لم يعجبني المناضلين المائعين!
تاريخ النشر : 2021-05-17 18:02

لم يعجبني بتاتًا التهكم والسخرية المقصودة، والتقليل من قدرة الفعل القادم من غزة بتصوير الصواريخ أنها عبثية وتافهة بلا مضمون أو تأثير، أو أنها ضعيفة أو أنها للاستعراض فقط بدليل معدّلات القتلى الذين سقطوا في الجانب الإسرائيلي مقارنة مع شهداء فلسطين الكُثُر...فهذا ليس أوانه في ظل العدوان الصهيوني الغاشم، ولك أن تنتقد بعد إطفاء النار.

وفي المقابل تصبح المبالغات المعهودة بنفس خطورة التهوين والتضعيف فيما قد يسببه الاندفاع العاطفي المنفلت، وغير العقلاني أو الاستغلال الفصائلي المقيت.

ولم يعجبني ارتفاع نغمة الإدانة الخافتة أو العلنية سواء من بعض الفلسطينيين المأجورين، أومن بعض العرب الانعزاليين الصارخين والمتأففين من المقاومة الفلسطينية! في غزة والضفة والداخل (بأشكالها المتعددة) بفرضية توجيه التهمة من هؤلاء العربان للفلسطينيين المناضلين أنهم يحرفون البوصلة العربية! عن التنمية؟! أو أنهم يزعجونهم ويمنعونهم من تطوير الصناعات الثقيلة لبلادهم! التي لا تفهم بالحقيقة الا الاستهلاك حتى استهلاك الحروف الانجليزية مقابل العربية! أو أن المناضلين العرب الفلسطينيين يحيون قضية ماتت وانتهت!؟ ولنا (بلسانهم) أولوياتنا العظمى الأخرى؟ ما هو خطاب المنهزمين دومًا.

لم يعجبني بكتابات بعض كُتّاب العرب ذاك العداء الفائق، والاحتقار الشديد لجماعة الاخوان المسلمين- والتي نختلف معها كثيرًا، أو قد نتفق في مواقف أخرى- ومنه احتقارهم بالتبعية لفصيل "حماس" (التي وصفها أحدهم بالإرهابية) ذاتها سواء فعلت خيرًا، أوفعلت شرًا كما فعلت بالانقلاب على غزة بخطيئة العام 2007 التي لن تتكرر، بمعنى أن شتم وإدانة "الاخوان المسلمين" يوقع "حماس" أخطأت أم أصابت بين براثن الاتهام العربي الانعزالي الموبوء بتقبيل قدم الصهاينة.

لم يعجبني اتهام فصائل المنظمة (م.ت.ف) خاصة "الشعبية" و"الديمقراطية" و"المبادرة"...الخ التي أثبتت وجودها بالحقيقة والفصائل الأخرى بالشارع الفلسطينيي مما رأيته علنا من منطق وجودي -وبغض النظر عن الحجوم المتروكة للتمثيل ضمن المنظمة - فهي بالحقيقة شكلت صوتًا وطنيا نضاليًا متميزًا غابت أمامه أصوات 30 من 36 قائمة كانت مترشحة للانتخابات الفلسطينية؟! فهل ظن مترشحو القوائم أنهم سيكونوا أعضاء تشريعي لينشغلوا بالكهرباء والماء والأكل والشرب والإسعاف فقط، دون أن يكون لهم موقف وطني علني وميداني وإعلامي؟ وبرنامج وطني تحرري؟! شاهت الوجوه.

لم يعجبني ردة فعل بعض ]المناضلين المائعين[، أو تذبذبهم الدائم وفق مؤشرات الحدث!
فعندما تصدح الحناجر تهتف لحركة التحرير الوطني الفلسطيني- فتح وتجد الأمة كلها تفرح وتصدح للحركة العملاقة، لأنها تصدح لفلسطين دومًا، ولأنها بوابة الكل الفلسطيني، لا سيما وأن الحركة ترفض رفع أي لون الا علم فلسطين... تجد هؤلاء المناضلين المتذبذبين من الصادحين!

وعندما تصدح الحناجر دعمًا ل"حماس" في موقف آخر، كما اليوم في هبّة رمضان 2021 والعدوان على غزة، تنتقل الكتلة المائعة ذاتها-من المناضلين المائعين والتي تجرّ معها عديد المائعين بلا نضالية- ليس للهتاف لحماس، أو مواقفها، ما قد يكون مفهومًا لدى البعض وفق الحدث، وإنما تتجند لشتم حركة فتح واتهامها واتهام قياداتها واتهام تاريخها وعظم انجازاتها المتواصلة ما له الأولوية عندهم!؟ على الهتاف لمواقف حماس!؟ أو على الهتاف للوحدة الوطنية أو الهتاف للاخوة الفلسطينية بين كل الفصائل، في فهم ناقص أو وعي منعدم، أو تساوق مع الاعداء، والعكس بالعكس.

