ائتلاف المتناقضات ورد الفعل الفلسطيني
تاريخ النشر : 2021-06-14 08:03

 ‏تولي  بنيامين نتنياهو منصب رئيس الوزراء إسرائيل  منذ 2009 بشكل متواصل، بالإضافة إلى ولاية سابقة من ١٩٩٦ - ١٩٩٩ ‏،متجاوزا كل من تولي هذا المنصب في اسرائيل ، بل تطلب ازاحته عقد اربعة انتخابات متتالية والتوصل  ائتلاف بين أقصى اليمين متمثلا في أحزاب يمينا والامل الجديد واليسار الإسرائيلي  من العمل ومرتز والوسط يش عتيد واسرائيل بيتنا والازرق والابيض ،ورام الحزب الاسلامي  الاسرائيلي العربي ‏ ، تحالف المتناقضات  و المواءمات التاريخية  لا يجمعهم  سوى هدف واحد وهو إنهاء ولاية نتنياهو  كرئيس الوزراء.

‏جاء رد فعل نتنياهو لهذه التطورات شبيها بموقف صديقه ترامب، بالتشكيك في قانونية الائتلاف وشرعية الانتخابات ، ‏وقد يكون  صائبا في أن الغرض من الائتلاف  ليس تنفيذ  برنامج تيار سياسي صوت لصالحه الناخب الاسرائيلي ، انما لا يوجد برنامج واسع الانتشار والتأييد مع الانقسام السياسي في اسرائيل ،وهو ما يرجح دائما تشكيل حكومات ائتلافية  اسرائيلية لحصد 61 مقعدا بالكنيست، وقد وائم أعضاء الائتلاف مواقفهم مرحليا لإزاحة نتنياهو، وستظل على هذا الموقف بقدر الإمكان لأطول فترة ممكنة لمنعه من سحب أحد نواب اليمين الذي يشعر بحرج من الائتلاف مع حزب عربي ،او حتي جذب الحزب العربي بتحفيزه بدعم مالي للمحليات.

تتناقض برامج شركاء الائتلاف  مع بعضها البعض ‏كثيرا فبعض أعضاء اليمين يعترض على تجميد قانون كامنتز الداعم الي هدم المباني العربية غير المرخصة ،وتعترض على وقف هدم المباني مؤقتا بالنقب وزيادة الدعم المالي للبرامج الاجتماعية العربية، وهناك تباين بين اليمين واليسار بالنسبة للقوانين الاجتماعية الاسرائيلية دور المؤسسات الدينية ، والإنفاق في البنية الأساسية في الضفة الغربية وفقا لأولويات اليمين أو في النقب وفقا لليسار.

 ومن أهم ما يعني العرب مواقف أعضاء الائتلاف من القضايا الخاصة بالنزاع العربي الاسرائيلي ،ويقف حزب ميرتس ومعه حزب العمل ‏مؤيدا لإقامة دولة فلسطينية بجوار إسرائيل، في حين يعارض ذلك مطلقا حزب يميني ‏الذي يرأسه نفتالي بينيت ،و يتبنى الحزب الكثير من ‏مواقف والسياسات المستوطنين الإسرائيليين ، ‏بل بنيت  كان له تصريح ملفت ‏صباح انتخاب دونالد ترامب عام 2016 أن" عصر الدولة الفلسطينية أنتهى".

 ‏ويستخلص من ذلك ‏أن الائتلاف   جمع اقصى اليمين واقصى اليسار استثنائيا و تكتيكيا ، ائتلافا فريدا حقا حتى في دولة ومنظومة ‏السياسية اعتادت أن تتأثر بمواقف  الأحزاب الصغيرة و مصالحها ‏وتجعل لها وزن سياسي يفوق كثيرا وزنها السياسي و الانتخابي.

 

‏و استبعد أن ينجح هذا الائتلاف في اتخاذ أي قرارات استراتيجية على المدى القصير لأنها ستؤدي إلى انهياره، كان ذلك ارتباطا ‏بإعادة تشكيل المنظومة السياسية الإسرائيلية ، ‏أو تجاه الفلسطينيون و الدول العربية المحتلة، واعتبر أن  الائتلاف توافقا وفرصة لكل  لالتقاط الأنفاس وإعادة ترتيب الأوراق السياسية.

