دور الأسرة في التعامل مع الخوف كظاهرة اجتماعية وقت الحروب والكوارث
تاريخ النشر : 2021-05-23 08:15

الخوف ظاهرة إنسانية، اجتماعية وجدت منذُ وجد الإنسان على سطح الأرض تنتقل من فرد إلى أخر عند الشعور بالخطر وتعتبر من المشكلات السائدة في كل المجتمعات، عرّفها علماء النفس بأنّها شعور يُصيب عقل الإنسان المترقب لحدوث أمر سلبيّ له من خطر معين، وقد يكون هذا الشعور حقيقياً، أو مجرد خيال ووهم لا وجود له.
وفي ظل الأوضاع المعيشية للمجتمع الفلسطيني وتحديداً تكرار الحروب في قطاع غزة، وتعرض السكان للخطر الدائم والمستمر نلاحظ انتشار ظاهرة الخوف لدى الأطفال وغيرهم داخل الأسرة، ولعل سماع الأصوات المرعبة لقصف الطائرات والمدافع للبيوت وهدم الأبراج والمنازل، ومشاهدة صور قتل الأطفال المتكررة عبر وسائل الإعلام المتنوعة، واستماع أفراد الأسرة وتحديداً الأطفال للقصص المرعبة والمخيفة كتلك الّتي تُروى عن قتل أسر بأكملها، أو استخدام بعض الشباب بعض الكلمات السلبية عند نشر بعض الأخبار عبر شبكات التواصل الاجتماعي والتي تساعد على نشر هذه الظاهرة ومن هذه الكلمات رعب رعب، وقصف عنيف، والليلة سيكون القصف أعنف، كل هذه الكلمات وما تقدم من الممكن أن تكون من الأسباب الّتي تؤدي إلى حدوث الخوف لدى الفرد وقت الحرب على غزة، وإذا أردنا الحديث عن أسباب الخوف فهي كثيرة ومتنوعة وتحتاج إلى إجراء الدراسات والبحوث.
ولكن هنا دعونا أن نوضح للأسرة الفلسطينية الأعراض التي تظهر على الفرد داخل الأسرة الذي تعرض لهذه الظاهرة وفق ما أكدت عليه الدراسات العلمية، يلاحظ عليه تغير لون البشرة إلى اللون الأصفر، ومن ثمّ الأبيض الباهت نتيجة نقص التروية الدمويّة للبشرة، ويلاحظ التسارع الشديد في نبضات القلب، والتوتر، والقلق الدائم، وتعرق كف اليد، وفقدان الشهية للطعام، والتعب، والارهاق الجسدي، وفي بعض الأحيان الشعور بالغثيان. وهنا وبعد استعراض تعريف الخوف كظاهرة اجتماعية، وبعض أسباب انتشاره، وأعراضه، دعونا نحدد ما هو دور الأسرة في مواجهة ظاهرة الخوف داخل المجتمع الفلسطيني.
يؤكد التربويون على أهمية دور الأب، والأم، داخل الأسرة في تهدئة أفراد الأسرة بشكل عام، والأطفال بشكل خاص، وأكدت الدراسات التربوية أنه يحتاج الأمر إلى بعض الفهم من الوالدين لمساعدة طفلهما الخائف كي يتحول شعور الخوف إلى فرصة للنمو العاطفي، فمساعدة الطفل على كيفية التعامل مع مخاوفه هي في الوقت نفسه واحدة من أهم دروس تعليمه كيفية التعامل مع العواطف.
وفي الوضع الطبيعي دون وجود احتلال أكدات الدراسات التربوية والاجتماعية على أن الليل وهو من أكثر الأوقات التي يشعر فيه الطفل بالخوف، الخوف من الظلام والانفصال عن الوالدين، هو الخوف المزدوج الذي يبقي الكثير من الأطفال مستيقظين في الفراش، ولكن في قطاع غزة يضاف إلى ذلك الحرب النفسية والتي يستخدمها الاحتلال الإسرائيلي ضد أهلنا في غزة وقت الحرب حيث يعمل الاحتلال الإسرائيلي على تكثيف الضربات والعدوان وقت الليل، ليزيد حجم المشكلة.
وهنا يجب ملازمة الوالدين للطفل الخائف عند وقت النوم ويجب استحضار نماذج إيجابية تعتبر مكافحة للخوف حتى يستطيع النوم، كقراءة القصص، أو ترتيل أسماء الألعاب المحببة وفوائدها للأطفال والتي تمنحهم الراحة، ومن المهم أن تكون الإضاءة غير ساطعة في الغرفة، وكذلك النوم بجانب الطفل إن كان صغير لوقت بسيط حتى يطمئن وينام، ويجب الابتعاد عن الحديث الذي يعزز الخوف.
فيجب محاربة العوامل النفسيّة التي تُسبّب مشكلة الخوف ومواجهتها، والاعتراف بها، فمواجهة المشكلة نصف حلها، كما يضمن الوصول لراحةٍ نفسيةٍ دائمةٍ، وفي بعض الأحيان زيارة الطبيب النفسي المعالج في حال الوصول إلى حالات متقدمة من الشعور بالخوف المرضي الذي لا يفارق المريض؛ فالطبيب يُخلّص المريض من مخاوفه بأسلوب سهل، ويصف له بعض الأدوية المهدئة من خوفه وتوتّره، ويجب على الوالدين التوكّل على الله في مواجهة الخوف، وأن الله هو الذي يحفظ الفرد؛ فالإيمان به خطوة أساسية للتخلّص من مشكلة الخوف نهائياً.