لم يعجبني أن تنحرف البوصلة الموحّدة نحو فلسطين وضد الإسرائيلي المعتدي، من ]المائعين المناضلين[ منهم، والإمّعات التابعين لكل ناعق وغيرهم، وخاصة في ظرف ترابط وطني رائع عزّ مثيله من زمن بعيد، ما أشار له مؤخرًا كل من الأخوة جبريل الرجوب وأبوجهاد العالول وصالح العاروي وخالد مشعل...وغيرهم، (واتمنى استمرار ذلك فلا تنحرف البوصلة فترة العدوان على الأقل تجاه مصالح دول الإقليم، لا مصلحة وحدة فلسطين) ما يدلّل على مستوى راقٍ من التنسيق مع الاحتفاظ باختلاف الوسيلة والتقديرالذي يجب السعي لتحويله الى وسيلة متفق عليها، وتقدير موحد ضمن البرنامج الموحد والقيادة الموحدة داخل القرار في (م.ت.ف).

لم تعجبني الرِّدة لدى الكتلة المائعة، وهي التي تعتنق فكر فتح (نظريًا) عندما تكون امتيازات السلطة هي المطلب! أو اعتناق فكر "حماس" عندما تكون امتيازات السلطة المفتكة في غزة هي المطلب!؟ أنها الميوعة بل الانتهازية والطفيلية بعينها!

أولئك الذين ارتدوا عن نهج المقاومة والثورة والنضالية والرسالية والديمومة والثبات التي انطلقت ومازالت منذ انبثاق فجر الثورة الفلسطينية عام 1965 (لدينا بالموضوع كتاب قادم بإذن الله تحت الطبع) التي بُحّ صوتنا بالحديث عنها هم ذاتهم الذين يقومون بافتعال الفتنة، أو هم المنساقين وراء الوحدة الالكترونية 8200 الصهيونية -المتخصصة بالإرهاب الالكتروني، والشائعات والفتنة- فيتخذون في سياق معين الانتماء لحركة فتح! والهتاف لها! وفي سياق آخر الانتماء لحركة حماس! وفيهم من التفاح الفاسد لكنه العفِن والمؤثر.

إن الخالد ياسر عرفات أبوالثورة والمقاومة والجهاد كان الصدر الرحب الذي التقى مع القادة الكبار أحمد ياسين وجورج حبش ونايف حواتمة وفتحي الشقاقي...والقادة الكبار من صلاح خلف وخالد الحسن وخليل الوزير وماجد أبوشرار وغسان كنفاني وكمال ناصر وعبدالوهاب الكيالي...، ولم يكن يفهم الوطنية الفلسطينية، والكيانية الجامعة والوحدوية الا بتآلف المختلفين سياسيا-ومن حقهم بالطبع الاختلاف سياسيا- لكنهم المتفقين وطنيا وعروبيًا واستراتيجيا، ومن يشتم هذا الرمز الشهيد، أو ذاك أي كان فهو أقرب للإسرائيلي وللانعزالي العربي من قربه لأبناء جلدته.

إن الأكثرية العربية، والعربية الفلسطينية الصابرة المصابرة المرابطة هي الأكثرية التي تعِي معاني الاختلاف المحمود الذي يجب ممارسته فترات الهدوء النسبي (وليس فترة العدوان الغاشم) بالحوار والنقد والجدل العلمي وممارسة الديمقراطية بحقها وشرائطها، فيظهر عبرالفصائل أوعبر القوائم الديمقراطية، أوعبرالحوارات السياسية والمجتمعية والاعلامية الغنية (بلا تخوين ولا تكفير ولا تشهير).

على الجميع مواجهة المائعين بالحقائق وحُسن المواجهة (وقولوا للناس حُسنا)، وبتكثيف النَفَس الوحدوي خاصة فترات العدوان الغاشم المركّز، إذ علينا بالأثناء الظهور موحدين...ونؤجل النقد وشديد الحوارالملتزم لفترات أخرى.

إن من يختط طريقا مخالفًا للنضالية والثبات والرسالية والوحدوية فهو المسموم بقلبه أو عقله بإرادته أو بانسياقه وانصياعه للعابثين في الميدان، والعابثين الخوارين بين وسائط التواصل الاجتماعي.

عاشت فلسطين حرة عربية وعاشت السواعد السمراء التي تتصدى للعدوان الصهيوني في كل مكان.