقتصاد الرقمي، بعد أن كان أحد المسؤولين عن حراك 24 آذار/مارس 2011.

ولا يزال الناشطون يتداولون صورة للوزير السابق وهو مصاب خلال مواجهات على دوار الداخلية وسط عمان بعد فضل الاعتصام.

كما نشرت صفحات مختلفة على مواقع التواصل الاجتماعي مقطعًا قديمًا لأبو الراغب كان ينتقد فيه الهيئات المستقلة.

وعلق الدكتور عزمي حجرات على تعيين أبو الراغب بالقول: ”نحن نتعاطف ونصدق ونهتف ونغضب دون أن نفكر أو نبحث عن الحقيقة مشهد تكرر وسيتكرر وسيتكرر“.

وأضاف: ”مثنى الغرايبة، جمانة غنيمات، معن القطامين، جميعهم اختفوا، والآن طارق أبو الراغب يا هل ترى شو رح يختلف الوضع الآن، ولا رح يوافق يدفع فواتير عهرهم“.

ونشر الناشط علي شريف، فيديو لأبو الراغب عندما كان يهتف في صفوف المعارضة وقال: ”مقتطفات من حفل تخريج  طارق أبو الراغب من المعارضه وتعيينه رئيس أو مدير هيئة الإعلام“.

وكتب الدكتور فلاح العريني قائلا: ”مابين قبل وبعد قصة كرامة.. #قبل: قرر مدعي عام عمان رامي الطراونة توقيف المحامي طارق ابو الراغب مدة أسبوع بسبب تغريدة له على صفحته على الفيسبوك وتم تحويل أبو الراغب إلى سجن ماركا“.

وأضاف العريني: ”#بعد: قرّر مجلس الوزراء تعيين طارق أبو الرّاغب مديراً عامّاً لهيئة الإعلام“، مشيرا إلى أن ”الهيئات المستقلة وجدت لترضية من كانوا يخدعون الناس بمعارضتهم“.

وكان أبو الراغب، وجه رسالة عبر صفحته الشخصية على ”فيسبوك“ بعد تعيينه خصوصا لمن انتقد ذلك، معتبرا أنهم ”قدموا حافزا له للعمل الجاد وتقديم أفضل ما لديه حتى يتراجعوا عن انتقادهم“.

وأضاف أن ”الإنجاز والعمل سيكون بديلا عن الكلام والوعود“.