 ما يجمع المشاركين في الائتلاف  و سيجعلهم يتعاونون على المدى القصير هو اهتمامهم بالقضاء على فرص عودة  نتنياهو كمحرك سياسي رئيسي، باعتباره عقبة أمام طموحات بينيت الذي يأمل أن يسيطر  علي التيار اليميني  طويلا، ‏كما يسعى اليسار الاسرائيلي  إلى كبح جماح نتنياهو السياسي الداهية بعد ان  وقف امام استعادة اليسار الاسرائيلي لرونقه، ومن ثم فرغم صعوبة تصور أن يطول الائتلاف طويلا  لاختلاف الرؤية السياسية،  او أن ينجز الكثير لتعارض اولوياته، فلا اتصور  انهياره سريعا ‏،قبل أن يصبح واضحا و بجلاء ‏أن مستقبل بيبي  لا يشمل العودة إلى مركز رائد في  الساحة السياسية، في نفس الا انه من الخطأ توقع أن يستمر التحالف مدة أربع سنوات كاملة لتناقص وتعارض المواقف السياسية لأعضائه.

‏أول خطوة للائتلاف على المستوى السياسي ستكون تجاه الولايات المتحدة لإعادة البوصلة السياسية بين البلدين إلى موقعها الطبيعي حكوميا وبين اليهود الأمريكان، و سيتم تجنب الدخول في صدام علني ‏مع إدارة بايرن ضد استئناف الاتفاق النووي مع إيران، و سيتحول الموقف الإسرائيلي من المعارضة ‏الصاخبة إلى المزايدة والمطالبة  بالحصول على  التأمينات والدعم العسكري والمادي الإضافي  لتحمل المخاطر المحتملة لأي خرق إيران ‏للاتفاق النووي  ‏ بعد استئنافه .

‏وعلى المسار الفلسطيني إسرائيل اتوقع استمرار بناء المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، وإنما بمعدلات ابطاء ودون صخب سياسي، لكي  يثبت بينت لمؤيديه انه لم يتنازل عن مطالبهم، وإنما دون المبالغة  لتجنب ‏أثارة التيار السياسي اليساري ‏في الائتلاف الاسرائيلي  أو في الحزب الديمقراطي الأمريكي ،والذي له ثقله بين مؤيدي الرئيس الامريكي بايدن، ولا استبعد أن تتجنب الولايات المتحدة تسريع وتيرة السلام الفلسطيني الإسرائيلي، تجنبا  لأثارة متناقضات تؤدي إلى تفكك  الائتلاف مقابل ضبط إسرائيل إيقاع التوسع الاستيطاني وعدم اعتراض اسرائيل  على  أحياء الاتفاق النووي الإيراني  والذي يحظى بالأولوية الامريكية.

‏كما اننا لن نشهد تحرك حقيقي في مفاوضات السلام الإسرائيلية الفلسطينية في المستقبل القريب ، وأرجح أن توجه الجهود الإسرائيلية والأمريكية إلى استقرار وقف إطلاق النار والعنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين من جانب،‏مع توفير دعم انساني للجانب  الفلسطيني للأغراض الإنسانية، والتأكيد على مبدأ حل الدولتين ،دون بذل جهد حقيقي للوصول إليه على المدى القصير والترحيب بأي تطبيع عربي اسرائيلي دون ممارسة ضغوط  حقيقية  في هذا الشأن وترتيبا على ما تقدم  وتجنبا للركود السياسي وتأكل حقوقهم اوصي بان يركز الجانب الفلسطيني مرحليا على الأهداف الحالية؛

-التفاعل مع التيار اليساري والوسطي في الساحة الاسرائيلية مباشرة ومن خلال الاسرائيليين العرب للتأثير بشكل أفضل على أي ائتلافات أو انتخابات إسرائيلية مقبله.

-تنشيط جهده مع المجتمع المدني والحقوقي العالمي ،لإثارة عدم احترام إسرائيل لواجباتها كدولة احتلال ومعاملة العنصرية ضد عرب إسرائيل و تقنين الدول ، والتثبيت ان الاحتلال شكل من أشكال الضم الجبري المرفوض على غرار قرار البرلمان الايرلندي.

-مصارحة واعادة ضبط المعادلة السياسية الفلسطينية ،بحيث تكون معادلة جامعة للكل، ونقطة ارتكازها الهوية الوطنية الإسرائيلية، واعتزام مصر باستقبال الفلسطينيين بمختلف توجهاتهم فرصة مواتية ،وانما تحتاج لمواقف صادقة فيما بين الفلسطينيين.

-بذل جهد دولي لتوسيع الاعتراف بدولة فلسطين على غرار موقف  السويد على الأقل.

-طرح الجانب الفلسطيني خطة تحرك عربية محددة وتفصيلية تحقيقا للأهداف المشار إليها و مبنية على المبادرة العربية لعام 2002، دون الدخول في مهارات فرعية، بغية استثمار التوافق كلما وجد وحسن ادارة أي تباين في الممارسات او التقييم و التوقيت ،فما يجمعنا أكثر بكثير عما يفرق بيننا.