رؤية سياسية استشرافية للمشهد الفلسطيني
تاريخ النشر : 2021-08-17 17:07

كان النقد عالياً للتنظيمات الفلسطينية المشاركة في ورشة العمل التي نظمها مركز حوار للدراسات في قطاع غزة، تحت عنوان رؤية استشرافية للمشهد الفلسطيني.

المنتقدون هم مجمل الحضور من مثقفين وسياسيين وأكاديميين وتنظيميين ونواب، وجميعهم لم يجامل، حين سمح له بالتعقيب على كلمات ممثلي التنظيمات الفلسطينية المشاركة في الورشة، وهم حركتي حماس والجهاد، وتنظيم الجبهة الشعبية، وقد تغيب عن ورشة العمل ـ في اللحظات الأخيرة ـ ممثل حركة فتح.

لقد التقى المتحدثون باسم التنظيمات الفلسطينية حول توصيف الحالة بشكل دقيق، وقدموا جملة من القراءات التي تشكل عصب المعاناة السياسية للقضية الفلسطينية، وتتقاطع حولها رؤية التنظيمات، والجميع يحمل اتفاقية أوسلو مسؤولية الحالة السياسية الفلسطينية المتردية، مع التأكيد على ضرورة التخلص منها، وأن أقصر الطرق للوصول إلى الوحدة الميدانية هي المواجهات اليومية، وقد أكد المتحدثون السيد حازم قاسم ممثل حركة حماس، والدكتور أحمد المدلل ممثل حركة الجهاد، وكذلك كلمة السيد هاني الثوابتة ممثل الجبهة الشعبية، على ضرورة إصلاح منظمة التحرير، فعدم إصلاح المنظمة يمثل صلب المعاناة الفلسطينية، وعدم إصلاح المنظمة هو الأصل في دوام الانقسام الجغرافي، وهو المشجع على التفرد بالقرار من قبل رئيس السلطة، ولن يتخلص الشعب الفلسطيني من هذه الحالة إلا بعقد الإطار القيادي لمنظمة التحرير، وإعادة صياغتها وفق طموحات الشعب.

بينما أجمع المشاركون في ورشة العمل بانعدام الرؤية الاستشرافية للتنظيمات، وغياب خطة العمال الكفيلة بالتخلص من هذه الحالة، وقد قفز حديث التنظيمات عن أهمية الزمن الكفيل بالتخلص من حالة التفرد بالقرار، وتدنى الفعل المقاوم للاحتلال في الضفة الغربية، وقد انتقد الحضور غياب خطة عمل تسهم في تخليص القرار الفلسطيني من التفرد، وتأخذ بيد الحلم الفلسطيني إلى أرض الواقع،  فالرؤية الاستشرافية لا تكتفي بتوصيف معالم المرحلة، وإنما تشق الدرب للمرحلة القادمة، وذلك بطرح برامح العمل، وتحديد الخطوات العملية الكفيلة بتحقيق حلم الشعب الفلسطيني في ملاقاة عدوهم صفاً واحداً.

كان حديث ممثلي التنظيمات الفلسطينية أقرب إلى الأمنية والرجاء لإعادة الاعتبار للمشروع الوطني، بما في ذلك إصلاح منظمة التحرير، التي رأى البعض أنها مختطفة من فريق أوسلو، وأن كل حوارات المصالحة كانت قاصرة، لأنها دارت في فلك أوسلو، ولم تبدأ من الأصل، وهو إصلاح منظمة التحرير، لتضم جميع التنظيمات الفاعلة ميدانياً، والتوافق على برنامج سياسي يعتمد المقاومة طريقاً لمواجهة المحتلين.

تميز اللقاء بسعة صدر ممثلي التنظيمات، وتقبلهم النقد والملاحظات، وتميز اللقاء بجرأة الطرح والنقد من قبل المشاركين، وقد اعترف بعض ممثلي التنظيمات بافتقادهم للرؤية السياسية الاستشرافية للمشهد الفلسطيني، وهذا الاعتراف الشفاف والصادق يحتم على كل القوى السياسية الفلسطينية، وعلى كل التنظيمات الفلسطينية المعنية بالنهوض بالواقع الفلسطيني، وعلى الساسة والمثقفين والمهتمين العلم على أخذ زمام المبادرة، والتعجل في عقد ورشات العمل، وتنظيم اللقاءات والندوات الهادفة إلى وضع الخطط المتكاملة والكفيلة بإنجاز مهمة إصلاح منظمة التحرير، كخطوة أولى على طريق النهوض بالحالة الفلسطينية، ودون ذلك، ستظل القضية الفلسطينية، وستظل القدرات الفلسطينية، وسيظل الحلم الفلسطيني أسيرا ًمقيداً بيد حفنة من الأشخاص الذين ارتبطت مصالحهم بأمن الاحتلال، ولا يشغل بالهم إلا سلامة المستوطنين الصهاينة، وهم الذين تعمدوا تغييب الفعل الميداني المؤثر في المشهد الفلسطيني.