ذاكرة ريفلين "الضيقة جدا" تستغل تيه المشهد الفلسطيني!
تاريخ النشر : 2021-06-30 09:27

كتب حسن عصفور/ من يقرأ ما أسمته وسائل إعلام دولة الكيان بـ "رسالة ريفلين الى عباس"، حول السلام والعيش المشترك، والبحث عن نهاية للصراع بعد كل تلك السنوات، يعتقد أن التاريخ قد أصبح في زمن الكورونا "بلا ذاكرة سياسية".

خلال لقاء مع الأمين العام للأمم المتحدة، أعلن ريفلين رفضه الكلي لقرارات الأمم المتحدة، ويعتبرها متحيزة ومعادية لكيانه، ولن تساعد في خلق السلام، موقف يمثل شكلا من اشكال "العنصرية السياسية" التي تمارسها إسرائيل، حيث كل ما عليها في الأمم المتحدة معاد لها، رغم انها وافقت على كثير من قراراتها، ولكنها لم تلتزم بتنفيذ أي منها، لأسباب ليست مجهولة.

ولأن الجوهري في تصريحات رئيس الكيان، ليس موقفه من المؤسسة الأممية، بل فيما يخص رسالته للرئيس محمود عباس حول السلام، رسالة تثير سخرية سياسية أكثر بكثير من كونها جادة وذات صلة، ليس لأنها كلمات في وقت ضائع من شخص انتهت مكانته، ولا يوجد له أثر في قرار، ويبحث ترك كلمات عله تقدمه كشخصية "سلامية"، بل لأنه تجاهل بطريقة "صبيانية" مسار الأحداث منذ 1993 وحتى تاريخه.

دون العودة لبداية البرنامج المرحلي لمنظمة التحرير عام 1974، مرورا بـ "وثيقة الاستقلال" عام 1988، ولإعادة الأمر الى سياقه، من المفيد أن تعيد الرواية الفلسطينية الرسمية مجددا حول مسار عملية السلام الرسمية، دون غيرها.

رئيس الكيان الذي يتباكى بحثا عن "سلام وعيش مشترك" كان أحد قادة حزب الليكود الذي قاد أوسع حركة معارضة ضد الحكومة الإسرائيلية ورئيسها اسحق رابين، بعد توقيعها اتفاق إعلان المبادئ المعروف إعلاميا بـ "اتفاق أوسلو" مع منظمة التحرير سبتمبر 1993، حرب سياسية لم تتوقف حتى وصلت الى نهايتها فعليا باغتيال رابين نوفمبر 1995.

في يونيو 1996، وعلى قاعدة التحريض المطلق ضد السلطة الوطنية ورئيسها الخالد ياسر عرفات، فاز الليكود بأغلبية برلمانية، فتح الباب لتشكيل حكومة برئاسة نتنياهو، بدأت أول خطواتها لضرب "اتفاق السلام الانتقالي" من خلال محاولتها فتح نفق تحت المسجد الأقصى، لتندلع مواجهة عسكرية أجبرت أمريكا على التدخل السريع بإرسال الصهيوني دينس روس، فبدأ عملية تفاوض على الوضع في الخليل، لم تلتزم حكومة الكيان بجوهره.

في قمة واي ريفر 1998، جرت مفاوضات فلسطينية إسرائيلية برعاية أمريكا، شارك فيها الشهيد المؤسس ياسر عرفات، ونتنياهو الرئيس كلينتون، وتم الاتفاق على البدء بتطبيق انسحاب قوات جيش الاحتلال من مدن وبلدات، بنسب متفق عليه، وما أن وصل نتنياهو مطار اللد حتى أعلن تخليه كليا، عن تطبيق الاتفاق.

وبعد حملة أمريكية اسقطت الليكود ونتنياهو وانتخاب حزب العمل، ثم تشكيل يهودا براك رئيسا لحكومة الاحتلال، لكنه بدأ برفض تنفيذ "تفاهم واي ريفر" بذريعة الذهاب الى مفاوضات الحل النهائي، أو "الحل الدائم"، حيث لا يحب اليهود سماع تعبير "الحل النهائي" لارتباطه بموقف هتلر.

