براعة إسرائيل في فن المتابعة!
تاريخ النشر : 2021-08-04 16:31

"أجبر اللوبي اليهودي، المجلس العام للكنيسة الإنجليزية، المكونة من 483 عضوا، يوم 13-7-2021م أن تعتذر عن القوانين اللاسامية التي أصدرتها قبل ثمانية قرون، بخاصة قوانين حظر عمل اليهود في المؤسسات العامة، وإجبارهم على لبس لونٍ مميَّز، مما أدى إلى هجرة اليهود من إنجلترا، في عهد وليم الفاتح، كان ذلك عام 1290م، أي في القرن الثالث عشر الميلادي، قال مسؤول الكنيسة الإنجليزية الحالي، جستن ويلبي: الكنيسة مسؤولة عن انتشار اللاسامية، وفي إطار الاعتذار أصدرت الكنيسة الإنجليزية اعتذارا عن تقريرها عام 2002م، حين اعتبرت صواريخ غزة ناجمة عن الفقر، واليأس، وحين طالبت بالتفاوض مع الفلسطينيين، تبرأت الكنيسة من تقريرها عن نقد المستوطنات، وجدار الفصل العنصري عام 2014م،

تقوم الكنيسة الإنجليزية هذه الأيام (بالتكفير عن ذنبها) قبل ثمانية قرون، فقد استحدثت مساقات دراسية لتعليم المسيحيين العلاقات بين المسيحية واليهودية، وفق شعار (كلمة الله الأزلية"!

نجحت إسرائيل في إجبار اللجنة الأولومبية الدولية، بعد تسع وأربعين سنة بتخليد ذكرى قتل أحد عشر رياضيا إسرائيليا على يد فدائيين فلسطينيين في أولمبياد ميونخ عام 1972م، حضرت عائلات القتلى حفل الافتتاح يوم 23-7-2021م!

إليكم لقطةً، أكثر وضوحا، تثبت كفاءة إسرائيل وبراعتها في فن المتابعة، كتبتُ عنها منذ سنوات، وهي تُبين آليات إسرائيل في استثمار فن المتابعة: في ملف (يهود المارانو) في إسبانيا، البرتغال، ممن طردوا، أو أجبروا على اعتناق المسيحية عام 1492م، أي في القرن الخامس عشر، ونجحت إسرائيل في دفع برلماني هاتين الدولتين على إصدار قانون خاص لأحفاد هؤلاء يهود المارنو، بمنحهم الجنسيات ليتمتعوا بمزايا المواطنة، نشرت معظم صحف إسرائيل خبرا بعنوان (جنسيات لأحفاد يهود المارانو) يوم 18-7-2019م!

ملاحظة: هناك عدد كبير من مسلمي الأندلس بقوا في إسبانيا والبرتغال، أُجبروا على تغيير أسمائهم، والذوبان في المجتمع الإسباني، هم (المورسيكيون) هم بقايا أحفاد حضارة الأندلس! للأسف، نسي العربُ هؤلاء نسيانا كاملا، ولم يرصدوا تاريخهم، شكرا للباحثة الإسبانية، مارثيدس غارثيا أرينال، التي نشر ت كتابا عنهم، وعن اضطهادهم في بداية الألفية الثالثة!

معظم العرب بارعون في ردات الفعل الوقتية، ولكنهم فاشلون في المتابعة، هذه الحقيقة أحد أبرز معوقات التطور والنهوض، لأن الذين لا يُراكمون الأحداث ويستفيدون من المشكلات، لا يمكن أن يبلوروا صيغ الحلول، وبالتالي فإنهم يعيشون لحظتهم الراهنة فقط، سيظلون قاصرين عن وضع استراتيجيات المستقبل.

 طالب الفلسطينيون بريطانيا بأن تعتذر عن وعد بلفور، لكن بريطانيا رفضتْ وراهنتْ على ذاكرتنا المصابة بالثقوب!

إنَّ إسرائيل هي الدولة الأولى في استثمار المتابعات، وجني أرباحها، لن أتحدث عن متابعة إسرائيل لملف الهولوكوست، ولا ملفات إلغاء القرارات الدولية لأنه معروفٌ لكثيرين، فهي أبرع الدول في فن المتابعة بأثر رجعي!

من المعروف أن إسرائيل لا تكتفي بالاعتذار، بل تطارد مّن يعتذرون للتكفير عن ذنوبهم، ماليا ودبلوماسيا، أما الذين يرفضون التكفير، فإنهم يظلون مُطاردين، محاصرين، منبوذين إلى يوم الدين!