في ذكرى النكبة: هل نتعلم من تجاربنا الفاشلة ? !
تاريخ النشر : 2021-05-15 20:30

لا يسعني في هذه المناسبة سوى أن أضع بين أيديكم - على نحو مختصر - تشخيصا للحالة الفلسطينية، عمره تسعون عاما. ومما لا شك فيه أن هذا التشخيص لا زال ساري المفعول، حيث إن الواقع الراهن يؤكد تكرار تجربة الفشل الوطني، سنة بعد سنة، ولمدة تزيد عن 100 عام. تبدأ من عمر الاحتلال البريطاني، وتستمر إلى الوقت الراهن !

لقد كتبت صحيفة مرآة الشرق في 13 أكتوبر 1931م عن أوضاع الفلسطينيين بعد اثني عشر عاما من الاحتلال البريطاني، فقالت:

يلاحظ كل من تتبع القضية الوطنية مدة الاثنتي عشرة سنة الماضية أن الأمة خسرت خسرانا كبيرا، فتأخرت سياسيا، وتدهورت أحوالها الاقتصادية إلى درجة مخيفة، وتفشت فيها الفوضى الأخلاقية (بتبادل الاتهامات الكاذبة)، وذلك من جراء الخطة (الاستراتيجية) الفاشلة التي سارت عليها الفئة التي وسد إليها إدارة الحركة الوطنية. وهي الفئة التي تأبى أن تتزحزح عن قيادة الحركة رغم ظهور فشلها البين وخسارتها الفاضحة.

وقد ظلت هذه السياسة الخاطئة تسير من فشل إلى فشل؛ بسبب بروز المنافع الخاصة لدى الفئة التي سيطرت على سياسة البلاد طوال هذه المدة؛ فأهملت الشؤون الوطنية، وأخذ كل واحد من أفرادها يحرص على منفعته الخاصة؛ فتوزعت الكلمة، وتفرقت الصفوف، وانقلبت الأمة إلى شيع وفرق وأحزاب . . وفي المقابل وجدت حكومة الانتداب فرصتها؛ فتفردت بحكم البلاد على نحو مباشر، وصارت تتحكم بمقدرات الأمة، فلا تبقي ولا تذر من الأموال والموارد، واخذت تدعم الحركة الصeونية، التي ظلت متحدة الكلمة والهدف، حتى بلغت ما بلغت من المنعة والقوة. ومن هنا خسرت البلاد خسارة مزدوجة، إذ فقدت الأمة كل مقومات صمودها (خصائصها)، في الوقت الذي نفذ فيه الآخرون - ولا زالوا ينفذون - قسما كبيرا من برامجهم السياسية والاستراتيجية.

وفي بدء كلمتها، وفي ختامها، أكدت أن السياسة الجديدة بحاجة إلى رجال جددا !

وإلى هنا يمكن القول باختصار: لقد تركز لوم الصحيفة على تكرار التجربة النضالية الفاشلة لمدة اثنتي عشرة سنة. والسؤال هنا هو: لو عاد كاتب المقال للحياة من جديد، هل يمكن أن يغير من مقاله شيئا سوى زيادة الفترة الزمنية للتجربة الفاشلة، القائمة على النفعية والانقسام والرغبة في إقصاء الآخر الوطني، إلى أكثر من مائة سنة أخرى.

ولذا لا بد من التأكيد على أننا بحاجة لتقويم مسيرتنا، وتصحيح أهدافنا وبرامجنا، وتوحيد كلمتنا، والنحت في الصخر، على قلب رجل واحد، وبتفان مطلق، من أجل القدس وفلسطين: القضية والوطن والشعب المكلوم، الذي لا زال يحلم بالعودة، ويحدوه الأمل أن يعود إلى مسقط رأسه حرا عزيزا مكرما.

وعلى القادة كل القادة أن يعملوا من أجل ذلك، وإلا يفعلوه فإن عليهم أن يفسحوا المجال لغيرهم. فنحن على أعتاب مرحلة جديدة. وهي بحاجة إلى رجال جددا، بعقول ورؤى سياسية مختلفة، وبإصرار وعزيمة لا تزعزعها جبال اللهب، ولا كثافة النيران، ولا عدد الضحايا .

فللحرية الحمراء باب بكل يد مدرجة يدق !