مابعد النصر
تاريخ النشر : 2021-06-20 18:39

بعد مضي شهر ونيف عن حرب غزة الأخيرة، لايزال الركام والغبار يملئ ارجاء عديدة من المناطق التي تعرضت لقصف قوات الاحتلال ولا تزال أمال شعب غزة معلقة في وعود حماس التي إختطفت جميع الأضواء في خطاب النصر بعزمها على بناء كل حجر تعرض للعدوان وبتعويض كل شخص أقحمته ظروف الحرب كضحية جراء تهديم بيته أو خسارة ممتلكاته . 

الجميع في الداخل والخارج استأثر بكلمات هنية المليئة بالثقة والعزم بالأخد بزمام الأمور ومباشرة ورشات الترميم والإعمار واعادة بناء غزة وما إن شاهد شعب غزة آلاف الآليات القادمة من الجارة مصر إزداد الإيمان في قدرة حماس على رمي الخلافات على جنب وتغليب الكفة الى المصلحة العامة لغزة . 

ولكن وما إن بدأت جلسات الحوار الفلسطيني في القاهرة إنقلب الشعور العام الى النقيض حيث بدى واضحا أن عملية إعمار غزة ليست بالشيئ الهين الذي أرادت حماس وبعض الأطراف في غزة، أن تسوقه منذ الوهلة الأولى من الهدنة ، وعادت جميع الأطراف التي ذهبت الى المصالحة بنقاط خلاف جديدة . 

وتناقضت مواقف حماس بين إصرار على ادارة ملف الإعمار وتلقي الأموال إلى التصريح بأنها لا تريد أن تكون حجرة عثرة في القضية وعلى استعدادها الكامل بقبول مانصت عليه جلسات حوار القاهرة وكأنها تريد النأي بنفسها عن كل التجادبات التي لاتسمن ولا تغني من جوع ، وعلى عدم قدرتها مجارات عقلانية الموقف المصري والطرح الذي يجعل من السلطة الفلسطينية طرفا أساسيا في معادلة الإعمار. 

تنتصر حماس كالعادة إعلاميا في حين يدفع شعب غزة كالعادة الفاتورة الباهضة من التصعيد الذي لم يأتي بالجديد في الميدان سوى الخراب والدمار وتشييع الجنازات وإحصاء البنايات المهدمة والأضرار المادية على إختلافها . 

لماذا تصر حماس في المقدمة وباقي الفصائل الفاعلة في مسرح القطاع على أن تحمل شعب غزة المزيد من التضحيات في سبيل القضية الفلسطينية ، ثم تختلف و تتعارض مصالحها في ملف تعويض التضحيات وتحمل المسؤوليات إتجاه ما حدث من مخلفات المواجهة مع قوات الإحتلال !؟ لماذا يتفق الفاعلون في غزة وفي مقدمتهم حماس على ضرورة المواجهة والحرب ويختلف الجميع عن أولويات أساسية تدفع الضرر الذي ألحقته الحرب بشعب القطاع !!!؟ لماذا تعتلي حماس المنابر لتعلن انتصارها بكل فخر وتفشل في مسؤولياتها في تولي زمام الأمور !؟ هل اصبح من الضرورة على شعب غزة التضحية بحياته وممتلكاته من دون مقابل !؟ 

أين هي الوعود التي سطعت في خطاب النصر وأفلت في جلسات الحوار !؟ هل ابتعدت حماس عن الأضواء لأنها حققت مكاسبها و تجاهلت اولويات مابعد الحرب !؟ 

لقد أصبح شعب غزة كبش فداء يجر الى حلبة الصراع ليقدم الغالي والنفيس من أجل مصالح ومكاسب مادية لاتعنيه، فبمجرد أن تضع الحرب أوزارها مع العدو يختلف ابناء الصف الواحد على حساب القضية وعلى حساب معاناة البسطاء .إلى متى يستمر هذا المسلسل والى أي مدى سيضر بالقضية الفلسطينية !؟ سؤال سيبقى مجرد آهات تنطق بها ألسنة المتضريين الذين ضاقوا درعا من تصرفات أبناء جلدتهم .