الفلسطينيون والبحث عن فلول أوسلو 
تاريخ النشر : 2021-09-10 12:35

غطت عملية الهروب من سجن إسرائيلي الأكثر تحصيناً في العالم، على الجدل الداخلي الفلسطيني سياسياً واقتصادياً. فقبل العملية كانت حماس تطالب بما كانت تأخذه قبل المعركة الأخيرة من أموال ولو باتت مشروطة ومراقبة إسرائيلياً وتسهيلات في المعابر لإدخال مواد وبضائع،والبحر للصيد، أي أنها لم تحقق أي إنجاز. بينما أرسلت السلطة الفلسطينية مطالبها إلى الإدارة الأمريكية وهي إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس ومنح بطاقات هوية لخمسة الآف عائلة تقيم في الضفة وغزة،ومنح تصاريح عمل للعمال واستعادة أموال محتجزة لدى إسرائيل تم اقتطاعها بحجة أنها تذهب لعائلات الأسرى والشهداء، وتعديل بعض بنود اتفاق باريس الاقتصادي كاستيراد الغاز وغيره.

المطالب الأخيرة نقلها الأمريكيون إلى الإسرائيليين، وتولى وزير الحرب بيني جانتس الرد عليها في اجتماعه في مقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله في أول زيارة من نوعها لمسؤول في الحكومة الإسرائيلية الجديدة حيث إن رئيس الوزراء بينيت يرفض الاتصال بالفلسطينيين.

الوزير الإسرائيلي لبى كثيراً من المطالب لأنه يعلم أن الوضع إذا تفجر في الضفة لأسباب اقتصادية معيشية سيكون أسوأ بالنسبة للاحتلال، نظراً للتداخل بين اليهود والعرب. وما يطالب به الفلسطينيون سبق للإدارة الأمريكية أن أيدته وتضغط لتحقيقه، وهي مطالب من فلول أوسلو، بينما مطالب حماس من فلول اتفاق التهدئة السابق. فلا جديد في المطالب عملياً أي المطالبة بالماضي لإبقاء الوضع على ما هو عليه من حيث الهدوء. فالجبهة السياسية تبقى راكدة فلا حراك دولي حولها.

فالإدارة الأمريكية قبل كارثة الانسحاب الفوضوي من أفغانستان كانت أعلنت أنها لا تملك أفكاراً لدفع العملية السياسية بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وأنها ستعمل على جبهة تحسين مستوى المعيشة في غزة والضفة، وخلق ظروف من بناء الثقة ليس إلا. ذلك أن الأمريكيين يدركون أن الحكومة الإسرائيلية الحالية غير مؤهلة بتركيبتها اليمينية والوسطية على التقدم في المسار التفاوضي، لأن يمينها يرفض التفاوض بالمطلق، وهو يهدد بالانسحاب منها في حالة التوجه للمفاوضات.فهدف الائتلاف الحكومي الحالي هو التخلص من بنيامين نتنياهو فقط دون التخلص من فكره الاستيطاني اللاتفاوضي.

جانتس الذي يمثل الوسط في الحكومة له صلات حميمة مع الإدارة الأمريكية، واجتهد لتحسين العلاقة مع الأردن ومصر، وبالتالي كان مطالباً كوزير للحرب أن يذهب إلى رام الله بطلب أمريكي، لبحث المسائل العالقة.وأعاد ضخ الأموال المقتطعة وتم تصويرها وكأنها قرض، بينما هي محتجزة. وكان نتنياهو احتجز مبلغاً مماثلاً يساوي ما تدفعه السلطة لعائلات الأسرى والشهداء، لكنه اضطر قبل نهاية ولايته إلى صرفها للسلطة الفلسطينية.

الوزير الإسرائيلي وافق على تأجيل البت في إخلاء المقدسيين من حي الشيخ جراح، بينما كان حليفه وزير الخارجية لبيد يحاول إقناع نظيره الأمريكي بلينكن بالعكس، أي تقديم بديل سكني لأهالي الحي، وهو ما يرفضه السكان. وكذلك وافق الإسرائيليون على تأجيل إجلاء المجمع البدوي في الخان الأحمر، وتهدئة الوضع في بلدة بيتا التي فقدت عشرة من شبابها في صراعها مع قوات الاحتلال والمستوطنين على جبل صبيح، وأصيب 117 من أبنائها بعاهات نتيجة الرصاص، أغلبهم على عكازات حالياً. وتعهد جانتس بمنع المستوطنين من العودة للجبل مع بقاء قوات إسرائيلية مقابل تهدئة السكان.

وضع كهذا يبقى هشاً سياسياً، لذلك عقدت قمة القاهرة الثلاثية بين مصر والأردن وفلسطين لبحث الخطوة التالية، فمصر لها مصلحة أيضاً في خلق بيئة هادئة في غزة والضفة لتتمكن من الشروع في إعادة بناء ما دمره الاحتلال في الاعتداءات السابقة بعد أن استكملت إزالة الأنقاض. وتريد مصر تهدئة شاملة تتيح لها العمل، خاصة أنها أجهزت على الجماعات الإرهابية في سيناء ولم تبق هناك إلا مجموعات معزولة. بينما عانى الأردن سياسة نتنياهو وتجاوزه للدور الأردني بسبب معارضة الأردن لصفقة القرن، بينما يريد الأمريكيون حالياً أن يلعب الأردن دوراً مفصلياً في المنطقة. وعلى هذا الأساس تحاول القمة الثلاثية فتح ثغرة في الجمود السياسي للقضية الفلسطينية بتبني فكرة عقد مؤتمر دولي لحل القضية الفلسطينية على أسس مغايرة لما كان عليه الوضع في السابق، حيث احتكر الأمريكيون على مدى عقود دور الراعي المنحاز لإسرائيل، ولم يحققوا شيئاً إلا المزيد من الاستيطان والتطهير العرقي.

عن الخليج الإماراتية