وفي سبتمبر 2000 عقدت قمة كمب ديفيد، والتي أصر فيها براك وفريقه على "تهويد" البراق كشرط الضرورة لأي حل سياسي دائم، وهو ما رفضه الخالد ياسر عرفات، ليبدأ براك بالتنسيق مع شارون على القيام بعملية عسكرية واسعة ضد السلطة الوطنية ورئيسها أبو عمار، استمرت 4 سنوات انتهت باغتيال ياسر عرفات، قرار أعلن عنه براك في كمب ديفيد، بإعلانه "لا يوجد شريك فلسطيني للسلام".

وبعد أن حققت دولة الكيان "الأمنية التاريخية" بتصفية أبو عمار، وصل الى منصب الرئيس محمود عباس يناير 2005، الذي كان مرشحا أمريكيا صريحا ليكون البديل عام 2002، وحاول جاهدا أن يبتعد كليا عن أي محاولة صدام مع دولة الكيان، بل أنه تقبل أول إهانة سياسية له بصمته على قرار رئيس حكومة الكيان شارون بالخروج من قطاع غزة دون تنسيق مع "الرئيس المفضل"، ليمنح حماس فرصة أن تبدو كأنها من "حرر غزة"، كمقدمة لفرض انتخابات الانقسام 2006.

في عام 2007، انعقد لقاء أنابوليس ولم يحدث أي خطوة واحدة نحو تطبيق بنود الاتفاق الانتقالي...وعمليا منذ ذلك العام وخاصة بعد انقلاب حماس في غزة وبداية عملية الانقسام، بدأت عملية تسريع وتيرة المشروع التهويدي، وإلغاء كل ما له علاقة بالاتفاقات الموقعة، بل أن دولة الكيان ومنذ 2004 وحتى تاريخه، تعتبر الضفة الغربية "يهودا والسامرة"، وهي بذلك لا تنسف اتفاق أوسلو، بل تنسف كل مفاهيم عملية سلام، لا تقوم على التوراتية والتهويد.

دولة الكيان، وخلال رئاسة ريفلين قامت بإعادة تطبيق القانون الإسرائيلي على الضفة الغربية وطرقها، وقامت بوقف النشاط الفلسطيني في القدس، وأغلقت مؤسسات خلافا للمتفق عليه...وبعيدا عن تفاصيل كافية لأن تقول ان ريفلين انسان ليس بذاكرة بعيدا أنه كاذب ساذج.

وسؤال، هل تقدمت دولة الكيان بأي مبادرة لحل سياسي منذ اتفاق 1993، غير الهدم والتدمير والقتل وارتكاب جرائم حرب وتدشين أوسع عمليات فصل عنصري في الشرق الأوسط، فاقت ما كان في جنوب أفريقيا...

السلام ليس مكذبة لغوية، بل هي ممارسة وسلوك ومواقف واتفاقات تمت، وغير ذلك لا خيار غير الخيار الفطري لكل شعب تحتل أرضه وتصادر حقوقه، وإن طال حضور قيادة تدرك قيمة شعب فلسطين!

ملاحظة: سيبقى يوم 30 يونيو 2013 أحد أهم نقاط الفصل السياسي في منطقتنا، عندما خرجت مصر بملايينها تعلن الخطوة الأولى لـ "هزيمة المشروع الأمريكي" لفرض الظلامية على بلادنا..مصر ليس رافعة فحسب بل هي قاطرة الضرورة للتغيير!

تنويه خاص: نشر الإعلام العبري طلب السلطة لشراء أدوات مواجهة التظاهر والغضب، قرصة إذن أن الكيان حكومة وإعلام جزء من الذي يدور...يا ريت المتغطرس يدرك أن العدو عدو!