البرنامج القاتل، بلا دلائل، البيغاسيوس؟!
تاريخ النشر : 2021-07-28 15:06

هو شاب في بداية الأربعين من عمره، عمل ضابطا في الجيش الإسرائيلي، ثم أصبح مهندسا رقميا في وحدة الاستخبارات الرقمية، 8200 في هرتسيليا، ثم افتتح شركة خاصة (أن، أس، أو) ثم صارت شركتُه من أكبر مصادر الدخل في إسرائيل، مليارات الدولارات تصب في موازنة، وزارة الجيش الإسرائيلي، إنه أحد أبرز مؤسسي الشركة، شاليف حوليو، مُسوق أشهر برنامج تجسس في العالم، بيغاسيوس، أو أحدث أسلحة الألفية الثالثة، هذا السلاح القاتل الصامت هو الابتكار الجديد، بواسطته يستطيع مالكه تعقب ضحيته، وتصويره في كل مكان يتواجد فيه، تمهيدا للتخلص منه. الصحفيون، ورجال القضاء، ومناصرو حقوق الإنسان هم أبرز ضحايا البيغاسيوس، بالإضافة إلى تعقُّب أربعة عشر رئيس دولة في العالم، مع تسريب أرقام هواتف خمسين ألف مُتابَع من جهات أمنية في العالم!

إنها ليست شركة خاصة، كما يدعي مالكها، شاليف، بل هي أخطر سلاح في عالم اليوم!

يدعي شاليف في مقابلة له مع صحيفة، إسرائيل هايوم 22-7-2021م أنها شركة نظيفة، عادلة، مُنصفة، تهدف فقط لتطهير العالم من الإرهاب، ومن الجريمة، ونشر المخدرات، فهو يزعم أن هناك مائة متحرش بالأطفال قد أُلقي عليهم القبض بفضل هذه البرنامج (الشريف)! كما أن عملاء الشركة في العالم، يتجاوزون 45 زبونا.

وأن برنامجه أسهم في تعزيز العلاقات بين الدول وإسرائيل، وأن شروط استخدام برنامج البيغاسيوس الخطير، يرتكز على شروط الجيش الإسرائيلي وشروط التعاون مع (أمريكا) في تحديد الدول المسموح تسويق البرنامج لها، فهو لا يُسوق للدول التي تنتهك حقوق الإنسان! ولا يسمح ببيعه لروسيا، والصين، وكوريا الشمالية، وبعض الدول العربية، وأن الشركة أوقفت تعاملها مع خمسين زبونا لأنهم لا يخضعون للمواصفات السابقة.

إن أمريكا ضلعٌ رئيس في البرنامج، لأن شركة (أن، أس أو) قد بيعت لشركة فرانسيسكو الأمريكية عام 2014م بمائة وثلاثين مليون دولار، ثم استعادت إسرائيل ستين في المائة من رأسمالها، إذن هي ليست خاصة!

مدير الشركة يعلن مسؤوليته للتحقيق، وفق شروط ترخيص وزارة الجيش في إسرائيل، وأن الشركة رفضت عرضا بثلاثمائة مليون دولار، لأنها لا تتوافق مع شروط الشركة!

يزعم مؤسسها، أن شركته مستهدفةٌ، كما تستهدف إسرائيل ظلما، من حركة البي دي إس، ومن حكومة قطر، وأن هناك جهاتٍ مسؤولةٌ عن تسريب المعلومات حولها وتشويه صورتها في العالم!

هو لا يوافق على تسمية الشركة في الإعلام بأنها شركة جاسوسية إعلامية رقمية، فهو يسميها شركة، إنقاذ الحياة!

يدعي مالكها أنها مثل شركات إنتاج السيارات، فمن يشترِ سيارة مرسيدس، ثم قادها بتهور، وقتل بها عدة أشخاص، فإن شركة المرسيدس غير مسؤولة عمن قتلنهم سيارة المرسيدس، ومثل شركات الأسلحة، فإن مصنعي السلاح غير مسؤولين عن المقتولين بسلاحهم!

أخيرا، سيطول بنا الطريق ونحن نشجب أفعال الشركة، ونكتب ألاف المقالات ضد برنامج، البيغاسيوس، وأن نُعلن بأن إسرائيل دولة مارقة تتحدى قوانين العالم، غير أننا سننسى كيفية التصدي لمثل هذه البرامج، بل إننا نُهجّر كفاءاتِنا، ونحارب المواهبَ والابتكارات، ولا نتحمَّس لإقرار قوانين حفظ الحقوق الفكرية بحجة الحصار، ونهمل العمل في مجال التكنلوجيا الرقمية، وننشغل بخلافاتنا الداخلية، وقضايا الحياة اليومية!

تذكروا، لم تعد الدول في ألفيتنا الثالثة تُقاس بمساحتها الجغرافية، وبثرواتها الطبيعية، وعدد سكانها وفق العصر البائد، ولم يعد الغاز، والبترول، والمعادن، هو الثروة، بل أصبحت الثروات هي المواهب العقلية، والاختراعات التكنلوجية، لأن ربحها هو المستقبل!