أهمية الغاء إتفاقية القناة
تاريخ النشر : 2021-06-22 23:46

في ال17 من حزيران / يونيو الحالي اعلنت المملكة الأردنية تخليها كليا عن مشروع "قناة البحرين" الرابط بين البحرين الميت والأحمر، والذي اعلن عنه عام 2002 في قمة الارض للبيئة والتنمية، الذي عقد في جوهانسبرغ/ جنوب افريقيا، وقوبل في حينه بالرفض العربي العام لإعتبارات سياسية وإقتصادية وبيئية. رغم ذلك تابعت كل من الاردن وإسرائيل المشاورات، وتم استقطاب السلطة الوطنية للانخراط في المشروع، حتى اصبح يضم الدول الثلاث، وتم التوقيع على المشروع عام 2005، وفي كانون اول / ديسمبر 2006 اعلن الأطراف الثلاثة عن تدشين المرحلة الاولى من خلال إطلاق دراسة جدوى لشق القناة، ووفق الدراسة، التي اعدها البنك الدولي فإن تكلفة المشروع تبلغ 11 مليار دولار اميركي.

ولا اود ان اخوض في خلفيات الشركاء الثلاث لإنشاء المشروع، والذي اعتقد، ان اسرائيل والولايات المتحدة مهدتا ووقفتا خلف الترويج له، واقنعت الأردن باهميته، ودفعته لتبنيه وتسويقه، من ثم استقطبت السلطة الفلسطينية بعد الإحتجاجات الفلسطينية والعربية على المشروع، الذي شاءت اسرائيل من ورائه ابعاد السلطة، الدولة المشاطئة الأساس للبحر الميت على طول 37 كيلو متر من اصل 50 كيلو طول البحر الميت، وتغييب حضورها السياسي، مع ما لذلك من تداعيات اقتصاديا وبيئيا (بامكان القارىء العودة لتفاصيل المشروع من مصادر عدة).

المهم شعرت القيادة الاردنية ان القيادة الإسرائيلية تماطل، وتسوف وتحاول ابتزازها، لذا بعد عقدين من الزمن اعلنت بلسان وزير المياة الاردني، محمد النجار انه "على ضوء عدم التوافق بين الاطراف، فإن مشروع قناة البحرين تحول إلى شيء من الماضي." اي لم يعد قائما، وعليه ستركز المملكة الجهود على مشروع "الناقل الوطني" الخاص بالاردن، ولا يرتبط به اي فريق آخر. وخيرا فعلت قيادة المملكة في هذا الصدد، لإن الغاء المشروع فيه خدمة للاردن وفلسطين ومصر والعرب لإكثر من سبب، منها:

اولا ان هدف اسرائيل من مشروع القناة الرابط بين البحرين الميت والاحمر خدمة مشروعها الإستعماري الإستراتيجي لجهة 1- ابقاء نفوذها وسيطرتها على الأغوار الفلسطينية؛ 2-  رفض الانسحاب من الاغوار، وبالتالي رفض اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة وعاصمتها القدس، وتطبيق "صفقة القرن" الترامبية؛ 3- خدمة مشروعها النووي في النقب، وبناء مفاعلات نووية جديدة في المنطقة؛ 4-  تطوير وتأهيل النقب لإستيعاب مستعمرين جدد على حساب القرى الفلسطينية غير المعترف بها؛ 5- الهيمنة الكاملة على مياة البحر الميت واستغلالها لصالح الإقتصاد الإسرائيلي؛ ثانيا لاحقا وتعميقا لمشروع القناة، يتم ربط البحر الميت بالبحر المتوسط، وهو ما يعني تهديدا للامن القومي المصري، وتهديدا للأمن الإقتصادي المصري، لان ذلك يهدف لضرب مكانة قناة السويس الإستراتيجية؛ ثالثا يمثل عنوانا مركزيا لتوسيع وتعميق عملية التطبيع العربي الرسمي المجاني مع دولة الإستعمار الإسرائيلية؛ رابعا فرض الهيمنة الإستراتيجية الإسرائيلية على الشرق العربي كله، ويشكل مرحلة متقدمة من الهيمنة السياسية والإقتصادية والأمنية على الوطن العربي الكبير؛ خامسا يمثل المشروع تهديدا حقيقيا للبيئة في الإقليم لجهة: تغيير جذري في التركيبة الفريدة للبحر الميت، وإمكانية تلوث المياة الجوفية في وادي عربة جنوب شرق فلسطين في حال تسربت المياة المالحة من الانابيب الناقلة لمياة البحر الاحمر للبحر الميت.

النتيجة ان يأتي وقف والغاء المشروع متأخرا خير من ان لا يأتي. نعم فإن القيادة الاردنية من خلال تركيز جهودها على الناقل الوطني تستطيع ان تعوض احتياجاتها من المياة. كما انها تسطيع ان تقيم مشاريع تحلية مياة على البحر الأحمر في العقبة تعوضها عن النقص في كميات المياة في المملكة، وهي اوفر لها ماليا، وأكثر فائدة إقتصاديا ومائيا، كونها تستطيع انتاج كمية المياة، التي تريدها، وبامكانها تغذية الاغوار بالمياة، وايضا يمكن ان تفتح امامها آفاقا واسعة لإنشاء مدن ومشاريع سياحية جديدة وفقا للدراسات والخطط الإستراتيجية العمرانية والإقتصادية الاردنية، وتعفي نفسها من تحمل اية تبعات تمس بامن الشقيقة مصر او اية دولة شقيقة. لذا اعتقد ان الخطوة الاردنية خطوة هامة وضرورية وشجاعة.